منذ تولّي الإدارة السورية الجديدة زمام الأمور بعد سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد، مطلع ديسمبر الماضي، بدأت إسرائيل بعمليات التوغل والانتشار في الداخل السوري، كما تبعتها تصريحات هجومية لاذعة وتهديدات للإدارة الجديدة ورئيسها أحمد الشرع، الأمر الذي أثار تساؤلات عدة حول المآرب الإسرائيلية من هذا التصعيد الميداني والدبلوماسي.
وفي أحدث تطور، تقدمت القوات الإسرائيلية، فجر اليوم الأحد، في ريف محافظة درعا الغربي ودخلت قرية جملة وصيصون، تبعاً لما أورده موقع "درعا 24" الميداني من المنطقة.
كما توغلت قوة إسرائيلية في قرية رسم الحلبي في ريف القنيطرة وأجرت عمليات تجريف ثم انسحبت.
ومنذ سقوط نظام الأسد، احتلت القوات الإسرائيلية أكثر من 600كم2، خارج المنطقة العازلة.
كما قامت طائراتها بمئات الغارات على مواقع شملت جميع الاراضي السورية، قصفت خلالها المطارات والمواقع العسكرية، ودمرت معظم الأسلحة المتواجدة فيها.
ورغم أنَّ الحكومة السورية، أكدت التزامها باتفاقية المنطقة العازلة 1974، فإنَّ إسرائيل لم توقف تصريحاتها الإعلامية المستفزة، ولا سلوكها العسكري على الأرض، حيث احتلت مساحات واسعة من الأراضي، مدعية حماية الأقليات، وضمان أمن حدودها، كما استهدفت قوات الجيش السوري في الجنوب.
وتحاول إسرائيل التذرع بحماية الدروز في المنطقة الجنوبية، رغم خروج أهالي المنطقة بتظاهرات ترفض التدخل الإسرائيلي.
كما تعمل تل أبيب على مدّ علاقاتها مع قوات سوريا الديمقراطية قسد، في شمال شرق سوريا، وتكتب الصحافة الإسرائيلية يومياً، بأن سوريا المفتتة والضعيفة، هي المناسبة لإسرائيل.
وقبل يومين، هاجم وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، الإدارة السورية الجديدة، عبر هيئة البث العبرية الرسمية، وقال: "إن الإدارة السورية الجديدة "عصابة إرهابية كانت في إدلب، وسيطرت على العاصمة دمشق".
ويقول المحلل السياسي عزام شعث، إن سلوك إسرائيل التوسعي لم يتغير خلالها تاريخها منذ العام 1948، حيث يعتبر الوضع، الآن، في سوريا، فرصة لاحتلال المزيد من الأراضي، التي تحتوي ثروات مائية، ونقاطاً عسكرية إستراتيجية.
ويضيف شعث لـ"إرم نيوز": "نشرت إسرائيل، عدة مرات، خريطة تبين تقسيم سوريا، ومن ضمنها يظهر ممر داوود الذي تطمح إلى إنشائه، وهو يمتد كقوس من الجنوب السوري، ثم يلتف عبر البادية وصولاً إلى شمال شرق سوريا".
ويرى شعث، أن استيلاء إسرائيل على هذا الممر، يعني قطع الحدود السورية العراقية، وفتح ممر تجاري يعود عليها بالكثير من العائدات الاقتصادية.
المحلل السياسي مازن بلال، أكد أن البعد الإستراتيجي في المنطقة سيدفع إسرائيل لمهاجمة الإدارة الجديدة عسكرياً وسياسياً بشكل دائم حتى تحقق أطماعها.
ويضيف بلال لـ"إرم نيوز": "التنافس التركي الإسرائيلي في السيطرة على سوريا واضح، وقد صرحت إسرائيل أكثر من مرة بأن النفوذ التركي بالقرب منها في الأراضي السورية، يشكل خطراً على أمنها القومي".
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قد أدلى بتصريح شديد تجاه إسرائيل، دون ذكرها بالاسم، وقال أردوغان: "لن نسمح بتقسيم سوريا كما يتصورون".
ووفق بلال، فإن انعدام الأفق السياسي في سوريا، يشجع الأطراف الخارجية على التدخل، مستفيدة من التناقضات الحاصلة.
ويتابع: "إن التوصل إلى اتفاق بين الإدارة السورية وقوات سوريا الديمقراطية، يمكن أن يضع حداً للأطماع الإسرائيلية، وهو ما ينطبق أيضاً على مدينة السويداء".
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قد هدد الإدارة السورية الجديدة، بعد الاضطرابات التي حصلت في مدينة جرمانا ذات الأغلبية الدرزية، والواقعة على تخوم دمشق، بالتدخل لإيذائها إذا ما قامت بإيذاء الدروز.
ويرى المحلل شعث، أن اسرائيل تلعب على وتر التناقضات الطائفية والسياسية الحاصلة في سوريا، حيث تدخلت في أحداث الساحل مؤخراً، على لسان وزير دفاعها عندما قال: "إن القوات الحكومية ترتكب فظائع ضد المدنيين العلويين".
وذكر شعث بتصريح كاتس حول الجنوب السوري والسكان الدروز، حيث تعهد بحمايتهم، مؤكداً بأن "من يمسّهم سيدفع الثمن" كما قال.
ويبدو أن ما تطلبه إسرائيل من سوريا، لا يمكن للإدارة الجديدة تحمله أو تحقيقه، كما يقول شعث، وفي مقدمة ذلك احتلال المزيد من الأراضي، وبث الفرقة الداخلية من أجل استغلالها كذريعة للتدخل، في مواجهة ما تعتبره نفوذاً تركياً يشكل خطراً عليها.