سلسلة غارات إسرائيلية تستهدف مدينة غزة
ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن حركة حماس صعّدت في الفترة الأخيرة من إجراءاتها لمنع أي احتجاجات مثل تلك الموجة "الجريئة" التي شهدتها غزة في مارس/ آذار الماضي، وإسكات أي انتقاد يبديه سكان القطاع بسبب الحرب مع إسرائيل.
وكانت الاحتجاجات الشهر الماضي تحديًا جريئًا لحماس، لكنها الآن تلاشت إلى حد كبير، إذ قامت الحركة في الأسابيع الأخيرة بإجراءات لوقف موجة الاحتجاجات؛ ما يعكس تصميمها على مواصلة إسكات المعارضة.
وأبرزت الاحتجاجات يأس الفلسطينيين في غزة لإنهاء الحرب، لكن حدّتها تراجعت بشكل كبير، بسبب ضغط حماس وانشغال سكان القطاع المحاصرين بالبحث عن الطعام والفرار من الغارات الإسرائيلية وأوامر الإخلاء.
وبحسب "نيويورك تايمز"، فقد فاجأت الاحتجاجات، التي كانت أيضًا ضد الحرب، العديد من الغزّاويين، نظرًا لقمع حماس المستمر للمعارضة.
وقال سكان في غزة إن بعض الفلسطينيين الذين شاركوا في الاحتجاجات أو نشروا عنها على مواقع التواصل الاجتماعي، تلقوا تهديدات أو استدعاءات من الأمن الداخلي لحماس.
وفي وسائل الإعلام المحلية، وصف مسؤولون مجهولون من حماس المتظاهرين بأنهم متعاونون مع إسرائيل، كما صرح عدد من الصحفيين الفلسطينيين بأنهم شعروا بضغوط لعدم تغطية المظاهرات.
في الشهر الماضي، اعتدى عناصر من حماس بالضرب المبرح على عدي ربيع، الذي كان يدافع عن ابن عمه الذي تعرّض لمضايقات من عناصر أمن حماس لمشاركته في الاحتجاجات، وفقًا لقريبَين له تحدثا بشرط عدم الكشف عن هويتهما خوفًا من انتقام حماس.
وقال أقاربه الذين رأوه في المستشفى إن مجموعة كبيرة من الرجال الملثمين، الذين عرّفوا أنفسهم بأنهم أعضاء في كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحماس، اختطفوا ربيع وضربوه وعذبوه.
وبدأت موجة الاحتجاجات في مدينة بيت لاهيا شمال غزة، بعد وقت قصير من خرق إسرائيل لوقف إطلاق النار مع حماس واستئنافها العمليات العسكرية في أنحاء القطاع.
وقال سعيد كيلاني، وهو منظم سياسي من بيت لاهيا، إن المظاهرة هناك بدأت بشكل عفوي، ولا سيما بين السكان الذين عانوا أكثر من غيرهم جرّاء القصف الإسرائيلي.
ثم امتدت المظاهرات إلى خان يونس وجباليا ومدن أخرى، حيث هتف المتظاهرون "حماس بره بره" ودعوا إلى إنهاء الحرب.
بينما أوضح المتظاهرون مطلبهم بأن تُنهي إسرائيل "الإبادة الجماعية" بحق الفلسطينيين، برزت مشاعر معادية لحماس كأكبر مؤشر حتى الآن على تنامي استياء الجمهور من الجماعة المسلحة وطريقة تعاملها مع الحرب.
وطوال الحرب، استهدفت حماس منتقديها، إذ اعتدى رجال زعموا انتماءهم لحماس بالضرب على المعارض السياسي البارز أمين عابد، وأطلقوا النار على زياد أبو حية؛ ما أدى إلى مقتله، وفقًا لعائلات الضحايا.
حماس أو الفوضى
في حين أن حماس لا تزال القوة السياسية المهيمنة في غزة، فإن قدرة الحركة على قمع المعارضة لم تعد بالقوة التي كانت عليها في الماضي، على حد قول الكيلاني.
وأضاف "موقف حماس ليس قويًّا، إذ تفتقر إلى السلطة الرسمية أو الوجود الفعال على الأرض"، متابعًا "يعيش الناس مع الموت يوميًّا، ولم يعد الخوف من حماس يؤثر بشكل كبير في آراء المطالبين بحريتهم".
منذ استئناف القتال الشهر الماضي، زاد الجيش الإسرائيلي بشكل ملحوظ من استهدافه لضباط الشرطة وغيرهم من أعضاء حكومة حماس المدنية؛ ما قلل قدرة الحركة على فرض إرادتها.
ورأى المحلل السياسي الغزّي مخيمر أبو سعدة أن "حماس ليست في وضع يسمح لها بالسيطرة على الشارع الفلسطيني"، مشيرًا في المقابل إلى هناك صراعًا داخليًّا كبيرًا بين العشائر، وبين الناس، وجزء منه يصب في صالح حماس.
بعض الغزيين المستائين من حماس يلتزمون الصمت خوفًا من البديل، أي الفراغ السياسي. وقال هارون، أحد سكان مخيم النصيرات، مشيرًا إلى انتشار العصابات المسلحة والتجار خلال الحرب: "الناس يخافون من حماس، لكنهم يخشون أيضًا الفوضى أكثر".