قال الدبلوماسي الإيراني البارز وعضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان حسن قشقاوي، إن حزب الله يمر الآن بمرحلة صعبة عقب اغتيال القيادي البارز في الميليشيا هيثم علي طبطبائي في الضاحية الجنوبية لبيروت.
وأضاف قشقاوي في حوار مع "إرم نيوز"، أن استهداف شخصية بوزن هيثم علي طبطبائي لا يُعد عملية "اغتيال عادية" في قاموس الصراع، بل هو حدث يحمل طبقات عميقة من الدلالات الاستراتيجية تمسّ مباشرة بنية حزب الله و خططه.
ولفت إلى أن "الوصول إلى شخصية بهذا المستوى، داخل أكثر منطقة مؤمّنة في لبنان (الضاحية)، يوجّه رسالة قاسية وصعبة"، منوهاً أن هذا الاغتيال وضع ميليشيا حزب الله في مرحلة صعبة قد تدفعها إلى الحرب والمواجهة مع إسرائيل.
وفيما يلي نص الحوار:
هي ضربة مباشرة لـ"غرف القيادة العليا"، وطبطبائي ليس قائداً ميدانياً عادياً؛ بل أحد مصمّمي العقيدة القتالية للحزب، ومسؤول عن ملفّات حساسة تتعلق بتطوير الوحدات الخاصة والوحدات التي تعمل خارج الحدود.
طبطبائي هو حلقة وصل أساسية بين الحرس الثوري الإيراني وقيادة ميليشيا حزب الله، واغتياله يعني أن إسرائيل نجحت في إصابة رأس هرميّ حساس ضمن بنية تشكّل العمود الفقري لقوة الحزب.
وهذه العملية هي تهديد لقدرة الميليشيا على إدارة "حرب متعددة الجبهات"، وكان طبطبائي جزءاً من مطبخ التخطيط العملياتي للحزب في حال اندلاع حرب واسعة، بما في ذلك "إدارة الضاحية والجنوب في حالة اجتياح، وتنسيق عمليات الردع الصاروخي، وإدارة الجبهات الخارجية المرتبطة بسوريا أو العراق، واستهدافه يخلق فراغاً عملياتياً يصعب تعويضه سريعاً، حتى لو كانت البدائل جاهزة".
الوصول إلى شخصية بهذا المستوى، داخل أكثر منطقة مؤمّنة في لبنان (الضاحية)، يوجّه رسالة قاسية وصعبة، لكن ذلك لا يؤثر على مسار وخطط إيران وتنسيقها مع قيادة حزب الله، فاغتيال كبار القادة ومن بينهم الأمين العام السابق حسن نصر الله لم يؤثر على هذه الخطط والتنسيق، صحيح أنها كانت ضربة موجعة لكافة أعضاء محور المقاومة (إيران وحلفائها)، لكن بالتالي المشاريع لا تنتهي بغياب أو فقدان الأشخاص رغم تأثيرهم.
هذه العملية أكد أنها اختبار لمدى صبر طهران وحلفائها بعد الحرب الأخيرة التي استمرت 12 يوماً، إيران خلال السنوات الماضية مارست ضبط نفس محسوباً لتجنب حرب واسعة، لكن اغتيال بهذه الدرجة اعتقد سيجعل الجميع يراجع خططه ومواقفه.
التأثير المباشر محدود لكن التأثير الاستراتيجي قائم، وإيران بنت منظومتها الإقليمية بحيث تكون قابلة للتعويض في حال اغتيال أي قائد، مهما كان وزنه.
اغتيال طبطبائي قد يؤخر بعض الخطط، ويجبر إيران وحزب الله على إعادة توزيع الأدوار، وربما تعديل الاستراتيجية في لبنان على المدى المتوسط، والتأثير الأكبر يتعلق بـ"رد الفعل" وليس الاغتيال نفسه، لكن إيران لن تغيّر مشروعها الإقليمي بسبب اغتيال فرد واحد، مهما كان وزنه، بل ستعيد إدارة الإيقاع وليس تغيير المسار.
هذه العملية هي الأخطر منذ عام تقريباً. إسرائيل لم تتوقف يوماً عن الاغتيالات والهجمات داخل لبنان، لكنها الآن اختارت استهداف الرجل الثاني في الحزب. هذا يؤكد أن وقف إطلاق النار عملياً من طرف واحد ولا يحمل أي التزامات إسرائيلية.
وإسرائيل تعتقد أنها لم تحسم أي جبهة؛ لا غزة، ولا إيران، ولا سوريا. لذلك فهي مستمرة في حالة حرب مفتوحة، تختلف في شدتها وأشكالها. حتى استئناف الحرب مع إيران هو مسألة وقت فقط.
هذا القرار بيد قيادة حزب الله، ونحن نعرف أن الحزب يتبع سياسة ضبط النفس منذ عام. لكن اغتيال طبطبائي يضعه أمام قرار حقيقي، فالضغوط في صفوفه الداخلية خاصة من الجناح العسكري للمطالبة بالرد تتصاعد.
إذا ردّ حزب الله، فهناك احتمال كبير لاندلاع حرب مدمرة واسعة. إسرائيل ستسعى لتكرار نموذج غزة، ضرب الضاحية والجنوب بشكل غير مسبوق، استهداف البنى التحتية في عموم لبنان، وخلق ضغط داخلي كبير ضد الحزب، وقد يواجه الحزب هجوماً داخل لبنان أيضاً، على عكس وضع حركة حماس في غزة.
وعدم الرد يعني أن إسرائيل ستواصل استهداف قيادات الحزب حتى النهاية. وهو سيناريو محفوف بالخطر وقد يُنظر إليه كـ"قبول ضمني" بفرض الأمر الواقع.
وإسرائيل قد ترى الفرصة سانحة لشن حرب استباقية، خصوصاً في ظل هشاشة الوضع الإقليمي، وفي حال بدأت، سيكون على حزب الله خوض المعركة سواء أراد أم لا.