قالت مصادر خاصة في مدينة جبلة الساحلية السورية، إن هجوما شنه مجهولون استهدف حاجزين لقوات الأمن العام المحيطة بقاعدة حميميم، ما تسبب بسقوط قتلى وجرحى في صفوف الأمن العام.
وكشف مصدران إعلامي وأهلي لـ "إرم نيوز" أن الهجومين نُفذا بين الثالثة والرابعة من فجر اليوم الثلاثاء، وأنه كان مدبرا بقصد إلهاء عناصر الأمن العام عن عملية إدخال لضباط في جيش النظام المخلوع إلى قاعدة حميميم .
ووفقا لمصادر سورية، ما زالت قاعدة حميميم توفر الحماية والملاذ الآمن لعدد من ضباط النظام السابق، بعد نقل عدد كبير منهم إلى روسيا، حيث بقي عدد آخر في القاعدة الجوية الروسية منذ سقوط نظام الأسد.
وذكرت المصادر أن قيادة الأمن العام والعمليات العسكرية في مدينة جبلة استشعرت أن يكون الاستهداف المتزامن للحاجزين المحيطين بقاعدة حميميم يهدف إلى إلهائها عن عملية (خروج أو دخول) لقيادات أو ضباط كبار من أو إلى قاعدة حميميم، فاستبقت الأمر وأرسلت طيرانها المسير.
وبحسب المصادر، بدأت جولة ثانية من القتال عندما اقترب الطيران المسير من قاعدة حميميم، حيث تعاملت المضادات الأرضية الروسية مع الطيران المسير التابع للجيش السوري، وأسقطت بعضه؛ ما أحدث انفجارات سمعت أصواتها في المنطقة المحيطة بقاعدة حميميم.
ورجحت المصادر، بأن تكون عملية دخول القيادات قد نجحت بالفعل، لأن الطيران المسير تم تحييده وإبعاده عن مطار حميميم، فيما الحواجز المحيطة بالمطار جرى استهدافها وإشغالها هي الأخرى.
الاحتكاك الأول
وهذه هي الحادثة الأولى من نوعها التي يجري فيها احتكاك مباشر بين الجيش السوري بقيادة هيئة تحرير الشام والقوات الروسية في مطار حميميم منذ دخول إدارة العمليات العسكرية بقيادة هيئة تحرير الشام إلى دمشق، وانتشارها في المحافظات السورية، بما فيها المناطق الساحلية، حيث تتواجد أهم قاعدتين للقوات الروسية.
وتأتي هذه الحادثة في وقت تتواصل الإشارات الإيجابية بين السلطات السورية والروسية، حيث تتفاوض موسكو ودمشق على شكل الوجود الروسي في سوريا.
وتسعى موسكو للحفاظ على وجود عسكري في قاعدتي حميميم الجوية وطرطوس البحرية، في سوريا، وهو ما يعد هدفا استراتيجيا بالنسبة للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين.
اتفاق وشيك
وفقا لوكالة بلومبرغ الأمريكية، فقد باتت موسكو قريبة من التوصل إلى اتفاق مع الحكومة السورية الجديدة، يسمح لها بالحفاظ على بعض الموظفين والمعدات العسكرية في سوريا.
وعلى الرغم من عدم وجود ضمانات بالتوصل إلى اتفاق نهائي، فإن الاتصال الهاتفي الأول من نوعه بين الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، ونظيره الروسي، فلاديمير بوتين، الأسبوع الماضي يعكس تقاربا متزايدا بين الجانبين.
ويمثل التقارب بين موسكو ودمشق مؤشرا على محاولات روسيا تحسين علاقاتها مع القيادة الجديدة في سوريا، بعد أن كان بشار الأسد يعتمد بشكل كامل على الدعم الروسي للبقاء في السلطة.
وتعد قاعدتا "طرطوس" و"حميميم" عنصرين أساسيين في الاستراتيجية الروسية؛ إذ تتيحان لموسكو تعزيز نفوذها في الشرق الأوسط وأفريقيا، ومن ثم، فإن خسارتهما ستكون بمثابة نكسة كبرى لروسيا.
وقبل ثلاثة أيام، قالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، إن العمل جارٍ مع دمشق بشأن الوجود العسكري الروسي في سوريا. وأضافت أن الاتصالات الروسية- السورية تهدف إلى "تجسيد الفرص الموجودة في مجال التعاون الثنائي بالمرحلة الحالية".
كما تجري مناقشة القضية المتعلقة بالوجود العسكري الروسي في سوريا بهذه المرحلة، وفق المتحدثة باسم الخارجية الروسية.
وامتنعت زاخاروفا عن تقديم معلومات إضافية حول المفاوضات بين دمشق وموسكو بشأن القواعد العسكرية، معللة ذلك بأن العمل ما زال جاريا.
وأبدت وزارة الدفاع السورية استعدادا للسماح لروسيا بالاحتفاظ بقواعدها الجوية والبحرية على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط، طالما أن أي اتفاق مع "الكرملين" يخدم مصالح البلاد.
وقال وزير الدفاع السوري، مرهف أبو قصرة، في 6 من شباط، إن موقف روسيا تجاه الحكومة السورية الجديدة "تحسن بشكل كبير" منذ سقوط الأسد في كانون الأول 2024، كما أن دمشق تدرس مطالب موسكو.
وليس من المعروف كيف ستؤثر الحادثة الأخيرة في "حميميم" ومحيطها على الجهود الروسية والمباحثات حول إبقاء القواعد الروسية في الساحل السوري، خاصة في ظل لعب القاعدة الروسية في حميميم دورا في تقديم الحماية والملاذ الآمن للعشرات من المسؤولين والعسكريين التابعين لنظام الأسد منذ سقوطه في الثامن من ديسمبر 2024 وحتى اليوم كما يظهر من حادثة اليوم.