خلا الأمر التنفيذي الذي وقعه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، وأنهى فيه عقوبات على سوريا، من قانون قيصر الذي يعد الأكثر تأثيرًا والأشد أثرًا من سلسلة العقوبات المفروضة على دمشق منذ أربعين عامًا.
وأبقت إدارة ترامب على بضع عقوبات، إضافة إلى قيصر، ومنها تصنيف سوريا كدولة راعية للإرهاب، والذي بدأ العمل به عام 1979، والذي يشمل قيودًا على المساعدات الخارجية، وحظرًا على صادرات الدفاع إلى البلاد.
ورغم أن سوريا تكيفت نحو 45 عامًا مع تصنيفها "دولة راعية للإرهاب"، فإن قانون قيصر الذي بدأ العمل به نهاية العام 2019، يعد أشد تأثيرًا على دمشق، إذ أسهم في خمس سنوات في تدهور حاد وغير مسبوق في قيمة الليرة، متسببًا بأزمة اقتصادية وإنسانية خانقة داخل البلاد، وموجة خوف وقلق لدى قطاع واسع من رجال الأعمال والتجار اللبنانيين.
وأدى القانون إلى تداعيات كارثية على اقتصاد سوريا، الذي تدهور إلى مستويات غير مسبوقة، وتجلى ذلك بانخفاض متكرر لليرة أمام الدولار الأمريكي، كما زاد مستويات الفقر والبطالة، ووصل إلى حد صعوبة الوصول للسلع الأساسية والحصول على الخدمات.
واستهدف القانون كلَّ من يتعامل مع البنك المركزي السوري، أو يقدم تقنيات أو سلعًا تزيد إنتاج القطاع النفطي، إضافة إلى من يشتري النفط السوري، وهو بذلك كان يضيق فرص حلفاء دمشق للاستفادة من مجالات الطاقة والهندسة والأعمال والنقل الجوي، كما جمّد مساعدات إعادة الإعمار.
وكان الهدف عند إصدار قانون قيصر إضعاف تحالف نظام الأسد مع إيران وروسيا، وأن تؤدي العقوبات على المدى الطويل إلى سقوط بشار الأسد، وهو ما حدث بعد نحو خمس سنوات، تحديدًا في الـ8 من ديسمبر/ كانون الثاني 2024، ورغم أن العمل العسكري للمعارضة كان السبب الواضح لسقوط النظام، فإن تأثير الإنهاك الاقتصادي كان باديًا على كل مفاصل الدولة.
انتهى نظريًّا العمل بقانون قيصر في نهاية 2024، لكن تم تمديد العمل به 5 سنوات أخرى قبل سقوط الأسد.
وقبل أيام قدّم أعضاء من الحزبين في الكونغرس تشريعًا لإلغاء قانون قيصر، ومن المرجح أن يُدرَج إلغاؤه كتعديل على قانون تفويض الدفاع الوطني الصادر في نهاية العام، وفقًا لِما ذكره أحد مساعدي الكونغرس، لموقع "المونيتور" الأمريكي.
في 2019 اتخذ مجلس النواب الأمريكي قرارًا بالإجماع بتطبيق "قانون حماية المدنيين السوريين" أو ما عُرف باسم قانون "قيصر"، الذي نصَّ على فرض عقوبات على الحكومة السورية، تستهدف أيضًا دولًا تدعمها، مثل: إيران وروسيا، لمدة 10 سنوات.
وحينها جاء في بيان الخارجية الأمريكية أنه بموجب قانون "قيصر" لحماية المدنيين في سوريا، "سيُطلب من الرئيس الأمريكي فرض عقوبات جديدة على أي جهة، أو شخص يتعامل مع الحكومة السورية أو يوفر لها التمويل، بما في ذلك أجهزة الاستخبارات والأمن السورية، أو المصرف المركزي السوري".
وسُمّي القانون بقيصر نسبة إلى المساعد الأول المنشق، فريد المذهان، الذي سرّب 55 ألف صورة لـ 11 ألف سجين قُتلوا أثناء عمليات تعذيب في معتقلات نظام بشار الأسد، وكان يتعاون مع شخص آخر عُرف باسم حركي، "سامي".
واستخدم المصور اسم "قيصر" لإخفاء هويته الحقيقية، وعُرضت صوره في قاعات مجلس الشيوخ الأمريكي، وأثارت ردود فعل عالمية غاضبة في ذلك الوقت.
