برز "عامل الوقت" كمؤشر شديد الأهمية والحساسية في مواقف كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مؤخرا، عقب إعلان حركة حماس قبول الخطة الأمريكية لإنهاء حرب غزة.
وطغى الحديث عن تسريع مراحل تنفيذ الخطة على تصريحات الرجلين، إدراكا منهما بأهمية "عامل الوقت" في تحقيق الهدف المنشود، والذي غلفه نتنياهو وترامب بلهجة تهديدية تجاه حركة حماس وتحذيرها من التلكؤ.
ويعي الرجلان أن إضاعة الوقت في بحث التفاصيل تحرمهما من جني الإنجاز الأبرز لكل منهما، والمتمثل في وقف الحرب، والذي سيكون عنوانه تقويض "حماس" سياسيا وعسكريا، إضافةً إلى المكاسب المتفرعة عنه.
ويأمل نتنياهو، الذي تكبله قيود اليمين المتطرف، في تحقيق "نصر مطلق" يضمن إعادة الأسرى؛ ما يهدئ حرارة الداخل ويمد في بقائه السياسي، في حين تركز طموحات ترامب على الفوز بجائزة "نوبل للسلام"، التي يسعى للحصول عليها بإصرار.
وعبر ترامب عن ذلك في عدة تصريحات ومواقف نُشرت عبر منصته الخاصة للتواصل الاجتماعي "تروث سوشال"، جميعها مغلفة بالتهديد والوعيد لحركة "حماس" من أي تأخير.
ورأى موقع "بوليتيكو" الأمريكي، في تقرير له، أن ترامب يبدو عازما على الوفاء بوعوده بإنهاء الحرب وإعادة الأسرى قبل يوم الثلاثاء، مع حلول الذكرى الثانية لهجوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول، ويُحظى اقتراحه الذي كشف عنه الأسبوع الماضي بدعم دولي واسع النطاق.
وأضاف التقرير أن "حماس"، التي أعلنت استعدادها لإطلاق سراح الأسرى وتسليم الحكم لفلسطينيين آخرين، قالت إن جوانب أخرى من الخطة تتطلب مزيدا من المشاورات، ولم يتطرق بيانها إلى مسألة نزع السلاح، وهو جزء أساسي من الاتفاق.
وقال ترامب عبر منصته للتواصل الاجتماعي: "بعد مفاوضات، وافقت إسرائيل على خط الانسحاب الأولي، الذي أطلعنا حماس عليه وشاركناه معها. عندما تؤكد حماس ذلك، سيدخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ فورًا، وسيبدأ تبادل الأسرى".
وأضاف: "بعد ذلك سنقوم بتهيئة الظروف لبدء تنفيذ المرحلة التالية من الانسحاب الإسرائيلي ووقف الحرب، والتي ستقربنا من نهاية هذه الكارثة التي استمرت 3000 عام".
وفي تصريح آخر قال ترامب: "على حماس التحرك بسرعة، وإلا ستفشل كل التوقعات. لن أتسامح مع التأخير، الذي يعتقد الكثيرون أنه سيحدث، أو مع أي نتيجة تُشكل فيها غزة تهديدا مجددا".
بدوره، قال نتنياهو إنه يأمل في الإعلان عن إطلاق سراح جميع الرهائن من غزة "في الأيام المقبلة"، فيما تستمر المحادثات غير المباشرة مع حماس في مصر بشأن خطة أمريكية جديدة لإنهاء الحرب.
ورغم إعلان إسرائيل و"حماس" قبول خطة ترامب بشكل مبدئي، إلا أن التلميحات بوجود نقاط خلاف مهمة كانت بارزة، إذ جاء قبول "حماس" مصحوبًا بتحذيرات بشأن الجدول الزمني لانسحاب إسرائيل وضمانات إنهاء الحرب.
وتسلط التحفظات التي أعربت عنها الأطراف المتحاربة والوضع غير الواضح على الأرض الضوء على هشاشة استكمال وتنفيذ خطة ترامب المكونة من 20 نقطة، وفق صحيفة "وول ستريت جورنال".
وقال نتنياهو يوم السبت: "آمل أن نتمكن، خلال الأيام المقبلة، وبالتزامن مع عيد العرش، من الإعلان عن عودة جميع أسرانا، أحياءً وأمواتًا، دفعة واحدة، بينما يبقى جيش الدفاع الإسرائيلي متغلغلًا في عمق القطاع".
وفي بيان مقتضب صدر السبت، أشار نتنياهو إلى أنه أرسل وفدا إلى مصر "لإنهاء التفاصيل الفنية"، مضيفا: "هدفنا هو احتواء هذه المفاوضات في إطار زمني لا يتجاوز بضعة أيام".
ونقل "بوليتيكو" عن الجنرال الإسرائيلي المتقاعد أمير أفيف، رئيس "منتدى الدفاع والأمن"، قوله: "في حين تستطيع إسرائيل أن تتحمل وقف إطلاق النار لبضعة أيام في غزة حتى يتسنى إطلاق سراح الرهائن، فإنها ستستأنف هجومها إذا لم تقم حماس بإلقاء سلاحها".
وقال عوديد إيلام، الباحث في "مركز القدس للأمن والشؤون الخارجية": "خطاب (نعم، ولكن) يعيد ببساطة صياغة المطالب القديمة بلغة أكثر ليونة، ويعد ستارا دخانيا أكثر منه إشارة إلى تحرك حقيقي نحو الحل".