حذّر مايكل ميلشتاين، المسؤول السابق في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية والمتخصص في الشؤون الفلسطينية، من خطورة الخطط العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، مشيرا إلى أنها ستجر تل أبيب إلى حرب استنزاف طويلة الأمد كما حدث للقوات الأمريكية في العراق.
وتسعى القوات الإسرائيلية إلى نقل ما يقرب من مليون شخص من مدينة غزة، في خطوةٍ تهدف إلى تفريغ المناطق الحضرية، لكن سكان المدينة يجدون أنفسهم في مواجهةٍ صعبة بين المخاطر المحتملة للانتقال إلى مخيمٍ ضخمٍ جديد أو البقاء في منازلهم وسط القصف.
وقال ميلشتاين، الباحث في جامعة تل أبيب، بحسب ما نشرته صحيفة "واشنطن بوست"، إن اتصالاته في مدينة غزة أعربت عن رفضها الانتقال إلى مناطق وسط المواصي، حيث لا توجد بنية تحتية أو خدمات ضرورية مثل الصرف الصحي والرعاية الطبية، وأضاف: "يقولون لي: لا نريد الذهاب إلى الأماكن التي توجهوننا إليها، لا يُمكن وضع 1.6 مليون فلسطيني هناك، هذا جنون".
وأشار إلى أن التقدُّم الإسرائيلي نحو مدينة غزة قد يؤدي إلى سقوط مزيدٍ من القتلى من الجنود الإسرائيليين والمدنيين الفلسطينيين، وإلى مواجهةٍ طويلة أشبه بما حدث للولايات المتحدة في العراق.
وتابع قائلاً: "هناك ما بين 800 ألف إلى مليون شخص في غزة، وإذا رفض 5% فقط من السكان مغادرة منازلهم، فماذا سيكون رد فعل الجيش الإسرائيلي؟ سنكتشف وجود فجوة كبيرة بين الخطط النظرية والواقع".
وجاء في التقرير أنه كلَّما بدأت أحياء زيطون وشجاعية وصفطاوي ومدينة جباليا المجاورة بالفعل في إفراغ السكان، فإن وزارة الداخلية التابعة لحركة حماس سُرعان ما تحُثُّ المواطنين على "عدم الانصياع لتهديدات وابتزاز الاحتلال" والبقاء في منازلهم لأطول فترة ممكنة.
وأثار الهجوم على غزة، جدلاً واسعًا داخل إسرائيل، وأدَّى إلى احتجاجاتٍ كبيرة في تل أبيب؛ إذ بينما يدعم عديدٌ من حلفاء رئيس الوزراء نتنياهو من اليمين العملية العسكرية، معتبرين أنها ستؤدي إلى هزيمة حماس أو السيطرة طويلة المدى على قطاع غزة، في المقابل، يفضل مسؤولون إسرائيليون، بمن فيهم القائد الأعلى للجيش، التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتأمين إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزة.
وذكرت مصادر أنه ومع تصاعد عمليات الإخلاء هذا الأسبوع، أعلن الجيش الإسرائيلي عن تسريع بناء خط أنابيب جديد لضخ مياه نظيفة من مصر إلى المواصي لتزويد 600 ألف شخص يوميًّا بالمياه، إضافة إلى إعداد مركز جديد لتوزيع المساعدات على طول الساحل، تديره مؤسسة غزة الإنسانية المدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل.
وقال المسؤولون إن الموقع الجديد، المكوَّن من ساحات كبيرة مفصولة بجدران واقية من الانفجارات، قادر على استقبال شحنات المساعدات على مدار الساعة وتوزيعها بشكل منظم لتقليل الازدحام والهرج مقارنة بالمواقع القائمة.
من جهته أوضح هاريل كنافو، وهو جنرال إسرائيلي متقاعد عمل مؤخرًا في غزة، أن وحدة "إخلاء السكان" قضَت عشر سنوات في رصد المباني في كلِّ شارع وجمع أرقام هواتف السكان والشركات، وأضاف أن الجيش يستخدم مكالمات هاتفية، ورسائل عبر مكبرات الصوت على الدبابات، وطائرات الدرون لتوجيه السكان إلى المغادرة، يليها توزيع منشورات، وإذا لم تنجح هذه الوسائل، يتم إطلاق النار على جدران المباني أو على الحقول الفارغة عادةً دون المدنيين.
وقال كنافو: "إذا سمع الناس إطلاق النار، سيفهمون أننا قريبون وأن الوقت ينفد، لكن أيَّ خطوةٍ نتخذها لا تهدف لإلحاق الأذى بالناس، بينما تفعل حماس العكس، بتهديد السكان وحتى إطلاق النار عليهم إذا حاولوا المغادرة"، على حد تعبيره.