يلجأ عدد كبير من سكان قطاع غزة لصناعة الخبز من مسحوق المعكرونة وما توفر من البقوليات خاصة العدس والأرز، لمواجهة أزمة شح الدقيق التي يعاني منها القطاع، في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي لغزة.
ومنذ مارس/آذار الماضي، أصدرت السلطات الإسرائيلية قرارًا بإغلاق كافة المعابر المؤدية لقطاع غزة ومنعت إدخال المساعدات الإنسانية والغذائية والطبية والوقود، ما تسبب بأزمة إنسانية تتفاقم يومًا بعد يوم، في ظل رفض إسرائيل استئناف إدخال المساعدات.
وعلى إثر القرار أغلقت جميع المخابز التي تعمل بمختلف مناطق القطاع، والممولة من برنامج الغذاء العالمي، حيث يمدها البرنامج بالدقيق والوقود اللازم لتشغليها، فيما أعلنت الحكومة الفلسطينية أن قطاع غزة منطقة مجاعة.
وصفة مجربة
وقالت فداء البحيصي، إنها "اضطرت بعد أكثر من أسبوع من دون خبز لأطفالها أن تلجأ لفكرة طحن المعكرونة وبعض البقوليات من أجل إعداد الخبز من خلالها"، مشيرة إلى أنها لجأت لهذه الوصفة بعد نصيحة من بعض جاراتها.
وأوضحت البحيصي، لـ"إرم نيوز"، أنها "أقدمت مع بداية الإغلاق الإسرائيلي على تخزين كميات من المعكرونة والأرز والبقوليات وبعض الدقيق، خوفًا من فقدانها بالأسواق خلال الفترة المقبلة"، مبينة أنها بعد نفاد مخزون الدقيق وشحه اضطرت لطحن ما قامت بتخزينه.
وأضافت "نقوم بطحن المعكرونة وبعض البقوليات وخلطها مع بعض المواد المنكهة والتي تعطي المسحوق طعمًا شبيها بطعم الخبز"، مشيرة إلى أن الخبز الذي يتم إعداده من المسحوق غريب بعض الشيء لكنه مقبول عند الأكل.
وأكدت خولة محيسن، سيدة تعيل أسرة من 13 فردًا، أن "الخبز المعد من البقوليات هو الخيار الأفضل من الخبز المعد من الدقيق الفاسد"، مشيرة إلى أن شح الدقيق واستغلال التجارة للحاجة إليه ورفع أسعاره كان السبب في اللجوء لبدائل أخرى.
وأوضحت محيسن، لـ"إرم نيوز"، أن "أطفالها كانوا يرفضون في البداية هذا النوع من الخبز، خاصة وأن لونه مختلف وله رائحة مختلفة أيضًا"، لافتةً إلى أنهم اضطروا لتناوله بعد انعدام الخيارات والبدائل وشح الدقيق.
وزادت "للأسف نعيش أوضاعًا صعبة للغاية وما وفرناه لإعداد الطعام منه، نقوم اليوم بالاستعانة به لإعداد الخبز"، مؤكدة أنه وبسبب اللجوء للبقوليات من أجل إعداد الخبز أقدم التجار على رفع أسعارها، ما جعل مهمة الحصول عليها صعبة أيضًا.
خيار سكان غزة
وقال مصطفى جبر، صاحب مطحنة في غزة، إن "المئات من سكان المدينة بدأوا يلجؤون للبقوليات والمعكرونة من أجل إعداد الخبز"، مشيرًا إلى أنه يستقبل عددا كبيرا من الزبائن خلال اليوم لطحن العدس والمعكرونة وغيرها من المواد.
وأوضح جبر، لـ"إرم نيوز"، أن "ذلك يمثل بديلًا مثاليًا عن الدقيق غير المتوفر في القطاع بسبب إغلاق إسرائيل للمعابر"، مضيفًا "أغلب ما هو متوفر من دقيق في غزة إما فاسد أو أن ثمنه مرتفع للغاية ولا يمكن للسكان شراؤه".
وأضاف "في بعض الأحيان يقف الناس طوابير من أجل طحن البقوليات والمعكرونة، بالرغم من أن لونها مختلف بشكل كبير عن الدقيق الأبيض"، لافتًا إلى أن لون الخبز يكون مماثلا لأنواع البقوليات المستخدمة ويكون أحمر في حال استخدام العدس.
وأشار إلى أن "السكان يلجؤون أيضًا لبعض المنكهات التي تعطي طعمًا أفضل للخبز، وبالرغم من أن جودته رديئة ويصعب على الإنسان بلعه أو استخدامه كالخبز العادي؛ إلا أنه يبقى أفضل من الموت جوعًا والبحث عن طعام من دون فائدة"، حسب قوله.