logo
العالم العربي

تحت ضغوط أمريكية وإسرائيلية.. بغداد أمام أخطر مفاوضات حكومية

عرض عسكري لميليشيات عراقيةالمصدر: غيتي

تتصاعد الضغوط الأمريكية على بغداد، مع قرب تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، حيال وجود الميليشيات داخل التركيبة الحكومية المقبلة، في وقت تتقاطع فيه هذه الضغوط مع تهديدات إسرائيلية متواصلة، وتحذيرات إقليمية من انزلاق العراق إلى ساحة اشتباك مفتوحة تتجاوز قدرته على الاحتواء.

 وبينما تُدار مفاوضات معقدة بين القوى السياسية لحسم الرئاسات الثلاث، تبدو بغداد واقعة تحت اختبارات مزدوجة، أبرزها ضغوط خارجية متصاعدة، وانقسام داخلي حول شكل الدولة وآلية ولادة حكومتها.

أخبار ذات علاقة

المالكي والسوداني

بين "ثقل" السوداني و"نفوذ" المالكي.. رئاسة الحكومة العراقية تعود لنقطة البداية

تهديدات وضغوط

وقال مسؤول في وزارة الخارجية العراقية، لـ"إرم نيوز"، إن "الرسائل الأمريكية لم تكن واحدة أو عابرة، بل توالت خلال الأسابيع الماضية بأكثر من قناة، وشملت اتصالات مباشرة وغير مباشرة مع أغلب الفرقاء السياسيين، وليس مع وزارة الخارجية وحدها".

وأوضح المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن "واشنطن أبلغت قوى رئيسة بوضوح رغبتها في إبعاد الفصائل المسلحة عن الحكومة المقبلة، واعتبرت أن إشراكها سيعقد العلاقة مع العراق سياسياً وأمنياً واقتصادياً".

وأشار المسؤول العراقي إلى أن "الطرح الأمريكي لم يُقدم بصيغة شروط وإنما إنذار، لكنه حمل لهجة حازمة هذه المرة، وربط بشكل غير مباشر بين شكل الحكومة المقبلة ومستوى التعاون الأمني والدعم المالي"، لافتاً إلى أن "بعض الرسائل حملت تحذيراً من انتقال الضغوط من مستوى التصريحات إلى أدوات أكثر تأثيراً".

كشف وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، أن واشنطن سلمت بغداد قائمة بأسماء شخصيات وجماعات مسلحة مصنفة وفق القوانين الأمريكية، وأن واشنطن "لن تفاوض أو تناقش هذه الأسماء مع أي طرف"، بل ستتعامل معها وفق سياستها الخاصة.

كما شدد حسين على أن الضغوط الإسرائيلية تجاه العراق "لا تزال قائمة حتى الآن"، محذراً من أن البلاد تعد من أكثر دول المنطقة تأثراً بالتوتر الإقليمي".

خطوات موثوقة

وفي قراءة أوسع للمشهد، يرى مختصون أن الضغط الأمريكي الحالي لا ينفصل عن السياق القانوني الجديد الذي أفرزه الكونغرس، ولا سيما بعد ربط جزء من المساعدات الأمنية المقدمة للعراق بملف تقليص نفوذ الميليشيات المسلحة غير المندمجة ضمن المؤسسات الرسمية.

وتضمن قانون تفويض الدفاع الوطني للسنة المالية 2026، الذي وقعّه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بنوداً مباشرة تتعلق بملف الفصائل المسلحة في العراق.

وبموجب القانون، قيّد الكونغرس صرف أكثر من 50%، من الأموال المخصصة للتعاون الأمني مع العراق، واشترط الإفراج عنها بتقديم وزير الدفاع الأمريكي شهادة رسمية تؤكد أن الحكومة العراقية اتخذت "خطوات موثوقة" لتقليص القدرة العملياتية للميليشيات المسلحة.

كما اشترط القانون، إجراءات تتعلق بحصر السلاح بيد الدولة، ونزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج، وتعزيز سيطرة القائد العام للقوات المسلحة، ومحاسبة الأفراد أو الجماعات التي تعمل خارج التسلسل القيادي الرسمي.

ويُعد هذا الإجراء أول ربط مباشر بهذا المستوى بين الدعم الأمني الأمريكي وشكل إدارة الدولة العراقية لملف الميليشيات، في خطوة تؤشر لانتقال واشنطن من سياسة التحذير إلى الضغط القانوني والمؤسسي، بالتزامن مع مفاوضات تشكيل الحكومة الجديدة.

ازدواجية خطيرة

من جهته، قال الباحث في الشأن الأمني، عبدالغني الغضبان، إن "الولايات المتحدة لم تعد تنظر إلى ملف الميليشيات بوصفه قضية أمنية معزولة، بل كأحد المفاتيح الأساسية لتحديد طبيعة الدولة العراقية المقبلة".

وأضاف الغضبان، لـ"إرم نيوز"، أن "الضغط الأمريكي الحالي هو الأشد منذ سنوات، لأنه يجمع بين الأدوات السياسية والقانونية والمالية، ويستهدف البيئة التي تتحرك فيها الميليشيات، لا الميليشيات وحدها".

وأوضح أن "واشنطن ترى أن أي حكومة تضم قوى مسلحة خارج منطق الدولة ستُنتج ازدواجية خطيرة في القرار، وستُبقي العراق ساحة مفتوحة للصراعات الإقليمية”، مؤكداً أن "الرسالة الأمريكية واضحة؛ فإما حكومة مدنية بقرار مركزي، أو استمرار العراق في دائرة الاستنزاف والعقوبات غير المعلنة".

ومما لفت الأنظار، خلال الأيام الماضية، تسلّم عضو الكونغرس الأمريكي جو ويلسون، وهو ناشط ضد إيران، وتبنى "قانون تحرير العراق من إيران"، رسالة موجهة إلى ترامب من قبل عبدالناصر الجنابي، رئيس "المجلس الوطني للمعارضة العراقية"، وذلك داخل مقر الكونغرس في واشنطن.

واعتُبر هذا التعاطي لافتاً في طريقة تعامل بعض الدوائر السياسية الأمريكية مع قوى معارضة عراقية تنشط خارج البلاد، لا سيما أن المجلس يضم شخصيات وتيارات ترفع خطاباً ناقداً للنظام السياسي القائم في بغداد، وتطرح نفسها بوصفها بديلاً سياسياً مستقبلياً.

أخبار ذات علاقة

لوحة للتيار الصدري في بغداد

العراق.. انسداد سياسي وتعثر اقتصادي ينذران بانفجار شعبي جديد

 

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC