logo
العالم العربي

مناطق ملغومة.. مخازن حزب الله الجبلية تعقّد مسار حصرية السلاح في لبنان

عرض عسكري لميليشيا حزب اللهالمصدر: yandex

حمل قرار الحكومة اللبنانية الأخير أبعادًا سياسية وتقنية متشابكة، إذ سعت المرجعيات الشيعية إلى تجنّب أزمة حكومية عبر اعتماد صياغة ملتبسة لخطّة الجيش اللبناني بشأن حصرية السلاح، إذ اكتفى مجلس الوزراء بـ"الترحيب" بالخطة بدل إقرارها رسميًّا.

وجاء هذا الخيار بعد انسحاب الوزراء الشيعة من الجلسة، بمن فيهم الوزير فادي مكي الذي يُفترض أنه مستقل، ما عكس حساسية الملف ومحاولة السلطة التنفيذية تجنّب أي صدام مباشر مع المكوّن الشيعي.

أخبار ذات علاقة

واشنطن تسلّح الجيش.. و الحزب يتحدّى

حزب الله يتعنت وواشنطن على الخط.. خطة حصر السلاح تضع لبنان في قلب العاصفة

كما طُرحت تساؤلات حول مدى قدرة الجيش على تنفيذ المهمة في ظل إمكاناته المحدودة. فالخطة التي قدّمها العماد رودولف هيكل تبقى حتى الآن محاطة بالسرية، من دون جدول زمني واضح، بخلاف الجلسة السابقة في أغسطس الماضي التي حددت سقفًا لنزع السلاح حتى نهاية العام.

واكتفى مجلس الوزراء هذه المرة بطلب تقرير شهري من قيادة الجيش يوضح تقدّم التنفيذ، وربط المسار بالترتيبات الأمنية مع إسرائيل.

الخبير العسكري الجنرال ناجي ملاعب أكد أن الجيش يعمل منذ أكتوبر الماضي على تطبيق مبدأ حصرية السلاح جنوب الليطاني، ويحتاج إلى ثلاثة أشهر إضافية لاستكمال مهمته هناك. 

وأوضح ملاعب، في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن المؤسسة العسكرية قادرة على محاصرة الأسلحة عبر الحواجز والاستخبارات، لكن التحدي الأكبر يكمن في المخازن الجبلية التي تضم الأسلحة الثقيلة، والتي لم تصلها إسرائيل بسبب طبيعة المنطقة الجغرافية، مشيرا إلى مخاوف إسرائيلية وأمريكية من احتمال استخدام هذه الترسانات مستقبلًا، خصوصًا إذا تمكن حزب الله من إعادة تفعيل "فرقة الرضوان".

خطر المخازن بدا واضحًا في حادثة وادي زبقين – صور، حيث انفجر أحد المخازن أثناء محاولة وحدة من الجيش تفكيكه، ما أدى إلى مقتل ستة جنود لبنانيين. ويصف ملاعب هذه الحادثة بأنها رسالة واضحة على تعقيدات المهمة في غياب تفاهم سياسي شامل، إذ إن الدخول إلى هذه المناطق وتسلم الأسلحة يواجه صعوبات لوجستية وأمنية كبيرة.

ويرى ملاعب أن دعم الجيش بالقدرات العسكرية أمر ممكن، لكن القرار السياسي يبقى بيد الحكومة. واستخدام عبارة "الترحيب" بخطة الجيش كان محاولة لتفادي أزمة ميثاقية بعد انسحاب الوزراء الشيعة، غير أن ذلك يعني عمليًّا إطلاق مسار التنفيذ. وفي ظل غياب جدول زمني، يعمل الجيش على تطويع أربعة آلاف عنصر إضافي بانتظار ترجمة الوعود الدولية بتجهيزه.

أخبار ذات علاقة

مسلحون تابعون لميليشيا حزب الله

"الأحد الحاسم".. أورتاغوس وكوبر إلى بيروت لبدء نزع سلاح "حزب الله"

 وتتوزع على الجيش اللبناني اليوم مهام واسعة، من حفظ السلم الأهلي وضبط الشارع، إلى مكافحة تجارة المخدرات، ومراقبة الحدود مع سوريا، إضافة إلى منع تجاوزات الدراجات التابعة لحزب الله، وصولًا إلى تطبيق حصرية السلاح جنوب الليطاني. كل ذلك في ظل ظروف مالية ولوجستية صعبة، حيث يعمل الجنود بإمكانات متواضعة للغاية.

ويترقب لبنان في الوقت نفسه المسار الذي ستخلص إليه الدبلوماسية الفرنسية، خصوصًا في ما يتعلق بالحصول على ضمانات لانسحاب إسرائيل من المرتفعات التي احتلتها بعد وقف إطلاق النار. كما لا يمكن فصل ملف سلاح حزب الله عن السياق الإقليمي الأوسع، سواء من خلال الضغوط الأمريكية على إيران عبر السيطرة على ممر زنغزور بين أذربيجان وأرمينيا، أو عبر التحركات الإسرائيلية الرامية إلى فرض ترتيبات في سوريا وشمالها الشرقي.

في المحصلة، تبدو مهمة الجيش اللبناني أكبر من إمكاناته الحالية، إذ تتقاطع فيها الحسابات الداخلية الحساسة مع تعقيدات إقليمية ودولية، لتجعل من مسألة "المخازن في الجبال" تحديًا يتجاوز البعد العسكري إلى عمق المعادلة السياسية في لبنان والمنطقة.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC