logo
العالم العربي
خاص

4500 خرق للاتفاق.. لماذا يصمت حزب الله على الاستهداف الإسرائيلي المتواصل؟

تشييع قتلى حزب الله في النبطية المصدر: وسائل إعلام لبنانية

قالت مصادر سياسية لبنانية إن "حزب الله" يواصل التزامه "الصارم" باتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل رغم استمرار إسرائيل بتوجيه ضربات موجعة لبنية الحزب العسكرية والبشرية، وخاصة قيادات "قوة الرضوان" الجديدة التي باتت في مرمى النيران الإسرائيلية.

وذكرت المصادر المطلعة على مجريات الأحداث الميدانية، في تصريحات لـ "إرم نيوز" بأن الجيش الإسرائيلي خرق الاتفاق مع لبنان أكثر من 4500 مرة، منذ سريانه في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024؛ ما أسفر عن مقتل وإصابة المئات، فيما يؤكد "حزب الله" التزامه الكامل بالاتفاق.

المصادر كشفت أيضا أن معظم القادة والمسؤولين العسكريين في حزب الله، الذين استهدفتهم إسرائيل مؤخرا، وآخرهم في غارة "دوحة كفررمان" ، هم ممن كُلفوا حديثا بمهمات ميدانية في "قوات الرضوان"،وهي وحدة النخبة والذراع الضارب في الحزب، وتلعب الدور الرئيس في استراتيجيته العسكرية، وتعمل تحت القيادة المباشرة للقيادة العسكرية لحزب الله. 

أخبار ذات علاقة

عناصر من حزب الله

تقرير عبري: حزب الله محبط من تصاعد الهجمات الإسرائيلية

  هذا "الالتزام" الذي يبديه حزب الله تجاه الاتفاق مقابل الاستباحة الإسرائيلية، والتي وصلت حد "الإذلال"، تكشف، وفقا للمصادر، حجم الأضرار التي تلقاها الحزب في الحرب الأخيرة مع إسرائيل، ومن ثم الضعف والعجز الميداني النابع من حجم الاختراق الكبير والمتواصل لبنية الحزب.

لكن هذا السبب ليس الوحيد لعدم رد الحزب على الخروقات الإسرائيلية وإمعان الجيش الإسرائيلي في توجيه المزيد من الضربات على لبنان، بل تعزوه المصادر إلى شبكة معقّدة من الضغوط والحسابات الإقليمية والداخلية..

قرار إيراني بضبط الإيقاع

تقول مصادر سياسية على صلة بدوائر القرار في بيروت إن القرار الحاسم بعدم الردّ مباشرة على إسرائيل نابع من توجيهات إيرانية واضحة هدفها الأساسي تفادي أي تصعيد يمنح تل أبيب مبرّرا لضرب العمق الإيراني.

فإيران، التي تواجه سلسلة تحديات داخلية واقتصادية وضغوطا في ملفاتها النووية والإقليمية، لا تريد فتح جبهة جديدة قد تجرّها إلى مواجهة مفتوحة. ولهذا تمارس طهران ضغوطا مباشرة على قيادة الحزب لضبط الإيقاع الميداني، وتفادي أي ردّ صاروخي كبير من شأنه أن يُفسَّر كرسالة إيرانية، في حين تحاول القيادة الإيرانية الحفاظ على خطوط تواصل غير معلنة مع واشنطن وبعض العواصم الخليجية.

في المقابل، لا يعني هذا أن الحزب جمد حركته بالكامل. فبحسب معلومات من مصادر ميدانية حصل عليها "إرم نيوز"، يعمل الحزب منذ أسابيع على تنفيذ ما يسمّى "الردّ تحت العتبة"، حيث يقوم بسلسلة من التغييرات في تموضع القوات، وتعزيز الدفاعات الإلكترونية، نقل مستودعات الذخيرة والمعدات الحساسة، وإطلاق عمليات مراقبة مكثّفة دون اللجوء إلى ردّ ناري مباشر.

هذه الإجراءات تهدف، كما تقول المصادر، إلى الحفاظ على القدرات البشرية والتقنية للحزب، بعد أن أظهرت الاغتيالات الأخيرة هشاشة الحماية الميدانية لعدد من قادة "الرضوان" الجدد. فيما يرى مقرّبون من الحزب أن "الصمت في هذه المرحلة هو شكل من أشكال المقاومة"، وأن الهدف هو تفادي حرب استنزاف مفتوحة قد تطيح بما تبقّى من قدراته الردعية. 

