رئيس وزراء أستراليا: الحكومة ستتبنى إصلاحات للقضاء على الكراهية والتطرف
في خطوة هي الأولى من نوعها، بادر ناشطون مدنيون ومعارضون للعملية السياسية في العراق إلى تقديم دعوى قضائية رسمية ضد عدد من الأحزاب التي تمتلك أجنحة مسلحة.
وطالب الناشطون مفوضية الانتخابات والمحكمة الاتحادية باستبعادها من المشاركة في الانتخابات المقبلة المقررة في تشرين الثاني/ نوفمبر القادم.
وتُظهر أوراق الدعوى التي تقدم بها "تجمع الاستقلال العراقي" تفاصيل دقيقة عن تسجيل تلك الأحزاب في المفوضية رغم امتلاكها ميليشيات مسلحة، وهو ما يعد مخالفة صريحة للدستور العراقي وقانون الأحزاب السياسية رقم 36 لسنة 2015، الذي نص بشكل واضح على عدم جواز مشاركة أي حزب لديه تشكيلات عسكرية أو يرتبط بجهات خارجية.
وبحسب القائمين على هذه المبادرة، فإن تسجيل تلك الأحزاب جرى في ظروف سياسية مرتبكة و"في غفلة من الزمن"، ما سمح لها بالتحول إلى لاعب انتخابي، على الرغم من امتلاكها سلاحاً منفلتاً يشكل تهديداً مباشراً لفرص العدالة الانتخابية.
ويأمل أصحاب هذا التوجه أن تستجيب المفوضية العليا للانتخابات لهذه المطالب، خاصة أن القوانين العراقية شددت على حيادية السباق الانتخابي ومنع أي تأثير عسكري أو خارجي على خيارات الناخبين.
ويشير هؤلاء إلى أن القانون لم يكتف بحظر مشاركة الأحزاب المسلحة فحسب، بل ذهب أبعد من ذلك حين منع تشكيل الأحزاب على أسس طائفية أو عنصرية أو مرتبطة بدول أجنبية، إلا أن التجارب السابقة أثبتت أن تلك البنود تحولت إلى مجرد نصوص نظرية لم تجد طريقها إلى التطبيق.
ويؤكد "تجمع الاستقلال العراقي" أن انتخابات عام 2018 وما تلاها من دورات برلمانية تشكل أوضح دليل على تعطيل القانون، إذ شاركت معظم الفصائل المسلحة بواجهات سياسية وحصلت على مقاعد مؤثرة داخل البرلمان، ما مكنها لاحقاً من التحكم بقرارات الدولة وإدامة وجودها.
بدوره، أكد الباحث في الشأن السياسي عبدالغني الغضبان أن "إشراك أحزاب تمتلك ميليشيات في الانتخابات يمثل خرقاً صارخاً للقانون والدستور".
وبين الغضبان أن "الحراك المدني ينقسم حالياً إلى مسارين، الأول يسعى لاستبعاد هذه الأحزاب من العملية الانتخابية، والثاني يطالب بترحيل الانتخابات إلى عام 2026 باعتبار أن الظروف الحالية لا تسمح بإجرائها".
وأوضح الغضبان في حديث لـ"إرم نيوز" أن "القوى المدنية قدمت شكاوى موثقة حول تسجيل أحزاب مسلحة، وهو ما يتعارض مع أبسط مبادئ العدالة الانتخابية".
وأضاف أن "المقاطعة الشعبية السابقة، التي وصلت إلى 80% في بعض المناطق، كانت نتاجاً لغياب الثقة بهذه المنظومة، واستمرار هذه الأحزاب في السيطرة سيجعل الانتخابات المقبلة فاقدة للشرعية بشكل أكبر".
وأشار إلى أن "هناك شخصيات وطنية لعبت دوراً أساسياً في تأسيس الدولة وكتابة الدستور تم إقصاؤها وتهميشها، فيما سمح للأحزاب والميليشيات بأن تتحكم بمصير العملية السياسية، وهو ما يضع العراق أمام مأزق ديمقراطي حقيقي".
وتم تقديم الشكاوى إلى دائرة الأحزاب في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، بالتوازي مع إقامة دعوى قضائية أمام المحكمة الاتحادية العليا ضد مجلس النواب للطعن في قانون الانتخابات الحالي، بدعوى أنه يتضمن مواد غير دستورية ويمنح الأفضلية للأحزاب الكبيرة ذات النفوذ المسلح والمالي.
ويؤكد أصحاب الدعوى أن هذه الخطوة تمثل بداية لمسار طويل من المعارضة القانونية، في محاولة لإخراج المنافسة الانتخابية من قبضة السلاح والمال السياسي، وإعادتها إلى ساحة التنافس المدني والدستوري.
ومن شأن الاستجابة إلى هذه الدعوى وقبولها أن تفتح الباب أمام تغيير جذري في المشهد الانتخابي، عبر استبعاد القوى المسلحة من الترشح والمنافسة، وهو ما قد يعيد بعض الثقة إلى العملية السياسية ويمنح فرصة أكبر للأحزاب المدنية والمستقلين.
بدوره، أوضح الخبير الانتخابي أحمد العبيدي أن "هذه الخطوة تمثل أول اختبار حقيقي لجدية المفوضية والمحكمة الاتحادية في تطبيق القوانين النافذة".
وأضاف لـ"إرم نيوز" أن "إصرار القوى المستقلة على المسار القانوني والدستوري يضع السلطات أمام مسؤولياتها، فإما أن تبرهن على استقلاليتها وتمنع أحزاب الميليشيات من المشاركة، أو أن تثبت أنها خاضعة لضغوط القوى المتنفذة".
وأشار إلى أنه "في حال قبول الدعوى فإن موازين القوى قد تتغير بشكل كبير داخل البرلمان المقبل، أما إذا رُفضت فسيكون لذلك أثر سلبي على نسبة المشاركة الشعبية، وربما يقود إلى عزوف واسع يهدد استقرار العملية السياسية برمتها".
ويرى مختصون أن أي استجابة جدية لهذه المطالب ستضع الدولة أمام اختبار صعب، بين خيار مواجهة الميليشيات وقوى النفوذ، أو الاستمرار في سياسة المساومات التي أفرغت القوانين من محتواها.
وتضمنت عريضة الدعوى معلومات تفصيلية عن الميليشيات المسلحة التي تشارك بواجهات سياسية، إلى جانب وثائق وصور ومقاطع مرئية توثق الأنشطة العسكرية لهذه التشكيلات، ما يجعلها بعيدة عن أي إطار سياسي مدني خالص.