حذر محمد الحسان، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، من مخاطر تفشي الفساد وغياب المحاسبة في البلاد، مؤكداً أن هذه الظاهرة تهدد استقرار المجتمع والدولة.
وقال الحسان في كلمة له خلال مؤتمر مكافحة الفساد الذي عُقد في جامعة وارث الأنبياء في محافظة كربلاء، إن "محاربة الفساد مسؤولية دينية وأخلاقية، فالمجتمعات الفاسدة لا تقوم لها قائمة".
وأضاف أن بعثة الأمم المتحدة في العراق عملت خلال السنوات الماضية على وضع برامج واضحة لمكافحة الفساد، وسعت إلى تعزيز قدرات الهيئات الرقابية في مجالي التحقق والشفافية".
وأوضح أن البعثة وضعت "نظماً وأسساً إذا ما طُبقت، فستسهم في ترسيخ قضاء نزيه ومستقل وخالٍ من الفساد"، مشيراً إلى أن خطر الفساد لا يقتصر على السياسة فحسب، بل يمتد ليشمل البعد الأخلاقي والمالي والإداري والقضائي.
وختم المسؤول الأممي حديثه بالتأكيد على ضرورة "تعزيز معايير النزاهة واستقلال القضاء والشفافية ومحاسبة الفاسدين دون انتقائية"، داعياً جميع الأطراف إلى التحلي بالمسؤولية حفاظاً على مسيرة العراق.
ويأتي هذا التحذير في وقت تشير فيه أحدث المؤشرات الدولية إلى أن العراق سجل تحسناً محدوداً في ترتيب مؤشر مدركات الفساد لعام 2024، إذ ارتفع ترتيبه إلى 140 من أصل 180 دولة بعدما حصل على 26 نقطة من أصل 100، لكنّه ما زال بين أكثر عشر دول عربية فساداً.
وتُظهر تقارير الأمم المتحدة أن الفترة بين 2023 و2024 شهدت ارتفاعاً في إصدار الأحكام القضائية بقضايا الفساد الكبرى، بينها ملفات مثل "سرقة القرن"، فيما يقدّر البنك الدولي أن العراق يخسر نحو 8 إلى 10 مليارات دولار سنوياً نتيجة الفساد المالي والإداري.
كما تكشف تقارير محلية أن عائدات المنافذ الحدودية وحدها تشهد هدراً يقارب 3 تريليونات دينار عراقي سنوياً، أي ما يعادل أكثر من ملياري دولار، بسبب التهريب وضعف الرقابة.
وبينما أطلقت الحكومة العراقية إستراتيجية وطنية لمكافحة الفساد للفترة 2021 – 2024، فإن منظمات المجتمع المدني والجهات الرقابية تشير إلى استمرار ضعف التنفيذ، وتسييس التعيينات، وانعدام الشفافية، الأمر الذي يجعل مكافحة هذه الظاهرة واحدا من أعقد التحديات التي تواجه البلاد في المرحلة الراهنة.