يلقي إعلان "حماس" عن مقتل قائدها العسكري القوي محمد السنوار، يوم الاثنين، وتراجعها عن ذلك بعد ساعات قليلة، بظلال قاتمة، على الظروف التي تمر بها الحركة، والواقع المرتبك الذي يعيد تشكيله حاليًّا، حسب التقديرات، "شبح" يدعى عز الدين الحداد.
وتؤكد أوساط سياسية وعسكرية أن مقتل السنوار يمثل ضربة قاصمة للذراع العسكرية، فمحمد كان النموذج الأصغر من شقيقه يحيى السنوار - زعيم الحركة الشرس - بتبنيه العناد والتشدد في التعامل مع أي ملف، خاصة مفاوضات الرهائن، الذي تولاه بعد اغتيال شقيقه في رفح في الـ16 من أكتوبر الماضي.
وامتلك محمد دون غيره من قادة حماس العسكريين موارد ودعمًا غير محدود حيث كان يتولى ترميم صفوف الكتائب وتجنيد عناصر جديدة تعوض الفاقد البشري وكان صاحب مشروع "مترو غزة" ذي الانفاق الغامضة التي تغطى كامل مناطق القطاع، ولكن من الأسفل، وبالتالي كان المتحكم والعارف بملف الرهائن، وليس أدل على ذلك أكثر من أنه بعد إعلان مقتله عثرت إسرائيل على جثث 7 رهائن وهذا يؤكد أنها عثرت مع جثته على كنز استخباراتي.
وساعد اغتيال محمد الضيف قائد هيئة الأركان في الـ13 من يوليو 2024، ومن قبله نائبه مروان عيسى في الـ10 من مارس ومن بعدهما يحيى السنوار زعيم "حماس"، في العام ذاته، بوصول محمد السنوار سريعًا لقمة هرم قيادة الأركان خلفًا للضيف.
واكتسب "السنوار الصغير" مركزًا تنظيميًّا مهمًّا في "كتائب القسام" مع تصدر شقيقه يحيى المشهدين السياسي والعسكري، ومارس مهام القيادة وتولى ملفات حساسة، كان أبرزها التخطيط لهجوم "طوفان الأقصى" وإدارة ملف الرهائن بدهاء، وقيادة "لواء خان يونس"، ثم الإشراف على المعارك ضد الجيش الإسرائيلي.
ويقال إن تشدد محمد السنوار بلغ أقصاه حين أصر على عدم إطلاق سراح الرهينة الأمريكي عيدان ألكسندر، لكنه أرغم عليه بضغط من القيادة السياسية ضمن لعبة المصالح الدولية، ليكون ذلك القرار هو القنبلة الضخمة التي قتلت بها إسرائيل السنوار في نفق بخان يونس بفضل معلومات من ألكسندر "الجندي في لواء جولاني".
ويتوقع مراقبون أن يتخذ مسار الحركة وذراعها العسكرية مسارًا أكثر تطرفًا في ظل نهج قائد لواء غزة و"شبح القسام" كما يلقب، عز الدين الحداد، الذي تؤكد المصادر أنه الخليفة المحتمل للسنوار والذي بات يقود المواجهة ضد إسرائيل في قطاع غزة، منذ اغتيال الأخير.
وتؤكد مصادر محلية أنه في حين ظهرت مرونة الأخوين السنوار في بعض مراحل الحرب مع إسرائيل، يَبرز الحداد كشخصية أمنية شديدة التطرّف فهو عضو المجلس العسكري للقسام، وينتهج العسكرة ويرفض التهدئة مع إسرائيل أو التفريط في ورقة الرهائن المتبقين، ويقال إن من المحتمل أن يكون له دور في عرقلة المفاوضات، رغم قبول بضع صيغ لمقترحات تهدئة من الوسطاء.
وتبدو المرحلة المقبلة حبلى بالتعقديات الميدانية، حيث يستعد طيف "شبح القسام" لقيادة المواجهة المرتقبة ضد إسرائيل على تراب غزة في ظل إصرارها على احتلال المدينة، علاوة على إشرافه العام على سير المعارك في كافة أرجاء القطاع.