ترامب يوقع أمرا تنفيذيا يجيز فرض عقوبات على دول متواطئة في احتجاز أمريكيين "بشكل غير قانوني"
طغى القرار "التاريخي" للرئيس الأمريكي دونالد ترامب برفع العقوبات عن سوريا على غيره من الأحداث، حيث اعتبره العديد من الخبراء "منعطفا تاريخيا" في الأزمة السورية، وأيضا في الآفاق التي يمكن أن يفتحها على صعيد العلاقات السورية الأمريكية، التي كانت طيلة عقود حكم الأسدين تتسم بالتوتر أو بالبرود في أحسن الأحوال.
اليوم، يشكل قرار ترامب برفع العقوبات، ومن ثم لقاؤه الرئيس السوري أحمد الشرع في الرياض، نقطة تحول كبرى في تموضع سوريا الإقليمي والدولي، كما يرى خبراء، فهل انتقلت سوريا من محور "الشر" إلى المحور الأمريكي الغربي؟
تحت النفوذ الأمريكي
السياسية السورية ورئيسة تيار بناء الدولة منى غانم، تقرأ التطورات الأخيرة، ضمن هذا المنظور، وتقول، لـ"إرم نيوز"، إن خطوة ترامب في رفع العقوبات الاقتصادية تشكل حركة سياسية ذات مدلولات إقليمية ودولية، إذ إن إعلان هذا الأمر من السعودية هو إعادة رسمية للدور السعودي القيادي في المنطقة العربية، و كذلك جذب أكبر لسوريا من الحضن التركي إلى الحضن العربي.
وترى غانم أن هذه الخطوة هي من جهة أخرى، إضعاف للدور الأوروبي الذي حاول من خلال فرنسا أن يستقطب السلطة السورية.
وتشير منى غانم إلى أنه "بعد 100 سنة على تشكيل الدولة السورية، ستنضمُّ سوريا إلى الدول التي تقع تحت النفوذ الأمريكي، و اللقاء الذي جمع الرئيس ترامب مع الشرع يمكن فهمه ضمن هذا السياق.
وفقا للسياسية السورية، فإنه من الناحية السياسية، ستتأثر تحالفات سوريا السابقة، وأيضا العلاقة مع إسرائيل، "نحن نرى اليوم كيف يتغير المزاج الشعبي تجاه إسرائيل، وخاصة بعد سقوط النظام، وبعد المجازر التي حصلت في الساحل وأحداث العنف في السويداء، ما يعني تغييرا حتى في الثوابت السياسية السورية، من بينها الموقف من القضية الفلسطينية، ودور الجيش السوري في المنطقة. فكل هذه القضايا ستحدد الموقف السياسي لسوريا في المستقبل".
وترى غانم أن هذا الأمر يصب في مصلحة الشعب السوري، وتعرب عن تطلعاتها لحل سياسي يحقق الأمن و السلام والمواطنة لكل السوريين.
ومن الناحية التنموية والعلمية والثقافية، تقول منى غانم: "دعمت دائما أن تكون سوريا ضمن المعسكر الغربي، وأعتبر أن هذا أهم إنجاز قد يحدث في سوريا."
وتلفت إلى أن المشهد السوري يقدم صورة معبرة، "فتنمويا يظهر الفرق بين المناطق التي وقعت تحت نفوذ أمريكا وتلك التي وقعت تحت نفوذ قوات أخرى". وتعرب عن أملها في أن يكون هذا النفوذ الغربي ليس فقط على شكل تغيير في الثوابت السياسية، وإنما تغيير في العقلية وبالتفكير التنموي للسوريين في المستقبل.
تاريخ حاسم
المحلل السياسي اللبناني، علي حمادة، يقرأ تاريخ 13 و14 مايو 2025 باعتباره تاريخ انتقال حاسم لسوريا من حاضنة دولية معينة إلى حاضنة دولية أخرى. ويقول في تصريحات، لـ "إرم نيوز"، إن "المعسكر الشرقي انتهى، والتحالف الإقليمي مع إيران سقط، واليوم نشهد انتقال سوريا إلى المعسكر الغربي، إلى الحاضنة الأمريكية، إلى الحاضنة الأمريكية العربية الخليجية، ومعها الأوروبية"، حسب قوله.
ويرى حمادة أن "سوريا اليوم مؤهلة لأن تصبح رأس حربة للغرب في هذه المنطقة، إذا أحسنت التصرف وأحسنت استغلال هذه الفرصة. مضيفا أنها "فرصة اقتصادية وأمنية وتنموية، وهي أيضا فرصة للداخل للانطلاق نحو ازدهار هذا البلد".
ويوضح الكاتب السياسي اللبناني أن "المحور السابق أثبت فشله ولذلك انهار. وبالتالي سقط هذا المحور في سوريا وفي لبنان، وسقط أيضا في العديد من المناطق، وهو في طور السقوط في دول أخرى".
ويخلص حمادة إلى التأكيد: "نعم؛ سوريا في طريقها لأن تحتل مكانها في قلب المعسكر الغربي، عليها استغلال هذه الفرصة التاريخية. والمقصود بالمعسكر الغربي وفقا لحمادة هو "المعسكر الغربي العربي".
مسار شبيه بالعراق
الكاتب والمحلل السياسي السوري مازن بلال يرى من جانبه أن "سقوط سلطة البعث كان يعني عمليا انتهاء أي نفوذ روسي أو صيني في الملف السوري". ويقول في تصريحات، لـ"إرم نيوز": صحيح أن روسيا ما زالت تملك قاعدة على الساحل السوري، لكنها أصبحت قاعدة عسكرية برسم التوازنات الإقليمية الجديدة.
ويؤكد بلال أن القيادة السورية الجديدة تبحث عن غطاء غربي لتأكيد شرعيتها، وهذا الأمر لم يتحقق أمس، بل أصبحت تحت اختبار غربي وأمريكي على وجه التحديد؛ لأن ما جرى هو خروج الشرق الأوسط من تنافس النفوذ الدولي ليصبح مسرحا أمريكيا، ودمشق ليس لها خيارات سوى السير خلف هذا التحول.
ويشير المحلل السياسي إلى أن المشكلة تكمن هنا في المعادلة السورية الداخلية وليس بشرعية السلطة في الخارج. متوقعا أن يكون المسار السوري شبيها بالعراق، حيث "ستتغير بنية السياسة الخارجية عبر تحالفات مع الغرب، بينما ستبقى البنية الداخلية هشة وعرضة للاضطراب".
ويعتقد الكاتب السياسي السوري أن "الإدارة الحالية تريد تعويض العجز الداخلي بشرعية من الخارج، لكن صراعاتها في الداخل أصعب".
ويختم بالقول، إن "الولايات المتحدة لديها نفوذ قوي، وهي أعطت الورقة السورية ولو بشكل جزئي للسعودية، في المقابل فإن تركيا وإسرائيل لديهما أدوار أيضا، وعمليا ربما تكسب سوريا موقفا أمريكيا لكنها تقف اليوم أمام توازناتها الداخلية الصعبة".