مسيّرة تستهدف سيارة على طريق بلدة مركبا جنوبي لبنان
تدخل العملية السياسية في العراق منعطفاً حاسماً، مع شروع القوى الشيعية الفائزة في الانتخابات بفتح واحد من أعقد الملفات المرتبطة بتشكيل الحكومة المقبلة، وهو ملف "الحشد الشعبي" وسلاح الميليشيات المقرّبة من طهران.
يأتي ذلك، في ظل تداخل حساس بين حسابات بغداد، ورقابة طهران، وشروط أمريكية تربط أي تفاهم سياسي بإنهاء ما تصفه واشنطن بـ"مصادر الخطر".
وفي اللحظة التي تتحرك فيها مشاورات "الإطار التنسيقي" لتسمية رئيس الحكومة وكتابة البرنامج السياسي، عاد الحديث بقوة عن إمكانية معالجة ازدواج السلاح، ولو على مراحل، تماشياً مع الضغوط الإقليمية والدولية المتصاعدة.
وإحياء الجدل جاء بعد التصريحات الأخيرة لرئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي خلال زيارته إلى أربيل، حين أكد أن "الفصائل المسلحة لديها الرغبة في الاندماج بالدولة وتسليم سلاحها الثقيل"، مشدداً على أن "العراق لا يريد أن يكون جزءاً من المواجهة بين إيران والولايات المتحدة، بل يسعى للعب دور الوسيط".
حديث المالكي أثار ردوداً متباينة داخل الأوساط السياسية والفصائلية، واعتُبر خطوة لإعادة وضع الملف على طاولة المشاورات الحالية الخاصة بالحكومة المقبلة.
في المقابل، سارعت ميليشيا النجباء إلى نفي وجود أي نقاش حول سحب السلاح أو تقليصه، مؤكدة أن ما طرحه المالكي "يعبر عن رؤية شخصية".
ويؤكد سياسيون أن تصريحات المالكي ورد النجباء أعادا النقاش إلى دائرة أوسع داخل الأجواء السياسية، حيث تُبحث مقترحات تتراوح بين الدمج التدريجي، أو تقليص أعداد بعض الوحدات، أو إعادة هيكلة المواقع القيادية داخل الحشد، شرط أن تحظى أي خطوة بضوء أخضر من طهران.
بدوره، قال الباحث السياسي عبدالغني الغضبان إن "نتائج الانتخابات التي أفرزت صعود عشرات الشخصيات المرتبطة بالحشد والفصائل، جعلت من الصعب تمرير أي قرار يصطدم بهذا الملف، لأن البرلمان الجديد يمتلك اليوم كتلة مؤثرة ستقف بوجه أي محاولة سريعة لحل الفصائل أو تغيير مكانة الحشد".
وأضاف الغضبان لـ"إرم نيوز" أن "الضغوط الأمريكية لا تزال مؤثرة، سواء على الحكومة الحالية أو تلك التي يجري التفاوض على تشكيلها، إذ تصر واشنطن على معالجة ملف الفصائل، وربما دفعه باتجاه الاندماج أو التسليم التدريجي للسلاح، فيما تبقى الكلمة الفصل لإيران التي تستخدم هذا الملف كورقة تفاوض إقليمية".
وبينما تواصل القوى الشيعية بحث مسار الحكومة المقبلة، تستعيد النقاشات تجارب سابقة لدمج بعض التشكيلات ضمن المؤسسات الرسمية، كما حدث مع منظمة بدر، لكن الواقع الحالي يبدو أكثر تعقيداً بفعل تعدد الفصائل واختلاف ارتباطاتها السياسية والأمنية.
وتشير قراءات سياسية، إلى أن أي مقاربة جديدة ستكون على الأرجح مزيجاً من عدة مسارات، دمج جزئي، وتقليص في العدد، أو وضع وحدات معينة بإمرة القائد العام مباشرة، بما يخفف من تعدد مراكز القرار داخل الهيئة.
ووفق خبراء، فإن هذا التعقيد يتضاعف بفعل ضغوط أميركية تسعى إلى ضمان "تحييد السلاح النوعي" وتقييد مصادر التمويل التي تقول واشنطن إنها تُستغل خارج إطار الدولة.
بدوره، قال الخبير الأمني كمال الطائي إن "الحديث عن تنظيم السلاح لا يمكن فصله عن مسار تشكيل الحكومة، لأن أي رئيس مقبل سيجد نفسه أمام ملف ثقيل يضغط على السيادة وعلى علاقة العراق بجيرانه وبالولايات المتحدة".
وأضاف لـ"إرم نيوز" أن "المقاربة الواقعية ستكون تدريجية، تبدأ بتقليص نفوذ الفصائل داخل بعض المؤسسات وإعادة ضبط انتشار الوحدات، من دون الذهاب إلى صدام مباشر، وبما يسمح بانتقال آمن للمرحلة السياسية المقبلة".
وتجري هذه التطورات فيما تتحدث جهات داخل العملية السياسية عن قناعة تتبلور تدريجياً بأن استمرار الحشد بوضعه الحالي بات يمثل جزءاً من الصراع الداخلي، وأن إعادة هيكلته قد تكون ضرورة لضمان استقرار الحكومة المقبلة ومنع تفكك التوازنات داخل البيت الشيعي.