مسيّرة تستهدف سيارة على طريق بلدة مركبا جنوبي لبنان

logo
أبرز التحالفات الفائزة في الانتخابات العراقيةالمصدر: إرم نيوز
العالم العربي
خاص

صراع “الكتلة الأكبر” يعود مجددا.. مفاوضات شائكة تهدد ولادة الحكومة العراقية

قالت مصادر سياسية عراقية مطلعة لـ"إرم نيوز" إن الساعات الماضية شهدت تسارعا في الاتصالات بين القوى الفائزة بالانتخابات البرلمانية، في محاولة لحسم شكل "الكتلة البرلمانية الأكبر" التي ستُكلَّف بتسمية رئيس الوزراء وتشكيل الحكومة المقبلة.

وبينما يصر رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني على أن فوزه الانتخابي يمنحه "الحق الدستوري" في ولاية ثانية، يتحرك نوري المالكي (زعيم ائتلاف دولة القانون وأحد أبرز أركان الإطار التنسيقي) لبناء تحالف مضاد قد يمنع السوداني من العودة إلى رئاسة الحكومة.

أخبار ذات علاقة

موظفون من مفوضية الانتخابات العراقية

تحديد موعد إعلان نتائج الانتخابات العراقية وآلية احتساب المقاعد

إعلان متسرع أم مناورة سياسية؟

وفق المصادر، يستعد الإطار التنسيقي لإعلان نفسه "الكتلة الأكبر" خلال أيام، بعد نجاحه في جمع تحالفات فرعية شيعية وسنية وكردية صغيرة. لكن المراقبين يرون أن هذا الإعلان قد يكون متسرعًا وقد يُدخل العراق في مسار مشابه لما حدث العام 2021، حين فاز التيار الصدري بالانتخابات لكنه عجز عن تشكيل الحكومة بسبب "الثلث المعطل" الذي شكله الإطار.

وتشير معلومات حصل عليها "إرم نيوز" إلى أن المالكي يقود جزءًا من هذا الضغط، خصوصًا بعد شعوره بأن صعود السوداني داخل البيت الشيعي يهدد إعادة توزيع النفوذ التقليدي الذي سيطر عليه لسنوات.

المالكي، وهو أحد أبرز رجالات إيران، يعمل، وفقًا للمصادر، على تجميع كتلة تمنحه قدرة تعطيلية، بهدف فرض شروطه على السوداني أو إقصائه تمامًا من سباق الرئاسة.

الأوزان الجديدة في البرلمان

تشير النتائج الأولية إلى تغير واضح في خريطة القوى داخل البرلمان العراقي (329 مقعدًا)، حيث حصل تحالف "الإعمار والتنمية" بقيادة محمد شياع السوداني على 46 مقعدًا (1.317.491 صوتًا). وحزب "تقدم" بزعامة محمد الحلبوسي، على 36 مقعدًا. كما حصل تحالف العزم على 30 مقعدًا، وائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي على قرابة 30 مقعدًا. فيما نالت تحالفات شيعية أخرى داخل الإطار ما بين 18 و22 مقعدًا مجتمعين.

أما الحزب الديمقراطي الكردستاني (البارتي) فقد حصل على 30 مقعدًا. الاتحاد الوطني الكردستاني (اليكتي) حصل بدوره على 16–17 مقعدًا. ونالت قوى سنية متوسطة وصغيرة 10 إلى 12 مقعدًا موزعة.

ووفق مصادر سياسية، فإن الكتل الكردية والسنية تميل مبدئيًا للتحالف مع السوداني؛ نظرًا لمرونته في التفاهمات، لكنها مترددة في الدخول رسميًا قبل معرفة اتجاه الإطار التنسيقي وموقف إيران النهائي.

السوداني يتمسك بـ"الاستحقاق".. والمالكي يلوّح بـ"الفيتو"

المعادلة اليوم، كما يوضح الباحث السياسي العراقي مهند الجنابي لـ"إرم نيوز"، ليست مجرد مفاوضات حكومية، بل إعادة توزيع للنفوذ داخل البيت الشيعي. الفوز الكبير للسوداني حوّله من "رئيس توافقي" إلى "زعيم كتلة كبرى"، وهذا ما يقلق أطرافًا داخل الإطار التنسيقي، وعلى رأسهم المالكي.

ويعتبر الجنابي أن إيران لا تريد إسقاط السوداني لكنها لا تريد أيضًا رئيس وزراء قويًا مستقلاً عنها. لذلك، تحاول طهران، حسب وصفه، "إعادة تشكيل ميزان القوى داخل الإطار بحيث لا يسمح للسوداني بالانفراد بالقرار السياسي".

وأضاف الجنابي: "ما يجري ليس خلافًا على اسم رئيس الوزراء بقدر ما هو خلاف على مركز القيادة داخل المكوّن الشيعي. السوداني نسف مبدأ القيادة الجماعية داخل الإطار، وهذا يحرج إيران، ويجعل المالكي يلجأ إلى سيناريوهات تعطيل شبيهة بما حدث العام 2021".

أخبار ذات علاقة

جانب من العملية الانتخابية في العراق

جدل الأرقام يتصاعد.. من يملك حقيقة نسب المشاركة في الانتخابات العراقية؟

التحالفات المحتملة… والأبواب المغلقة

مصادر خاصة أكدت لـ"إرم نيوز" أن السوداني أجرى خلال الأيام الماضية سلسلة لقاءات مع قيادات سنية وكردية، وقدم "ضمانات سياسية واقتصادية" للانضمام إلى تحالفه، بينها منح الحزب الديمقراطي الكردستاني بعض الوزارات السيادية الخدمية، والقبول بتسوية جزء من الملفات العالقة مع الإقليم (النفط – الموازنة – سنجار). وأيضًا ترك مساحة أوسع للقوى السنية في إدارة محافظات الأنبار ونينوى وصلاح الدين.

لكن المشكلة ليست في حسم التحالفات بقدر ما هي في قبول الإطار التنسيقي بنتائجها. إذ تخشى أطراف داخل الإطار من أن يؤدي دعم السوداني إلى تعزيز نفوذه على حسابهم، كما حصل مع نوري المالكي العام 2010 حين تحول من مرشح "وسطي" إلى الرجل الأقوى داخل الدولة.

هل يتكرر سيناريو "الثلث المعطل"؟

تشير مصادر "إرم نيوز" إلى أن المالكي بدأ بالفعل بالتواصل مع قوى أصغر لتشكيل "كتلة تعطيلية" تصل إلى نحو 110–115 نائبًا، تمنع السوداني من تمرير حكومته أو فرض شروطه داخل المفاوضات.

لكن مصادر أخرى داخل "الإطار التنسيقي" قالت إن قوى رئيسية مثل الفتح وحركة النجباء وكتائب سيد الشهداء "ليست حاسمة" بعد، وربما تفضل دعم السوداني إذا قدم ضمانات لحماية مصالحها الأمنية والسياسية.

دور إيران.. والسيناريوهات المرجحة

تؤكد مصادر سياسية أن طهران تتابع بدقة ما يجري، وأنها لا تريد صدامًا شيعيًا–شيعيًا يعيد العراق إلى أجواء 2021.

كما أنها لا تتحمس لعودة المالكي إلى الواجهة السياسية المباشرة. وترى أن السوداني "مقبول إيرانيًا" لكنه لا يجب أن يتحول إلى "زعيم شيعي مستقل". ولذلك، تعمل إيران حاليًا على دمج رؤية الطرفين عبر مقترح يقوم على دعم السوداني لولاية ثانية، مقابل تعزيز نفوذ المالكي داخل الحكومة وفي ملفات حساسة، وتقليص مساحة القرار المنفرد للسوداني. لكن حتى الآن، لا توجد صيغة نهائية، وسط مخاوف من اهتزاز البيت الشيعي على نحو يصعب احتواؤه لاحقًا.

وتفيد مصادر "إرم نيوز" السياسية والإعلامية أن المشهد الآن يتجه نحو ثلاثة سيناريوهات رئيسية، أولها فرض "الإطار التنسيقي" ككتلة أكبر مع بقاء الباب مفتوحًا للسوداني للتفاوض. أو تحالف عابر للطوائف يقوده السوداني، إذا ما التزم السُّنة والأكراد بدعمه. أو حالة انسداد سياسي تُعيد الأزمة إلى المحكمة الاتحادية كما حصل سابقًا.

وترى المصادر أن فرص السيناريو الثاني "قائمة لكن ليست مضمونة"، خصوصًا في حال أعلنت كتلة المالكي أنها تمتلك العدد الأكبر؛ ما سيدفع المحكمة الاتحادية للتدخل مرة أخرى لتفسير "الكتلة الأكثر عددًا".

أخبار ذات علاقة

محمد شياع السوداني ونوري المالكي (أرشيف)

بين صعود السوداني وثبات المالكي.. خريطة جديدة تتشكل داخل "البيت الشيعي" بالعراق

حكومة صعبة في لحظة حساسة

كلّ المؤشرات تفيد بأنّ تشكيل الحكومة المقبلة سيكون من أعقد ما مرّ على العراق منذ العام 2003؛ فالأوزان داخل البيت الشيعي تبدّلت، والسوداني بات منافسًا داخل الإطار لا مجرد ممثّل له، في وقت يسعى فيه المالكي إلى استعادة دوره التاريخي، بينما تحاول إيران الحفاظ على قيادة شيعية موحّدة من دون “زعيم قوي واحد”.

وبين هذه الحسابات المتشابكة، يبدو أنّ الالتزام بموعد تشكيل الحكومة وفق التوقيتات الدستورية سيكون بالغ الصعوبة، في ظل تنافس محموم على النفوذ داخل المكوّن الشيعي، وتوجّس سنّي وكردي، وحذر إيراني من تداعيات فوز السوداني.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC