logo
العالم العربي
خاص

تحول نوعي.. ماذا وراء "العملية المزدوجة" للجيش الإسرائيلي في الكسوة؟

تحول نوعي.. ماذا وراء "العملية المزدوجة" للجيش الإسرائيلي في الكسوة؟
جنود إسرائيليون في الجنوب السوريالمصدر: رويترز
28 أغسطس 2025، 6:43 م

كشف مصدر عسكري سوري، أن الجيش الإسرائيلي نفّذ "عملية مزدوجة"، عندما استهدف مساء الأربعاء، نقاطا عسكرية للجيش السوري ومستودعات أسلحة، ونفذ في ذات الوقت إنزالا جويا على تلة المانع قرب الكسوة بريف دمشق.

وقال المصدر إن القصف الإسرائيلي استهدف مستودعات ومخازن للصواريخ من طرازات مختلفة كانت إيران وحزب الله قد تركاها خلفهما عقب انسحابهما من سوريا، وذلك منعا لوقوعها في يد ما تسمى "جبهة المقاومة الإسلامية-أولي البأس" المدعومة من إيران، أو أي مجموعات أخرى تنشط في الجنوب السوري، بما فيها القوات التابعة للجيش السوري. 

وكان مصدران عسكري وحزبي، أبلغا "إرم نيوز" أول أمس، أن إيران وحزب الله سلما إحداثيات مخازن أسلحة وصواريخ سرية، خبأها الحرس الثوري و"حزب الله" في مناطق مختلفة من الجنوب السوري، لقائد ما يسمى "جبهة المقاومة الإسلامية - أولي البأس" أبو جهاد رضا، وتحوي صواريخ  "كورنيت" و"إيغلا" المحمولة على الكتف، إضافة إلى أنواع أخرى من الأسلحة والتجهيزات العسكرية.

أخبار ذات علاقة

الموقع الذي يقال إن الإنزال الإسرائيلي حدث فيه

الجيش الإسرائيلي ينفذ إنزالاً جوياً في الكسوة قرب دمشق (فديو)

 فخ مُعد مسبقا

المصدر العسكري قال لـ"إرم نيوز"، إن إسرائيل رصدت سابقا هذه المخازن، ونصبت فخا، عبر وضع أجهزة تنصت وتجسس في الموقع، لمراقبة المجموعات أو القوات التي تنوي السيطرة عليها ومن ثم استهدافها قبيل وضع يدها على هذه الأسلحة، لكن ما حصل أن الجيش السوري نشر معدات عسكرية قرب الموقع بما فيها الدبابات، ثم اكتشف هذه الأجهزة، وعمد إلى فكها وإزالتها، وهو ما دفع الإسرائيليين، على الأرجح، إلى تنفيذ عملية إنزال استمرت ثلاث ساعات، ولاحقا قصف الموقع والمواقع العسكرية المحيطة به، التابعة للجيش السوري الحالي.

المصدر أشار إلى أن إسرائيل سبق واشترطت على دمشق، عبر تصريحات مسؤوليها العسكريين والسياسيين، أو حتى أثناء المباحثات مع الجانب السوري، بأن الجنوب السوري يجب أن يكون منزوع السلاح، بينما قامت القوات السورية بنشر "أسلحة ثقيلة"بما فيها دبابات ومدفعية، مشيرا إلى أن هذا القصف العنيف الذي توزع على يومين هو رسالة إسرائيلية للسلطة السورية مفادها "ممنوع نشر الأسلحة الثقيلة".

وتعرضت تلة جبل المانع، التي تحوي على قطعة عسكرية لجيش النظام السوري السابق كانت قد شغلتها مؤخرا قوات من الجيش السوري الجديد، لاستهدافات متكررة من الطيران الإسرائيلي، قبل وبعد سقوط النظام السوري، لكنها المرة الأولى التي تجري عملية إنزال عليها.

وكان الجبل يحتوي على اللواء "76" (دفاع جوي)، وهو تابع لـ"الفرقة الأولى" في جيش النظام السابق، ومستودعات أسلحة خلفتها إيران بعد انسحابها من سوريا.

تحول نوعي

الباحث السوري مازن بلال، يقدم قراءته لطبيعة الاستهدافات الإسرائيلية الأخيرة في جنوب سوريا، مشيرا في تصريحات لـ "إرم نيوز"، إلى أن  التصعيد الإسرائيلي الأخير في سوريا لم يكن مجرد ضربة عابرة ضمن سياق المواجهات التقليدية الممتدة منذ أكثر من عقد، بل جاء كتحول نوعي في طبيعة الاشتباك وملامح التوازن الإقليمي، حيث لم يقتصر الأمر على الضربات الجوية، بل رافقه تحرك ميداني خطير تمثل بإنزال عسكري في تلة المانع، وقبل ذلك على جبل الشيخ، واحتلال مواقع داخل الأراضي السورية.

ويقول بلال إن ما حدث مؤخرا يشي بانتقال مدروس نحو استنزاف "الجيش السوري" نفسه، عبر ضرب وحداته الميدانية وفرق الإنقاذ التي تتحرك في محيط المواقع المستهدفة، وهذا التحول – الذي تؤكده مصادر عسكرية وإعلامية – يعكس محاولة ممنهجة لإضعاف القدرة العسكرية السورية على المدى الطويل، باستخدام أدوات منخفضة الكلفة وفعالة في آن واحد، وعلى رأسها الطائرات المسيّرة.

ويرى الباحث السوري أن هذا التغيير ليس تفصيلا عابرا، بل هو جزء من مقاربة أوسع تهدف إلى تغيير معادلة الردع، فلم تعد إسرائيل تركز فقط على منع نقل السلاح أو تعطيل البنية التحتية العسكرية، بل باتت ترى في أي تواجد عسكري هدفا مشروعا، باعتباره الحلقة المركزية في أي توازن إقليمي محتمل.

أخبار ذات علاقة

قوات إسرائيلية في حوض اليرموك جنوب سوريا

الجيش الإسرائيلي: صادرنا أسلحة واعتقلنا "مشتبهًا بهم" جنوب سوريا

 الخطوة الأخطر

 الأخطر في المشهد، كما يرى بلال، تمثل في الخطوة الإسرائيلية المتمثلة بإنزال نحو ستين جنديا والسيطرة على مواقع استراتيجية قرب جبل الشيخ (قرية رخلة)، فرغم محاولة تل أبيب تصوير العملية كتحرك "روتيني" لحماية مستوطنات الجولان، إلا أن الحقائق الميدانية تؤشر إلى تثبيت وجود عسكري إسرائيلي في نقاط تسمح بمراقبة عميقة للجغرافيا السورية.

موضحا أن "جبل الشيخ لم يكن يوما مجرد موقع حدودي، بل شكل عبر عقود عقدة استراتيجية ترتبط بالسيطرة على الممرات الجنوبية نحو دمشق، فضلا عن كونه خزانا مائيا ونقطة إشراف على الامتداد السوري-اللبناني، ومن هنا فإن أي وجود عسكري إسرائيلي دائم في هذه المنطقة يعني عمليا إعادة صياغة التوازنات الأمنية والإقليمية، وإلغاء عمليا لفكرة الحدود المستقرة التي نشأت منذ اتفاقية فض الاشتباك عام 1974".

ويخلص الباحث السوري إلى أن الرسالة الإسرائيلية واضحة عبر مفهوم جديد، فتوسيع مسرح العمليات داخل سوريا لم يعد خطا أحمر، والاستهداف المباشر للوجود العسكري قرب جبل الشيخ، يعكس انتقالا نحو مرحلة جديدة، حيث تحاول "إسرائيل" فرض وقائع جغرافية – عسكرية، مع تغليفها بخطاب إنساني وسياسي، وفي المقابل، يبدو النظام السوري الجديد في دمشق تائهاً بين هشاشة التوازنات الإقليمية وغياب الرؤية الوطنية الداخلية.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC