تتصاعد النقاشات داخل قوى الإطار التنسيقي العراقي، بشأن الاسم المناسب لتولي رئاسة الحكومة المقبلة، في ظل حالة ارتباك واضحة فرضتها نتائج الانتخابات وما أفرزته من توازنات جديدة داخل البيت الشيعي.
وخاض سباق الترشح والنقاشات نحو 10 – 18 اسمًا خلال الأيام الماضية، حيث تداولت الاجتماعات المغلقة قوائم متغيرة شملت مرشحين سياسيين وآخرين ذوي خلفية أمنية، قبل أن تبدأ خارطة الترشيحات بالانكماش تدريجيًا مع اتساع دوائر الاعتراض والفيتوات الداخلية والخارجية.
وفي الوقت الذي كانت حظوظ عدد من المرشحين ترتفع، أبرزهم رئيس جهاز المخابرات حميد الشطري، تراجعت حظوظه مؤخرًا؛ لأسباب متعددة ترتبط بطبيعة المرحلة الحساسة وتقاطعات الأطراف النافذة داخل الإطار، فضلًا عن المخاوف من أن يقود ترشيحه إلى انقسامات أوسع داخل المكوّن الشيعي.
وكشف مصدر مقرب من أجواء الإطار التنسيقي أن "الشطري واجه أكثر من اعتراض خلال المناقشات الماضية، منها التحفظ على وصول شخصية أمنية إلى رئاسة الحكومة خشية أن يمضي في ضبط ملف سلاح الفصائل بشكل صارم، أو أن يقلص نفوذ بعض القوى المهيمنة داخل الدولة".
وأضاف المصدر الذي طلب حجب اسمه لـ"إرم نيوز"، أن "التحفظات تنوعت بين عدد محدود من القوى السياسية وغالبية الأجنحة التابعة لفصائل مسلحة، إذ رأت تلك الأطراف أن طبيعة عمل الشطري وتنسيقه الإلزامي مع جهات دولية خلال السنوات الماضية قد تجعل موقع رئاسة الوزراء أقل انسجامًا مع مصالحها".
وبيّن أن تقديرات داخلية تحدث "تفضيلًا إيرانيًا لشخصية سياسية يمكن التواصل معها عبر قنوات حزبية ورسمية، وليس شخصية أمنية تتمتع بعلاقة مباشرة مع الأمريكيين بحكم عمله، وهو ما صعّب تمرير اسمه رغم الدعم الذي تلقّاه في بداية النقاشات"، لافتًا إلى أن "بعض التيارات المقربة من رئيس الوزراء المنتهية ولايته محمد شياع السوداني دفعت باتجاه البحث عن رئيس وزراء يحمل صفة مدنية – اقتصادية لتسويق الحكومة خارجيًا وجذب الاستثمارات، معتبرة أن المرحلة المقبلة ستكون اقتصادية أكثر من كونها أمنية".
وزادت الهجمات التي تعرض لها حقل كورمور الغازي في السليمانية من تعقيدات الترشيحات، حيث انشغلت قوى الإطار بتداعيات تلك الأحداث، خاصة وأن ردة الفعل الأمريكية جاءت “حادة” عبر سلسلة تغريدات أطلقها المبعوث الأمريكي إلى العراق مارك سافايا، الأمر الذي أعاد حسابات بعض القوى بشأن طبيعة الرئيس المقبل وما إذا كانت المرحلة تحتاج شخصية قادرة على التعامل مع ضغط دولي متزايد.
وتخشى القوى السياسية العراقية من تجاوز المدد الدستورية المتعلقة باختيار الرئاسات الثلاث، وسط حالة من الترقب لِما يمكن أن تسفر عنه الاجتماعات المكوكية الجارية داخل الإطار التنسيقي لحسم الاسم النهائي، في وقت تزداد فيه ضغوط الكتل السنية والكردية للدخول في مفاوضات واضحة حول شكل الحكومة المقبلة وبرنامجها السياسي.
خلافات داخلية
بدوره قال الباحث السياسي عبد الله الركابي، إن "الارتباك داخل الإطار التنسيقي يؤشر على غياب رؤية موحّدة حول شكل الحكومة المقبلة، وهو ما جعل عملية اختيار رئيس الوزراء أكثر تعقيدًا من الدورات السابقة".
وأضاف الركابي لـ"إرم نيوز" أن "تراجع اسم حميد الشطري لم يكن قرارًا مفاجئًا بقدر ما كان نتيجة تراكمية لضغوط داخلية، وحرص بعض الأطراف على تجنب رئيس وزراء يمتلك خبرة أمنية قد تمنحه مساحة مبادرة أكبر مما ترغب به بعض القوى".

وأكد أن "بروز أسماء محددة في الساعات المقبلة سيعتمد على قدرة الإطار على معالجة خلافاته الداخلية، واتخاذ قرار يوازن بين قبول الشركاء واستيعاب الضغوط الدولية".
ووفق وسائل إعلام محلية، يبقى الترشح محصورًا بين نوري المالكي، ومحمد شياع السوداني، في حين ذكرت تقارير سياسية أن اسم محافظ البصرة أسعد العيداني دخل على خط الترشيحات خلال الساعات الأخيرة، مدعومًا بعلاقة سابقة تربطه بالحرس الثوري الإيراني قد تمنحه نقطة تفوق في حال توسّعت دائرة النقاشات داخل البيت الشيعي.
كما تتجه بعض الأطراف إلى الدفع بخيارات بديلة ذات طابع اقتصادي أو تكنوقراط سياسي لتجنّب الانقسام، بينما تستعد الكتل السنية والكردية لدخول مفاوضات أوسع بمجرد ظهور الاسم النهائي لرئاسة الوزراء، للاتفاق على المناصب التي ستناط بها.