أخبار ذات علاقة

الجيش الإسرائيلي على الحدود اللبنانية

نذُر المواجهة تتصاعد.. إسرائيل تجري "محاكاة" لحرب وشيكة مع حزب الله

حسابات الداخل اللبناني

على الساحة اللبنانية، يتداخل العامل الأمني بالاقتصادي والسياسي؛ إذ تشير المصادر السياسية إلى أن الحزب يواجه ضغطا غير مسبوق داخل بيئته، وتزداد الأصوات المطالِبة بعدم التورّط في حرب جديدة. فالانهيار المالي وتدهور الخدمات العامة يجعلان أي مواجهة شاملة مقامرة وجودية بالنسبة للبلاد بأسرها.

وحتى في أوساط الحزب، هناك إدراك بأن معركة كبرى الآن قد تطيح بكل ما تبقّى من رصيد سياسي وشعبي، وتدفع اللبنانيين -بمن فيهم جزء من الحاضنة الشيعية- إلى تحميل الحزب مسؤولية الانهيار الكامل. لذلك يفضّل قادته الإبقاء على ما يصفونها بسياسة "الصبر الاستراتيجي" بانتظار تبدّل الموازين أو تغيّر المزاج الإقليمي.

الضغط الأمريكي والخنق المالي

في موازاة ذلك، تلعب واشنطن دورا ضاغطا ومضاعِفا. فالموفد الأميركي توم باراك لمّح بوضوح في "منتدى المنامة" إلى أن آلاف الصواريخ المنتشرة في جنوبي لبنان "لا تزال تهديدا حقيقيا لإسرائيل"، في رسالة فهمها الحزب على أنها تحذير مبطّن: أي خرق لوقف النار سيُقابل بعقوبات مالية جديدة وربما باستهدافات أوسع عبر إسرائيل.

وتشير مصادر دبلوماسية إلى أن واشنطن تستخدم ورقة المصارف والتحويلات النقدية كسلاح إضافي، وتهدّد بتوسيع العقوبات على شبكات مالية وشخصيات يُشتبه بتأمينها موارد للحزب إذا ما شارك في مواجهة جديدة.

إسرائيل تستثمر الهدوء

على الضفة الأخرى، لا يبدو أن إسرائيل تتعامل مع الهدوء اللبناني كهدوء دائم. فبحسب المصادر، تعتبر تل أبيب أن "انضباط حزب الله" فرصة نادرة لتكثيف الضربات الجراحية التي تستنزف قدراته دون الدخول في حرب واسعة.

وترى المصادر أن عمليات الاغتيال والاستهداف في الجنوب والبقاع تُصنّف في إطار استراتيجية "القصّ التدريجي"، أي تقطيع بنية الحزب العسكرية والإلكترونية على مراحل، لإجباره في النهاية على خيارين: الردّ والدخول في مواجهة شاملة، أو التراجع المستمر حتى فقدان القدرة على الردع.

 

أخبار ذات علاقة

إسرائيل تُخطط  لإقامة 3  مناطق عازلة داخل الأراضي اللبنانية

لنزع سلاح حزب الله.. إسرائيل تخطط لإقامة 3 مناطق عازلة جنوب لبنان

وفي النتيجة، فإنه رغم التزام الحزب بالتهدئة، تدرك قيادته أن إسرائيل قد لا تحتاج إلى مبرّر كبير لتوسيع عملياتها، وأن أي خطأ في الحساب قد يشعل مواجهة غير محسوبة.

من هنا، تقول المصادر اللبنانية إن السيناريو الأقرب هو استمرار "الهدوء المشروط"؛ أي بقاء وقف النار شكليا مقابل استمرار الغارات المحدودة، بينما يتحرّك الحزب تكتيكيًا في الخفاء.

لكن هذا التوازن الدقيق قد ينهار في أي لحظة، خصوصا إذا قررت إسرائيل اجتياحا بريا محدودا نحو مجرى الليطاني، أو إذا رأت طهران أن المواجهة باتت حتمية لتحسين موقعها التفاوضي في ملفات إقليمية أخرى، وفقا للمصادر السياسية اللبنانية.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC