مسيّرة تستهدف سيارة على طريق بلدة مركبا جنوبي لبنان
في تطوّر يُعيد إلى الواجهة واحدة من أقدم القضايا الإرهابية في التاريخ الفرنسي الحديث، أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس استعداده لتسليم الفلسطيني هشام حرب (المعروف أيضًا باسم محمود خضر عبيد) إلى فرنسا، بعد أكثر من 4 عقود على الهجوم الذي استهدف مطعم "جـو غولدنبرغ" في شارع روزييه بباريس العام 1982، وأسفر عن مقتل 6 أشخاص وإصابة 19 آخرين.
وأُعلن في 19 سبتمبر/ أيلول الماضي اعتقال هشام حرب في رام الله بالضفة الغربية، بعد صدور مذكرة توقيف دولية بحقه قبل 10 سنوات.
ويُعد حرب أحد 6 رجال أحيلوا نهاية يوليو/ تموز الماضي إلى محكمة الجنايات الخاصة في باريس بتهمة التورط في الاعتداء الذي نفّذه الكوماندوس المنتمي إلى “مجلس فتح الثوري” التابع لأبي نضال، الفصيل الفلسطيني المنشق عن منظمة التحرير.
ويبلغ حرب 70 عامًا، ويُشتبه في أنه المسؤول الميداني عن المجموعة المنفذة للهجوم. وتشير التحقيقات إلى أنه قاد العملية ميدانيًا وشارك في تحديد الأهداف والتخطيط اللوجستي، فيما كان محمد صهيب العباسي (المعروف باسم أمجد عطا) هو المخطط العام للهجوم.
وقال عباس إن الإجراءات القانونية لتسليم حرب "وصلت إلى مرحلتها النهائية"، مضيفًا أن "بعض التفاصيل التقنية فقط هي التي يجري إنهاؤها بالتنسيق بين السلطات المعنية في البلدين".
وأكد عباس أن السلطة الفلسطينية مستعدة لتسليم المطلوب، موضحًا أن "اعتراف فرنسا الرسمي بدولة فلسطين خلق إطارًا مناسبًا لتلبية هذا الطلب القضائي الفرنسي".
من جهتها قالت الرئاسة الفرنسية إنه "لا توجد عقبات قانونية تحول دون التسليم، بل فقط مسألة تتعلق بالترتيبات التنفيذية"، مشيرة إلى أن باريس تواصل التنسيق مع رام الله لإتمام العملية "في أسرع وقت ممكن".
ولأكثر من 3 عقود، ظلت قضية شارع روزييه غارقة في الغموض، رغم أنها كانت أخطر هجوم معادٍ لليهود في فرنسا منذ الحرب العالمية الثانية.
وبعد أعوام من التحقيقات المتعثرة، تمكن القاضي الفرنسي مارك تريفيديك العام 2007 من إعادة فتح الملف، واستطاع في 2008 تحديد هوية حرب بفضل شهادتين سريتين من عضوين سابقين في تنظيم أبي نضال، عرفا بـ"الشاهدين 93 و107"، أكدا أنه كان قائد المجموعة المنفذة على الأرض والمشرف على التنفيذ المباشر.
كما تعرّف عليه أحد الناجين من الهجوم، غي بناروس، الذي كان يبلغ 16 عامًا وقتها، مؤكداً أنه رآه يطلق النار عليه أثناء فراره من المكان.
وكشفت التحقيقات أن حرب كان قد عمل مدربًا على الأسلحة في معسكرات أبي نضال بسوريا، قبل أن يُعيّن مسؤولًا عن الإمدادات في أوروبا وآسيا.
وبيّنت التحريات أن حرب هو من استلم الأسلحة — رشاشات WZ-63 البولندية وقنابل يدوية — من مخبأ سري قبل تنفيذ الهجوم. وعُثر على هذه الأسلحة بعد أيام من الجريمة في غابة بولونيا غرب باريس، وهو ما ربط بين الاعتداء وتنظيم أبي نضال.
وأشارت الشهادات إلى أن حرب قاد الاستطلاع الميداني للموقع قبل أسبوعين من التنفيذ، متخفّيًا مع أحد رفاقه في هيئة "طالبين جامعيين".
وفي العام 2015، أصدر القاضي تريفيديك 3 مذكرات توقيف دولية بحق أعضاء الكوماندوس، من بينهم حرب، لكن السلطة الفلسطينية رفضت تسليمهم آنذاك بدعوى أن فلسطين ليست دولة معترفًا بها. إلا أن اعتراف فرنسا الرسمي بدولة فلسطين في سبتمبر/ أيلول 2025 غيّر المعادلة، وفتح الباب أمام التعاون القضائي بين البلدين.
ويُنظر إلى توقيت الاعتقال — الذي جاء قبل يومين فقط من الاعتراف الفرنسي — على أنه خطوة رمزية ذات دلالة سياسية كبيرة، تُظهر رغبة رام الله في تعزيز الثقة والتعاون مع باريس.
وقال يوهان تاييب، المتحدث باسم ضحايا الهجوم، إن إعلان التسليم يمثل "ارتياحًا حقيقيًا لعائلات الضحايا بعد أكثر من 40 عامًا من الانتظار"، مضيفًا أن حرب "لعب دورًا أساسيًا في هذه المجزرة، ويجب أن يُحاكم في فرنسا".
ولم تُحدد بعد موعد جلسة محاكمته أمام محكمة الجنايات الخاصة في باريس، كما لم تؤكد السلطات القضائية الفرنسية رسميًا تاريخ تسليمه.