أثارت احتجاجات عرفها الغرب الليبي في مدن مثل مصراتة والعاصمة، طرابلس، بسبب تدهور الأوضاع المعيشية، وأيضاً للمطالبة برحيل حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، والتعجيل بإجراء انتخابات عامّة، تساؤلات حول دلالات ذلك.
وتأتي هذه الاحتجاجات بعد أيّام من إطلاق البعثة الأممية الحوار المهيكل الذي يهدف إلى كسر الجمود السياسي الذي تعرفه ليبيا منذ انهيار الانتخابات العامة التي كان من المقرر إجراؤها في 24 ديسمبر/ كانون الأول 2021.
ومنذ أيام سادت دعوات إلى الاحتجاج للمطالبة برحيل حكومة الوحدة الوطنية في غرب البلاد في وقت تعرف فيه البلاد انقساماً حكومياً، حيث تدير حكومة الاستقرار الوطني برئاسة أسامة حماد شرق ليبيا.
وعلّق المحلل السياسي الليبي، الدكتور خالد محمد الحجازي، على الأمر بالقول، إنّ "تجدّد الاحتجاجات المناهضة لحكومة الوحدة الوطنية في غرب ليبيا، خلال الفترة الأخيرة، لا يمكن قراءته كحدث عابر أو موجة غضب مؤقتة، بل يعكس تحوّلًا أعمق في المزاج العام داخل مناطق كانت تُعدّ، إلى وقت قريب، ضمن المجال الحيوي للحكومة، فخروج هذه الاحتجاجات من طرابلس ومدن الغرب، مع رفع شعارات تطالب برحيل الحكومة، وإجراء انتخابات عامة، يمنحها دلالة سياسية مضاعفة تتجاوز بعدها المعيشي أو الخدمي".
وأوضح الحجازي لـ "إرم نيوز" أنّ "أولى دلالات هذه الاحتجاجات تتمثل في تآكل الشرعية الشعبية، فقد استندت حكومة الوحدة الوطنية، منذ تشكيلها، إلى قبول اجتماعي نسبي ورغبة عامة في إنهاء الانقسام، وتهيئة البلاد للانتخابات.
ومع فشل هذا الاستحقاق، وتدهور الأوضاع الاقتصادية والخدمية، بدأ هذا الرصيد الشعبي في التآكل، ليحل محله شعور واسع بالإحباط من استمرار المرحلة الانتقالية بلا أفق واضح".
وشدد على أنّ "الدلالة الثانية تتعلق بالإرهاق من النخب الحاكمة، فالمحتجون لا يعبّرون فقط عن رفضهم لأداء الحكومة، بل عن رفضهم لمنطق إدارة الوقت الذي طبع المرحلة الانتقالية، حيث تحوّلت السلطة المؤقتة إلى واقع دائم، دون تفويض انتخابي أو مساءلة فعلية. لذلك، فإن مطلب الانتخابات لم يعد مجرد شعار سياسي، بل أصبح عنوانًا جامعًا لغضب اجتماعي وسياسي متراكم".
وبين الحجازي قائلاً: "أما على مستوى تأثير هذه الاحتجاجات على موقع رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، فهي تُضعفه سياسيًا دون أن تُسقطه مباشرة. فالدبيبة يواجه، اليوم، أزمة ثقة واضحة، خاصة بعد إخفاقه في تنفيذ تعهده الأساس بإجراء الانتخابات. غير أن ذلك لا يعني أن حكومته باتت على وشك الانهيار، إذ لا تزال حكومة الوحدة الوطنية تملك أدوات السلطة التنفيذية والمالية، إضافة إلى غياب بديل سياسي توافقي قادر على فرض نفسه".
وأكد أنّه "في هذا السياق، يبرز الحديث عن تعديل وزاري كخيار مطروح. ويمكن فهم هذا التوجه باعتباره محاولة لامتصاص الغضب الشعبي، وإعادة تدوير الأزمة، عبر تحميل بعض الوزراء مسؤولية الفشل، دون المساس بجوهر السلطة. غير أن أي تعديل، ما لم يُرفق بخريطة طريق واضحة نحو الانتخابات وضمانات لتنفيذها، سيبقى إجراءً شكليًا لا يعالج أصل المشكلة".
ومنذ أيام، يدور حديث في ليبيا حول استعدادات من الدبيبة لإجراء تعديل وزاري وذلك رغم جهود تمّ بذلها، في وقت سابق، من أجل توحيد السلطة التنفيذية.
وقال نائب رئيس حزب الأمة الليبي، أحمد دوغة: "بالفعل، هناك احتجاجات غرب ليبيا مناهضة ليس للدبيبة فقط بل لكل الأجسام الأخرى، بما في ذلك الحكومة، والبرلمان، والمجلس الأعلى للدولة".
وأضاف دوغة في تصريح خاصّ لـ "إرم نيوز": "لذلك طالب المتظاهرون برحيل كل هذه الأجسام، وكذلك إجراء انتخابات عامة برلمانية ورئاسية، ولكن تعثر هذه الانتخابات هو بسبب عدم التوافق بين البرلمان والمجلس الأعلى للدولة".
ولفت إلى"أن الدبيبة يعتقد أنّ تعطّل هذه الانتخابات يعطيه مساحة لكي يقوم بتعديل وزاري، لكن عموماً هذه الاحتجاجات تعكس تململ المواطن الليبي من الأوضاع الحالية، واستشراء الفساد، وأيضاً حكم العائلات".