بعد إعلان حزب العمال الكردستاني إنهاء العمل المسلح، برزت تساؤلات عن مصير ترسانته الثقيلة، لا سيما تلك المنتشرة في سوريا والعراق، وطبيعة الآليات التي ستُعتمد لنزع السلاح، وضمان عدم إعادة تدويره.
وجاء الإعلان في بيان رسمي للحزب، حيث أكد إنهاء الكفاح المسلح بعد نحو 40 عاماً من النزاع مع تركيا، استجابة لدعوة زعيمه المعتقل عبد الله أوجلان.
وشمل القرار وقف العمليات العسكرية في كل من تركيا والعراق وسوريا، مع التأكيد على التنسيق مع الجهات المعنية لضمان تنفيذ الخطوة، وهو ما دفع حكومات المنطقة إلى إعلان مواقفها، وترتيب أولوياتها، للتعامل مع هذا التحوّل.
استعداد عراقي
وقال وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، إن "العراق يرحب بإعلان حزب العمل الكردستاني حل نفسه ونزع سلاحه، وكان لنا نقاش عميق مع الجانب التركي بشأن نزاع الحزب للسلاح".
وأكد في تصريحات صحفية "وجود نية للتعاون بين الحكومة العراقية والتركية فضلاً عن حكومة إقليم كردستان في هذا المجال".
من جانبه، رأى الباحث في الشأن السياسي، علي باخ، أن عملية تسليم السلاح من قبل حزب العمال الكردستاني لا تزال تخضع لقدر كبير من الكتمان، مرجحاً أن يكون ذلك ناتجاً عن "تخوف تركي واضح، خاصة من جانب أردوغان، وزعيم حزب الحركة القومية دولت باهتشلي، الذين يتوجسون من تكرار تجارب سابقة انتهت بتصفية الأطراف الداعية للتسوية".
وأضاف باخ لـ"إرم نيوز"، أن "أحد أبرز الأمثلة على تلك المخاوف هو ما حدث العام 1993، حين حاول الرئيس الأسبق تورغوت أوزال حل القضية الكردية عبر مسارات دستورية وسياسية، قبل أن يُقتل بظروف غامضة، ويتم إقصاء فريقه عن دوائر القرار".
ولفت إلى أن "التصعيد التركي المتكرر ضد مواقع الحزب في العراق، خاصة في إقليم كردستان، لا يتعارض بالضرورة مع مسار المصالحة، بل يعكس رغبة في إبقاء الضغط قائمًا، وضمان ألا تُستغل فترة الانتقال لإعادة تنظيم الصفوف".
ترسانة متشعبة
ويمتلك حزب العمال الكردستاني ترسانة من الأسلحة المتنوعة، تراكمت على مدى سنوات من الصراع، وتضم مزيجاً من المعدات الخفيفة والثقيلة التي جرى نقل بعضها إلى مناطق النزاع في العراق وسوريا.
وتشمل الأسلحة الخفيفة التي يستخدمها مقاتلو الحزب بنادق هجومية من طراز AK-47 (كلاشينكوف)، وM16، وM4، إلى جانب رشاشات متوسطة من طراز PKM وRPK، والتي تستخدم، غالباً، في الاشتباكات المباشرة، وحرب العصابات.
أما الأسلحة الثقيلة، فتتقدمها قاذفات RPG-7، ومدافع عديمة الارتداد، وقذائف هاون من عيارات مختلفة (60، 81، و120 ملم)، تستعمل في ضرب المواقع والتحصينات من مسافات متوسطة المدى.
كما يمتلك الحزب – وفق تقارير - قدرات متطورة نسبياً في مضادات الدروع، من خلال صواريخ موجهة جرى استخدامها في سوريا والعراق، بالإضافة إلى عبوات ناسفة تعتمد في صناعتها على خبرات محلية مع دعم خارجي.
وفيما يتعلق بالمضادات الجوية، تشير تقارير أمنية إلى حيازة الحزب منظومات دفاع جوي محمولة (MANPADS) مثل SA-7 (Strela)، رغم ندرة استخدامها الميداني.
كما لجأ الحزب إلى استخدام الطائرات المُسيّرة لأغراض الاستطلاع أو شن هجمات محدودة، لا سيما في المناطق الجبلية بين العراق وتركيا.
تنسيق ثلاثي
وبدوره، قال مسؤول أمني عراقي، إن "عملية تسليم الأسلحة من قبل حزب العمال الكردستاني ستجري بالتنسيق مع حكومة إقليم كردستان العراق، عبر نقاط محددة يتم الاتفاق عليها مع الجانب التركي، حيث بدأت المباحثات بين الجانبين حول ذلك".
وأوضح المسؤول الذي طلب حجب اسمه لـ"إرم نيوز" أن "الاستخبارات التركية ستتولى تنسيق الجوانب الفنية للعملية بالتعاون مع قوات البيشمركة وقيادة العمليات المشتركة" مشيرًا إلى أن "أنقرة تمتلك معلومات دقيقة عن مستودعات ومخازن السلاح التي يديرها الحزب في شمال العراق".
وأضاف أن "التقديرات تؤكد وجود 4 آلاف عنصر تابع للحزب في العراق، بينهم أكثر من 100 قيادي، سيغادر بعضهم إلى دول أخرى بموجب تفاهمات دولية، سيشارك العراق في ترتيبها".
ورغم الإعلان الرسمي عن حل حزب العمال الكردستاني، إلا أن المؤشرات تذهب إلى أن مسار التنفيذ لن يكون سهلاً، بسبب تعقيد المشهد الأمني، وتداخل الملفات السياسية بالأمنية في كل من العراق وسوريا، خاصة أن الحزب كان، على مدى عقود، فاعلاً رئيساً في توازنات عدة، خاصة عبر ارتباطاته بميليشيات محلية في سنجار وشمال سوريا.