حزب الله: تحرك مجلس الوزراء اللبناني بشأن خطة الجيش فرصة للعودة إلى الحكمة والتعقل
وسط التحولات الجارية في سوريا، والحديث المتصاعد عن "الفيدرالية" أو "التقسيم"، يرى خبراء أن زيارة الرئيس الانتقالي أحمد الشرع تشير إلى مرحلة جديدة يتم التحضير لها، وفي بعض جوانبها قد تكتسب بُعداً إقليمياً، يتصل بالعلاقة المستقبلية مع إسرائيل.
وتحاول فرنسا أن تعيد تثبيت نفسها في سوريا، وفي الوقت نفسه، تحاول الحد من النفوذ الروسي بما يتماشى مع مصالحها الدولية.
تأتي تلك التحركات وسط تصاعد الحديث عن تقسيم سوريا إلى أقاليم ذاتية تشمل المناطق التي يقطنها العلويون، أو الدروز، أو الأكراد؛ ما يثير تساؤلات حول مستقبل سوريا ووحدتها السياسية ومدى نجاح هذه الأقاليم حال تنفيذها على أرض الواقع.
حول هذا الموضوع، قال مدير مركز "جي إس إم" للأبحاث والدراسات، آصف ملحم، إن الأمر الثابت حول زيارة الشرع إلى فرنسا، هو إيقاف أي عمليات ضد الغرب بموجب اتفاق قديم-جديد مقابل امتيازات معينة، بدأت تظهر الآن، من بينها دعمه في السلطة وفك ارتباطه بتنظيم "القاعدة"، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، يكمل الخطة.
وأضاف لـ"إرم نيوز"، أن الشرع الآن يحتاج إلى اعتراف دولي، لذلك سارع لتلبية دعوة الإليزيه، معتبراً أن هذه اللقاءات قد تسهم بتحسين الوضع، وتصديره للعالم على أنه رئيس معتدل قادر على إدارة سوريا، لكن المفارقة أن ماكرون هو الرئيس الغربي الوحيد الذي استقبل الشرع.
وأشار إلى أنه في العام 2021، التقى أحد ضباط الاستخبارات البريطانية، جوناثان باول، والذي أصبح الآن مستشار الأمن القومي البريطاني، مع "أبو محمد الجولاني" آنذاك عند معبر باب الهوى، واتفقا على هذه النقاط نفسها، لذلك، فإن باريس الآن تكمل ما قامت به لندن.
وأوضح ملحم أن إسرائيل عادةً ما تلجأ إلى فرنسا لإرسال الرسائل إلى سوريا، بهدف تعديل الموقف السوري أو محاولة التأثير على السياسة السورية بشكلٍ عام، بالتالي إن العامل الإسرائيلي لا يجب نفيه إطلاقاً، ولا شك من أن المحادثات بين الشرع وماكرون تضمنت هذا الجانب، بحيث لا تتحول سوريا إلى تهديد لإسرائيل.
وبيّن أن فرنسا أيضاً تحاول البحث لها عن موطئ قدم على الشواطئ الشرقية للبحر المتوسط، خاصة بعد خسارتها لمواقعها في أفريقيا، حتى أنها حاولت أن يكون لها تواجد في أوديسا الأوكرانية ولم تتمكن، ويبدو الآن أنها وجدت الفرصة في سوريا، لذلك دعوة ماكرون للشرع هي محاولة لمقاومة الوجود الروسي في سوريا وفق قوله، كما أن الشرع نفسه أشار إلى مباحثات غير مباشرة مع إسرائيل.
وفيما يتعلق بالإدارات الذاتية في سوريا، ذكر أن فرنسا قالت بوضوح إنها مدافعة عن الأكراد، لكن وفق تقديره أن هذا الطرح لم يكن مباشراً أمام الشرع، لكن واقع هذه الإدارات مرتبط بالواقع على الأرض وحيال ذلك لا تستطيع فرنسا فعل شيء. وخلص إلى أن هناك طرحاً قوياً حيال الإدارات الذاتية وتحويل سوريا إلى ما يشبه الفيدرالية.
ومن جانبه، قال رئيس المكتب السياسي للمجلس العسكري في الجنوب السوري، نجيب أبو فخر، إن زيارة الشرع إلى فرنسا توازنت مع المطالب الإسرائيلية، وهو أمر مختلف عن توازن المطالب بين إسرائيل وتركيا، وسوريا بموقع المساومة ما بين هذه الدول تحديداً؛ لأنها في مواقع القرار بما يتعلق بالملف السوري واللبناني حالياً.
وأضاف لـ "إرم نيوز"، أن فرنسا لا تمانع أن يكون تقاطعها مع إسرائيل لتقسيم سوريا إلى دويلات خاصة وأن لها تجربة فيه، بينما تركيا تريد سوريا دولة موحدة لإضعاف النفوذ الكردي ولضمان عدم خروج دولة كردية موحدة بالشرق الأوسط، تقضم جزءاً من العراق وبالتالي يأتي الدور على إيران وتركيا، لذلك ستعمل كل ما بوسعها لتمنع هذا المشروع.
وبيّن أن ما يحدث على أرض الواقع هو شيء مختلف تماماً، فكل المؤشرات تبين أن هناك من يريد أن يمهد للتقسيم عبر أقاليم، مستغلين بعض الأحداث، وهذا يسير بالتوازي في تسريع هذا الأمر، فالمطلوب اليوم عدالة تشاركية تقطع الطريق على هذا المشروع والمستفيدين منه.
وختم بالقول، إن المرحلة الحالية بشكل عام تشير إلى أن سوريا اليوم لا تشبه سوريا السابقة، وهناك إلى جانب الأقاليم الذاتية من يعمل في هذا الاتجاه الذي سيجعل من الفيدرالية أمراً واقعاً.