أعلنت ليبيا عن خطة لمكافحة الهجرة غير النظامية إلى أراضيها خلال اجتماع مع أعضاء اللجنة الأوروبية الرباعية للهجرة في طرابلس؛ مما أثار قلق سياسيين من رضوخ حكومة الوحدة المؤقتة لضغوط بروكسل في هذه القضية الحساسة بالنسبة لحكومات شمال البحر المتوسط.
ودق كل من المفوض الأوروبي للهجرة، ماغنوس برونر، ووزيري الداخلية الإيطالي، ماتيو بيانتيدوسي، والمالطي، بايرون كاميليري، ووزير الهجرة اليوناني، ثانوس بليفريس، ناقوس الخطر من ارتفاع أعداد الوافدين إلى إيطاليا من ليبيا بنسبة 50% منذ بداية العام الحالي.
وعُقد اجتماع في العاصمة طرابلس ضمّ الوفد الأوروبي مع رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة عبد الحميد الدبيبة ووزير داخليته عماد الطرابلسي؛ إذ تم الإعلان عن "حملة وطنية واسعة النطاق سيتم إطلاقها بدعم من عدد من الدول الصديقة لمحاربة الاتجار بالبشر".
وبخريطة ليبيا بين يديه، عرض عماد الطرابلسي النقاط الرئيسية لهذه الخطة، وهي تعزيز الوجود الأمني في المدن وفي البحر وعلى الحدود، وطرد بعض المهاجرين، وتسوية أوضاعهم في سوق العمل الليبي.
وأوضح الوزير أنه في ليبيا، وهي دولة يبلغ عدد سكانها نحو سبعة ملايين نسمة، يوجد "ما بين ثلاثة وأربعة ملايين مهاجر دخلوا بطريقة غير شرعية ونحن نشجعهم على المغادرة".
لكن المسؤول الليبي ربط نجاح الخطة بضرورة دعم الاتحاد الأوروبي للدول المتضررة من تدفقات الهجرة، لأن "المشكلة أكبر من قدرات بلادنا" وفق تعبيره.
ومنذ العام 2017، سمح اتفاقٌ مدعومٌ من بروكسل بين ليبيا وإيطاليا لطرابلس بتولي تنسيق عمليات الإنقاذ في وسط البحر الأبيض المتوسط، والهدف وقف تدفق المهاجرين إلى أوروبا.
ومنذ هذا الاتفاق، لم تُخوّل ليبيا فقط بمنع قوارب المهاجرين من مغادرة شواطئها، بل استفادت البلاد أيضًا من دعمٍ مالي ولوجستي من الاتحاد الأوروبي، إذ تجهّز روما السلطات الليبية وتدرّبها على عمليات الاعتراض.
ورحّب نائب رئيس حزب الأمة الليبي، أحمد دوغة، بالخطة الوطنية لمكافحة تهريب البشر والسيطرة على الحدود، قائلًا: "سواء عن طريق ضغوطات من الاتحاد الأوروبي أو غير ذلك، هو أمر مرحّب به؛ لأن مثل هذه الفوضى تسببت في عدة مشاكل لليبيا نفسها، وأولها زيادة أعداد المهاجرين غير الشرعيين وتكدّسهم في ليبيا، لأنهم يعلمون أنها ممر للعبور إلى أوروبا، وهذا سبّب الكثير من المشاكل داخل البلاد".
ودعا دوغة، في حديث لـ"إرم نيوز"، إلى تعاون كل الدول الصديقة والمتضررة أيضًا من المهاجرين غير النظاميين لمكافحة هذه الظاهرة.
لكنه اشترط لنجاحها أن "تكون الخطة لمكافحة قوارب المهاجرين متكاملة، بمعنى يجب على الحكومة، بالتعاون مع الدول الصديقة والاتحاد الأوروبي أيضًا، أن تؤمّن الحدود الليبية مع فرض حراسة مشددة بما يضمن منع دخول أي مهاجر غير شرعي إلى ليبيا". واعتبر تطبيق هذا الأمر شبه مستحيل حاليًا.
ومما يثير انتقادات الحقوقيين، أنه عند اعتراض خفر السواحل الليبي لقواربهم في البحر، يُرسل المهاجرون إلى سجون تديرها إدارة مكافحة الهجرة غير الشرعية، حيث تنتشر الانتهاكات والتعذيب والاغتصاب والعمل القسري، فيما يتعين على اللاجئين دفع مبالغ طائلة للهروب، وقد يقضي بعضهم سنوات محتجزين في السجون الليبية.
ولاقت هذه الزيارة الأخيرة لوفد الاتحاد الأوروبي هجومًا من منظمة العفو الدولية، بحجة أن تعاون بروكسل مع ليبيا في مجال الهجرة "مجرد من الأخلاق" ويرقى إلى "التواطؤ في انتهاكات مروعة لحقوق الإنسان".
وسلّطت المنظمة الضوء على "الظروف المروعة" التي يواجهها المهاجرون واللاجئون في ليبيا، داعية الاتحاد الأوروبي إلى "إعادة تقييم" دعمه "للسلطات والميليشيات الليبية بشكل عاجل".
وأكّد تقرير حديث صادر عن منظمة "أطباء بلا حدود" على انتشار ممارسات التعذيب التي يتعرض لها المهاجرون في غرب ليبيا.