تشهد الضفة الغربية موجة عنف غير مسبوقة من قبل مستوطنين إسرائيليين متطرفين، يشنّون هجمات منسقة على القرى الفلسطينية تحت حماية الجيش الإسرائيلي.
وقال تقرير نشرته صحيفة "لو موند" الفرنسية إن التصعيد في الضفة الغربية يجري وسط صمت دولي مريب.
ووفقًا للتقرير، فإن بلدة كفر مالك شمال شرق رام الله كانت مسرحًا لهجوم عنيف شنّه أكثر من مئة مستوطن في 25 يونيو حزيران الحالي، وأسفر عن مقتل ثلاثة فلسطينيين.
كما أطلقت القوات الإسرائيلية النار على الأهالي خلال محاولتهم الدفاع عن منازلهم، ما أدى إلى إصابة عدة أشخاص، بينهم الفتى أمير (15 عامًا)، الذي أصيب بطلق ناري بينما كان يحاول الوصول إلى والده.
وطغت مشاهد الصدمة على مستشفى رام الله، حيث توافد الأهالي لوداع ذويهم وسط صرخات الحزن ولف الجثامين بالأعلام الفلسطينية.
وقال أمير وهو على سريره في المستشفى عن المستوطنين المهاجمين: "كانوا يتواصلون عبر مجموعات واتساب قبل الهجوم... إنهم وحوش".
وجاء الهجوم تزامنًا مع تشييع طفل آخر، يدعى معتز، ويبلغ من العمر 13 عامًا، كان قد قُتل قبل يومين برصاص إسرائيلي.
وفي مشهد متكرر، أضرم المستوطنون النيران في المنازل والمركبات، وكتبوا على الجدران شعارات انتقامية بالعبرية، فيما أكّد شهود عيان أن جنود الجيش الإسرائيلي كانوا يسيرون خلف المستوطنين ويوفرون لهم الحماية.
من جانبه، أوضح بلال حمايل، أحد سكان البلدة، أن الهجوم وقع بينما كانت زوجته ترضع طفلتهما البالغة من العمر 20 يومًا. وأضاف: "ركضنا للنجاة، لكن الجنود بدأوا بإطلاق النار خلف المستوطنين".
وفي موقع آخر قرب بلدة الطيبة، أفاد فلسطينيون بأن مستوطنين هاجموا بيوتهم وأضرموا النيران في سياراتهم، ووصل الأمر إلى سكب البنزين على نافذة غرفة كانت تضم أمًا وطفلتيها.
ويقول سليمان كعابنة، أحد سكان البلدة: "هاجمونا من قبل، لكن لم يكن العنف بهذه الوحشية".
وأظهرت بيانات مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة تصاعدًا ملحوظًا في هجمات المستوطنين بالضفة الغربية، حيث تم تسجيل 23 هجومًا بين 17 و23 يونيو حزيران، تسببت بإصابات وأضرار مادية.
ووثّقت الأمم المتحدة أكثر من 30 حادثة قام فيها الجيش الإسرائيلي بالاستيلاء المؤقت على منازل فلسطينية وتحويلها إلى نقاط عسكرية أو مراكز استجواب.
في مدينة نابلس، المحاصرة بـ7 حواجز عسكرية و130 نقطة تفتيش أخرى، قال رئيس البلدية حسام شخشير إن المدينة باتت معزولة تمامًا وسط أزمة اقتصادية خانقة، بسبب إغلاق الطرق ونقص الوقود وتراجع رواتب الموظفين العموميين إلى أقل من 35%.
ويقول شخشير: "الاحتلال لم يعد بحاجة لحرب... هو يسيطر على كل شيء".
أما بلدة سنجل الواقعة بين نابلس ورام الله، فقد شهدت مؤخرًا بناء سياج معدني بطول 4 كيلومترات وارتفاع 4 أمتار، يقيّد حركة السكان ويخنق حياتهم اليومية.
ويقول المواطن عادل فقهاء: "نحن في سجن كبير، لكن على الأقل هذا السياج يحمينا من هجمات المستوطنين".
وفي ظل هذا التصعيد، تتزايد المخاوف من أن يتحول العنف في الضفة الغربية إلى نزاع مفتوح، في وقت يواصل فيه المجتمع الدولي تجاهل معاناة السكان الفلسطينيين تحت الاحتلال والاستيطان.
ويحذّر مراقبون من أن التوسع الاستيطاني والانتهاكات اليومية تقوّض بشكل خطير فرص حل الدولتين.