مع اشتداد وتيرة المعارك في شمال سوريا، وتحديدًا في ريف حلب الغربي، بين فصائل المعارضة السورية المسلحة، والقوات الحكومية السورية، تثار مخاوف من توسع رقعة المعارك في مختلف المناطق السورية، فيما يقول سياسي سوري إن الهجوم الذي تزامن مع بدء هدنة لبنان يهدف إلى "زعزعة استقرار سوريا وضرب تعافيها".
ويؤكد طارق الأحمد، عضو المكتب السياسي في "الحزب السوري القومي الاجتماعي"، لـ"إرم نيوز"، أنه "مطلوب من الحكومة السورية أن تعيد الأمن والأمان إلى الطرق والقرى، بضرب الإرهاب في كل مكان، وتنظيف المناطق من الإرهابيين".
ويشير الأحمد إلى أن "حلب هي قلب سوريا، ولا يمكن القبول بأن تبقى عرضة للتهديد من قيل الإرهاب"، وفقًا لتعبيره.
وتاليًا نصّ الحوار مع السياسي السوري طارق الأحمد:
برأيك، ما أسباب هذا الهجوم المفاجئ من قبل المعارضة المسلحة على حلب؟ وماذا بشأن التوقيت الذي تزامن مع بدء هدنة لبنان؟
نعم، فعلاً، الهجوم تزامن مع هدنة لبنان، وهذا يعني أن إسرائيل ليست بعيدة عن المجموعات الإرهابية، ولعل غرض الهجوم على سوريا هو تحقيق المشروع الإسرائيلي الذي يسعى لأن تكون الكيانات المحيطة بإسرائيل ضعيفة، ولا بأس إن كانت إمارات إسلاموية، كما حدث ذلك في سوريا في عدة مناطق قبل أن تتحرر.
الأمر لا يتعلق بـ"الدولة السورية" أو بـ"شكل الحكم"؛ هل هو موالٍ للغرب أم بعيد عنه؛ فالدولة السورية والرئيس شخصيًا كان يتمتع بأفضل العلاقات مع الغرب، لا يوجد ملامح ما قبل 2011 بأن الدولة السورية كانت معادية للغرب.
أعزو المشروع كله بأن الهدف الإسرائيلي الواضح هو تفتيت كل الكيانات الكبيرة، وهذا الأمر سيطال كل الدول الكبيرة والقوية، بغض النظر عن توجهها السياسي وعلاقاتها بالغرب، فإسرائيل لن تقبل دولاً قوية، وترفض المعافاة في لبنان من خلال الهدنة، وكذللك استعادة سوريا وتعافيها يُحبط المشروع الإسرائيلي.
ما الذي يعنيه تمكّن الفصائل السورية المعارضة من الاقتراب من مدينة حلب أو حتى الاقتراب من السيطرة عليها؟
هذا الهجوم شنّته المجموعات الإرهابية المسلحة، إذ لا يمكننا اعتبارها معارضة، لأن المعارضة تكون سياسية، أما تلك القوات المسلحة فهي إما متمردة أو خليط من المجموعات الإرهابية المدعومة من الخارج.
علميًا وبشكل أدق، المنطقة من شمال غربي سوريا إلى ريف حلب وما حولها شاسعة، وتحوي عناصر "تركستان"، ومن غرب الصين إلى الشيشان، ومختلف دون العالم، ممن يتبعون لفلول "القاعدة" أو "داعش" أو "النصرة"، وكلها مصنفة إرهابيًا في قوائم الأمم المتحدة ودول العالم.
أما بالنسبة لمسألة اقتراب تلك المجموعات من حلب خلال أيام معدودة، فهذا أمر لافت، لجهة أنه خلال السنوات المنصرمة، كانت المنطقة شبه هادئة، كونها كانت خاضعة لتفاهمات "أستانة" بين روسيا وإيران وتركيا، إثر اجتماعات عديدة، ما رسخ حالة من الثبات في المنطقة، واعتياداً في الحالة القائمة لدى الأطراف، إن صح التعبير.
وكذلك الطريق الذي يدّعون السيطرة عليه، فلا تزال حركة السير فيه تسير بشكل طبيعي، وحركة الباصات والشاحنات والأفراد جارية، وهذا الأمر برسم مَن يتحدث عن حالة هي ضد المدنيين والسكان الآمنين.
ماذا ترمي الفصائل المسلحة من هجومها على حلب؟ وماذا بعد هذه المرحلة؟
القوى الإرهابية التي تهاجم حلب تهدف لإعادة زعزعة الوضع في سوريا، وبالتالي ضرب الاستقرار وألا تبقى سوريا في حالة التعافي، خاصة مع رحلة لبنان إلى التعافي، فمشروعها يطال كل المنطقة بأهلها وقياداتها من العراق إلى لبنان إلى سوريا..
والجامعة العربية نوهت في كل اجتماعاتها إلى ضرورة تعافي الدول المتضررة والمنطقة ككل، خطوة بخطوة، الأمر الذي لا تريده القوى الإرهابية، والجهات الداعمة لها.
هل هناك مخاوف من عودة شبح الحرب الداخلية إلى سوريا كما حدث في العام 2011؟
لا أعتقد أن تعود تلك الأحداث، لأن سردية "الحرب الأهلية" كانت السائدة لدى جهات مختلفة التي تدعم أيضاً وكانت تسمح بتبرير دخول العناصر المتطرفة، والتي تحولت إلى "النصرة" و"داعش"، إلا أن الواقع والظروف مختلفة جدًا هذه المرة
ما الدور الروسي في هذه المعارك؟
الدور الروسي في المعارك موجود، ولديها قواعد في حميميم وطرطوس، وهي ملتزمة مع الدولة السورية في مكافحة الإرهاب، رغم أنها لا تريد أن تتوسع الحرب بشكل كبير، لاسيما أنها تخوض حربًا كبيرة في أوكرانيا مع "الناتو"، وهذا الأمر يختلف عن ظروف الفترة التي بدأت فيها موسكو مع سوريا في الحرب على الإرهاب قبل عقد من الزمان.
موسكو لا تريد حروبًا كبيرة، خاصة مع الدور التركي في المنطقة، لا سيما أن أنقرة هي الحاضنة والراعية لتلك القوى الإرهابية والمسلحة في إدلب.
بعد التحذير الإيراني من "خطة أمريكية إسرائيلية شريرة" في سوريا.. كيف للقوات الإيرانية في سوريا أن تغير المشهد العسكري؟
لا توجد قوات إيرانية متحكمة في المشهد العسكري، بل هناك مساندة من الحليفين الروسي والإيراني بأشكال متنوعة وفق قاعدة توافق جرى التصويت عليها أصلاً في البرلمان الروسي، من خلال فتح قاعدة حميميم وطرطوس، وهذه القوات الروسية تساند سوريا في الجو، بينما تدعم إيران سوريا بالكثير من الخبرات.
وكما أن هناك إرهابيين أتوا بمئات الآلاف (الرقم أنا مسؤول عنه) منذ 2011، فقد استعانت الدولة السورية بالحلفاء والقوات المساندة من أجل تحرير مختلف المناطق بشكل أساس؛ فنحن نعيش في فضاء جيوسياسي واحد، ضمن تعبيرنا، والمنطقة تتأثر ببعضها البعض، ومن الواجب طرد الإرهابيين.
هل يمكن أن تمتد المعركة من شمال سوريا إلى شرقها؟ وما مصير القواعد الأمريكية التي تدعم قوات سوريا الديمقراطية "قسد"؟
هذا يعتمد على السياسة الأمريكية، وعلى واشنطن التي تصوغ وتحرك سياسة "قسد"، لاسيما أننا في مرحلة انتقالية بين إدارتين، والأمر ضبابي بالنسبة للسياسة الأمريكية بخصوص التعامل مع "قسد"، ولكن يفضل أن ننتظر قليلاً لنرى ما تخبئه السياسة القادمة، رغم أن الخطر موجود لفتح الشهية نحو معارك أخرى في المنطقة.
يقول الجيش السوري إنه كبد "التنظيمات الإرهابية" خسائر فادحة.. برأيك ما الذي تخطط له الحكومة السورية.. وكيف تنظر إلى هذا الهجوم "المباغت"؟ وما الذي تعنيه له جبهة حلب ميدانيًا؟
الحكومة السورية تدير المسألة، وهذه أرضها، وعليها مساندة أهلها، فالسفر المدني بأمان مهم، والمطلوب من الحكومة السورية أن تعيد الأمن والأمان إلى الطرق والقرى، وهذا يكون من خلال ضرب الإرهاب في كل مكان وتنظيف المناطق من الإرهابيين، وعلينا أن نؤكد أن حلب هي قلب سوريا، ولا يمكن القبول بأن تبقى عرضة للتهديد من قيل الإرهاب.