logo
العالم العربي

إسرائيل تصعّد.. مشاريع استيطانية جديدة تغلق مسار الدولة الفلسطينية

التوسع الاستيطاني في الضفة الغربيةالمصدر: أ ف ب

تواصل إسرائيل تعزيز مشاريع استيطانية في الضفة الغربية من خلال توسيع مستوطنات قائمة، وتحويل بؤر استيطانية إلى كيانات رسمية، ومصادرة المزيد من الأراضي الفلسطينية، في خطوة تعكس واقعا جغرافيا وديموغرافيا جديدا على الأرض. 

أخبار ذات علاقة

يسرائيل كاتس وبتسلئيل سموتريتش

إسرائيل تقر بناء 19 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية

ويهدد تكثيف الاستيطان بمزيد من تقطيع أوصال مدن الضفة الغربية، بما يقتل فرصة إقامة دولة فلسطينية، ويقطع الطريق أمام تحويل الاعترافات التي نالتها فلسطين من دول العالم إلى واقع على الأرض.

أمر واقع

وقال المختص في شؤون الاستيطان سهيل خليلية، إن "النقاش بشأن المصادقة على مشروع 9000 وحدة استيطانية في القدس، والمشروع الإسرائيلي في إقامة 19 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية، وتسوية أوضاع 36 بؤرة استيطانية، يندرج ضمن سياسة تكريس الوقائع على الأرض، وليس توسيعا استثنائيا".

وأضاف خليلية لـ"إرم نيوز": "الميزانية المخصصة لهذه المشاريع تبلغ نحو 2.7 مليار شيكل (830 مليون دولار)، وتشمل بشكل أساسي تحويل بؤر قائمة إلى مستوطنات رسمية، وتوسيع مستوطنات قائمة أساسا، على أراضٍ سبق الاستيلاء عليها، ومن ثم فإن الجديد هو تثبيت وتقنين ما هو قائم فعليا".

وأشار إلى أن "الهدف من هذه الخطوة ليس فقط تعزيز الاستيطان، بل توجيه رسالة واضحة بأن المشروع الاستيطاني في الضفة سيستمر، حتى في ظل أي تسوية سياسية مستقبلية مع الفلسطينيين؛ ما يعني أن أي حل قادم يجب أن يأخذ بعين الاعتبار الوجود الاستيطاني كأمر واقع".

وقال خليلية: "إسرائيل لم تعد تتعامل مع المستوطنات كامتداد سياسي فقط، بل تسعى لتحويل مجلس المستوطنات في الضفة إلى كيان مستقل، بمثابة حكم ذاتي خاص بالمستوطنين؛ ما يعني تقسيم الضفة فعليا بين ما يمكن أن يُسمى دولة المستوطنين والدولة الفلسطينية المفترضة، في حال تم التوصل إلى حل سياسي."

وأوضح المختص في شؤون الاستيطان أن إسرائيل تسير باتجاه تأسيس قوة أمنية موازية داخل المستوطنات، بدعم حكومي مباشر، في سياق تشكيل نواة لما وصفها بـ"دولة المستوطنين" في الضفة الغربية.

وذكر خليلية أن "وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير منح المستوطنين أكثر من 200 ألف رخصة لحمل السلاح، ويشجع على استخدامه؛ ما يفتح الباب أمام تسليح منظم خارج نطاق الجيش الإسرائيلي، ليشكّل غطاءً أمنيًا للمشروع الاستيطاني."

وأشار خليلية إلى أن "هذا المسار يتقاطع مع خطة مدروسة لتقسيم الضفة الغربية جغرافيا، عبر إحاطتها بأحزمة استيطانية تفصل بين المناطق الفلسطينية، وتحولها إلى معازل منفصلة، قد يصل عددها إلى 5 أو 6، لا ترتبط ببعضها إلا عبر طرق وممرات خاضعة للسيطرة الإسرائيلية."

وأضاف: "التداعيات السياسية الأخطر لهذا المشهد هي ما يمثله من تقويض حقيقي لفكرة حل الدولتين"، لافتا إلى أن هذا المسار يُجهزُ فعليا على إمكانية قيام دولة فلسطينية متصلة جغرافياً في الضفة الغربية، ويضرب الأساس الذي توافق عليه المجتمع الدولي كحل للنزاع.

وقال خليلية إن "إسرائيل تسعى ليس فقط لضم أجزاء من الضفة، بل لاختراقها جغرافيا من الداخل، وقطع صلتها الجغرافية مع قطاع غزة؛ ما يعني أن المرحلة القادمة ستشهد طروحات جديدة حول شكل الدولة الفلسطينية الممكنة، وطبيعة أي تسوية مستقبلية مع إسرائيل".

وبحسب المختص في شؤون الاستيطان، فإنه في ظل هذه التحولات، تغيب أي مؤشرات على وجود نية إسرائيلية للانخراط في مسار سياسي جدي، مقابل سباق محموم مع الزمن لفرض أمر واقع قد يصعب تغييره مستقبلاً.

انغلاق سياسي

ومن جهته يرى المختص في الشأن الإسرائيلي مازن الجعبري، أن القرارات الأخيرة بشأن الاستيطان في الضفة الغربية، تأتي ضمن سلسلة قرارات أوسع تهدف إلى تعزيز المشروع الاستيطاني. 

أخبار ذات علاقة

مستوطنة في الضفة الغربية

إسرائيل تقر إنشاء 764 وحدة سكنية جديدة في مستوطنات الضفة

وقال الجعبري لـ"إرم نيوز": "في العام الحالي وحده قد يتجاوز عدد الوحدات الاستيطانية التي تمت المصادقة عليها أكثر من 30 ألفا".

وأوضح أن "حكومة اليمين الحالية، التي تضم وزراء من التيار الاستيطاني وعلى رأسهم بتسلئيل سموتريتش، تسعى إلى مصادرة أكبر مساحة ممكنة من الأراضي الفلسطينية، وتغيير الخريطة الديموغرافية والجيوسياسية في الضفة الغربية والقدس."

وأشار إلى أن "الخطوة لا تأتي في سياق ضم معلن للضفة، بل ضمن سياسة الاستيلاء الفعلي على الأرض وتوسيع المستوطنات، مع إبقاء الوضع القانوني دون تغيير، وذلك بهدف إحباط أي إمكانية مستقبلية لإقامة دولة فلسطينية".

وقال الجعبري: "الحكومة الإسرائيلية الحالية لا تؤمن بأي أفق سياسي أو تفاوضي مع الفلسطينيين، والكنيست الإسرائيلي أقر رسميا رفض إقامة دولة فلسطينية، وهناك إجماع سياسي تقريبًا داخل إسرائيل على ذلك".

وأضاف أن "الواقع على الأرض يشي بانغلاق سياسي كامل، وأن ما يجري من توسع استيطاني متسارع هو رسالة واضحة بأن المشروع الاستيطاني ماضٍ دون توقف، تحت غطاء حكومي ومالي وتشريعي كامل". 

أخبار ذات علاقة

أحد المواقع الأثرية في الضفة الغربية

مجلس المستوطنات يستغل موقعًا أثريًا لترسيخ "يهودا والسامرة" بدلًا من الضفة

وتابع الجعبري: "السياسات الإسرائيلية الحالية تهدف بشكل واضح إلى تقويض أي إمكانية لمحادثات سياسية جادة مع الفلسطينيين"، مشيرا إلى "أن إسرائيل تعمل على مصادرة الأراضي، وتوسيع المستوطنات، وبناء الجدران، كوسيلة لإغلاق الباب أمام إقامة كيان فلسطيني متواصل جغرافياً بين الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة."

وأوضح أن "الحكومة اليمينية لا ترى في المحادثات سوى مسار إداري أو إنساني، يتعلق فقط بالممرات أو تحسينات اقتصادية، دون أي نية أو استعداد لبحث ملفات الحل السياسي أو مستقبل الدولة الفلسطينية."

وقال الجعبري إن "الحكومة الإسرائيلية الحالية، والتي من المتوقع أن تبقى حتى انتخابات أكتوبر تشرين الأول المقبل، تسعى إلى كسب الوقت من أجل استكمال أكبر قدر ممكن من المشاريع الاستيطانية، لا سيما في القدس والضفة".

وأضاف: "هذا التحرك يهدف إلى إغلاق ملف الدولة الفلسطينية بشكل نهائي على الأرض، حتى لو ظلت المطالب السياسية قائمة على المستوى الدولي".

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC