تصاعدت حدة الغضب الشعبي ضد حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، عقب حادثة الوفاة الغامضة للناشط السياسي الليبي عبد المنعم المريمي، والتي التزمت الصمت حيال ما تم تداوله، بينما طالب سياسيون وزعماء قبائل وحقوقيون بكشف الحقيقة الكاملة ومحاسبة المتورطين.
أيقونة شبابية
وتحوّل المريمي إلى أيقونة شبابية وسط الشارع الليبي الغاضب مما تعرض له، بعدما اختفى في ظروف غامضة الاثنين الماضي، قبل أن يتبين أنه كان لدى الأمن الداخلي، علما أنه نجل شقيق أبو عجيلة المريمي المحتجز في الولايات المتحدة.
وأفاد مكتب النائب العام بأنه قفز من علوّ داخل مقر النيابة العامة بعد قرار بالإفراج عنه، ما أدى إلى إصابته بجروح خطيرة نُقل على إثرها إلى المستشفى، قبل أن تُعلن وفاته لاحقًا.
منشور وكيلة الثقافة
وبينما كان الليبيون ينتظرون خروج الجهات الرسمية للكشف عن موقفها، أثارت وكيلة وزارة الثقافة بحكومة الوحدة الوطنية، وداد الدويني، موجة واسعة من الجدل بعد منشور لها على صفحتها الشخصية بموقع فيسبوك، علّقت فيه على وفاة عبد المنعم المريمي بطريقة اعتبرها كثيرون متشفية.
وكتبت الدويني في منشورها عقب الإعلان عن وفاة المريمي بعد أيام من احتجازه لدى جهاز الأمن الداخلي "لا جاب عزّ، لا ستر، ولا حتى زاد في الحصاد… كأن البلاد تخلصت من عبءٍ ثقيل، ككيس وسخ".
المنشور الذي جاء في وقت تطالب فيه عائلة الفقيد والناشطون بكشف ملابسات وفاته، اعتُبر إشارة مباشرة إلى الشماتة من الحادثة، ولاقى استهجانا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث وصفه كثيرون بأنه غير لائق من مسؤولة رسمية، وقد تؤدي مثل هذه التصريحات إلى مزيد من الانقسام والتوتر.
مطالب بتحقيق جدي
وطالب رئيس المؤسسَة الوطنية لحُقوق الإنسان بليبيـا أحمد حمزة في تصريح لـ"إرم نيوز"، بإجراء تحقيق شامل وشفاف وجدي في ملابسات وظروف الاعتقال التعسفي الذي تعرّض له الناشط السياسي والمدون المواطن المريمي وظروف الاعتقال لدى جهاز الأمن الداخلي وما تعرّض له أثناء اعتقاله التعسفي في سجون الجهاز.
وقال حمزة، إن هذه الظروف قدّ تكون أعطت دافعاً لإقدامه على الانتحار جراء ما تعرّض له منّ أذى وتعذيب جسدي ونفسي ومساس بكرامته الإنسانيّة وآدميته.
ودعا لعرض الضحية على الطب الشرعي وأطباء متخصصين في علم النفس لإثبات صحة وجود تعذيب جسدي ونفسي أو لا، وإعلان نتائج التحقيقات للرأي العام.
وكما تُطالب المُؤسسَّة الوطنيّة لحُقوق الإنسَّان في ليبيـا، مكتب النائب العام بالتحقيق في مخالفة جهاز الأمن الداخلي لقانون الإجراءات الجنائية الليبي فيما يتعلق بضمانات حقوق المتهمين أثناء التوقيف والضبط والإحضار، التي على رأسها ضمان إعلان وجود المتهمين لديهم وتمكينهم من الاتصال بمحاميهم وأهلهم وذويهم، وهو ما لم يتمّ اتخاذه من قبل جهاز الأمن الداخلي.
غموض وشكوك
وكان السياسي الليبي فتحي باشاغا، قال يوم أمس السبت، إن وفاة عبد المنعم المريمي يحيط بها غموض وشكوك تثير تساؤلات مشروعة، مطالبًا بتحقيق نزيه وشفاف يقود لكشف ملابسات الوفاة، ومحاسبة المتورطين فيها.
وحمل باشاغا، في بيان له، الدولة بكل مؤسساتها المسؤولية المباشرة عن كشف الحقيقة دون مماطلة أو تلاعب، وطالب المجلس الرئاسي بتحمل مسؤولياته، والتدخل العاجل بالتنسيق مع مكتب النائب العام، لفتح تحقيق يقود إلى محاسبة كل من تورط أو تستر مهما كان موقعه أو انتماؤه، بما يكفل إنصاف الفقيد، وطمأنة المواطنين على سلامة الحقوق والعدالة.
حراك سلمي
ودان المجلس الاجتماعي لسوق الجمعة والنواحي الأربع "جريمة مقتل" الناشط عبد المنعم المريمي، نجل شقيق أبو عجيلة المريمي، وطالب الجهات المختصة باتخاذ الإجراءات اللازمة لمحاسبة كل المتورطين، وتقديمهم للعدالة.
وحمل المجلس "المسؤولية الكاملة" للجهات الضابطة التابعة للحكومة فيما يتعلق بطريقة القبض على الفقيد واحتجازه، وما آلت إليه الأمور من نتائج مأساوية، مؤكدًا "المضي في حراكه السلمي دفاعًا عن الوطن وحقوق المواطن، ولن ترهبنا التهديدات ولا حملات القمع، ولو كلفنا ذلك أرواحنا".
وإثر إعلان وفاة المريمي، انفجرت احتجاجات غاضبة في العاصمة طرابلس، إذ أقدم محتجون على إغلاق طرق رئيسة في مناطق: تاجوراء وعين زارة وسيدي المصري والدهماني والسراج وراس حسن، تنديدًا بما وصفوه بـ"الاعتقال التعسفي" للمريمي.
