أثارت الاشتباكات المسلحة التي اندلعت في قضاء خبات بإقليم كردستان العراق تساؤلات عن مدى تماسك الدور "الريادي" للحزب الديمقراطي الكردستاني في هرم السلطة.
وأدت الاشتباكات، التي اندلعت الثلاثاء بين قوات الزيرفاني التابعة للبيشمركة ومسلحين من عشيرة الهركي واستمرت حتى صباح الأربعاء، إلى مقتل شخصين، أحدهما من قوات الشرطة، وإصابة آخرين، إضافة إلى إحراق عربات عسكرية، وتصعيد ميداني غير مسبوق في محافظة أربيل، عاصمة الإقليم.
وفي حين وصف مراقبون الحادثة بـ"التمرد العشائري" ضد السلطة السياسية في أربيل، قلل مسؤولون في الحزب الديمقراطي الكردستاني من خطورتها، واعتبروها جزءاً من النزاعات التقليدية التي تحصل في عموم العراق.
وفي هذا السياق، قال عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني، ريبين سلام، إن "التوترات التي حصلت في الأيام الماضية تعتبر مسألة كلاسيكية، وكانت بين عشيرة هركي، وعشيرة كوران، ولا توجد توترات بين عشيرة الهركي والحزب الديمقراطي الكردستاني".
وأضاف سلام، لـ"إرم نيوز"، أن "رئيس عشيرة الهركي، بطلب من رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، سلّم نفسه وانتهى الصراع، والدليل هو أن الاستجابة كانت سريعة".
وأشار إلى أن "ما حصل لا يمكن أن يؤثر في الدور الريادي للحزب الديمقراطي الكردستاني، سواء في العراق أو المنطقة، باعتباره حزباً مؤثراً في الكثير من مسارات السلام والتنمية".وفق تعبيره
وتعود جذور النزاع، بحسب مصادر أمنية، إلى خلاف شخصي بين ضابطين في البيشمركة، أحدهما من عشيرة الهركي والآخر من عشيرة كوران، حول مجرى مياه زراعية في منطقة كلك التابعة لقضاء خبات.
غير أن الخلاف تطور لاحقاً إلى مواجهة استخدمت فيها أسلحة ثقيلة، وسط استنفار واسع، وتدخّل قوة أمنية مؤلفة من أكثر من 300 سيارة، بالإضافة إلى قوات من جهاز مكافحة الإرهاب.
يعد الخلاف بين عشيرة الهركي والحزب الديمقراطي الكردستاني من التوترات القديمة التي يُعاد تفعيلها عند كل أزمة، فالقبيلة التي تُعد من أوسع التجمعات الكردية المنتشرة في دهوك وأربيل والسليمانية وحتى سوريا وتركيا، كانت قد تعرضت في السنوات الماضية لتضييق على بعض رموزها، بينهم الشيخ العام جوهر الهركي، الذي انتقل للسكن في السليمانية وأعلن دعمه للاتحاد الوطني الكردستاني.
بدوره، قال الباحث في الشأن العراقي محمد التميمي إن "مثل هذه الحوادث توجه رسائل سلبية إلى المجتمع الدولي والشركات الاستثمارية التي تنظر عادة إلى أربيل بوصفها المدينة الأكثر استقراراً في العراق".
وأضاف التميمي، لـ"إرم نيوز"، أن "تكرار المشهد العشائري المسلح في مركز القرار الكردي قد يهزّ الثقة بالبيئة الآمنة التي طالما حاول الحزب الديمقراطي تكريسها، خصوصاً إذا ما اقترنت تلك التوترات بخلفيات سياسية وصراعات داخلية".
وتكررت الإشارات خلال اليومين الماضيين إلى أن العشيرة تشعر بـ"تهميش" واضح، خاصة في مناطق نفوذ الديمقراطي، وسط اتهامات غير مباشرة بتسليط الأجهزة الأمنية على بعض أبنائها.
ويأتي هذا في وقت تشهد فيه كردستان انقسامات داخلية حادة، على وقع الأزمة المالية المتفاقمة وتأخر صرف الرواتب وتوقف الحوار مع بغداد.