تناولت أبرز الصحف العالمية الصادرة اليوم الأربعاء، آخر تطورات الحرب في أوكرانيا، وسط حديث عن "معضلة إستراتيجية مؤلمة" لكييف بشأن الاختيار بين "سحب" القوات من مدينة سيفيرودونتسك المحورية بمنطقة "دونباس" الشرقية وتسليمها للروس، أو "مواصلة القتال" والمخاطرة بخسارة المزيد من الجنود.
في المقابل، ناقشت صحف تقاريرَ تفيد بأن الجنود الروس في ساحات القتال يرتبون "زيجات وهمية" يستخدمونها ذريعة للهروب من الحرب في أوكرانيا.
"الانسحاب أو القتال" معضلة أوكرانيا بسيفيرودونتسك
تحدثت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية عن "معضلة إستراتيجية" لأوكرانيا في "سيفيرودونتسك" في دونباس، حيث يواجه قادة كييف الآن قرارا مصيريا رئيسا؛ إما انسحاب القوات من المدينة والتقهقر إلى المواقف الدفاعية، وإما البقاء والمخاطرة بحصار وشيك من قبل القوات الروسية.
ورأت الصحيفة الأمريكية، أن القرار يعكس الخيارات التي كان يتعين اتخاذها منذ بدء "الغزو الروسي"؛ بين إعطاء الأرض لتجنب الموت والدمار على المدى القصير، أو الصمود أمام الصعاب الطويلة على أمل أن تؤتي ثمارها لاحقا.
وأشارت إلى أن الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، يبدو أنه قرر البقاء على الخيار الأخطر عندما صرح الثلاثاء، بأن الانسحاب الآن إلى مواقع أفضل على الأرض المرتفعة عبر نهر "سيفيرسكي دونيتس"، ثم القتال لاستعادة المدينة لاحقا، سيكون أصعب وسيترتب عليه ثمن أعلى من إراقة الدماء، وقال "أبطالنا لا يتخلون عن سيفيرودونتسك".
واعتبرت الصحيفة أن القرار يعد "اجترارا علنيا نادرا" لزيلينسكي، بشأن اتخاذ القرار الإستراتيجي في الحرب، ويسلط الضوء على أهداف حكومته، نظرا لأن "سيفيرودونتسك" آخر مدينة رئيسة في منطقة "لوهانسك" الانفصالية، والاستيلاء عليها سيمنحهم سيطرة شبه كاملة على ذلك الجيب.
ورأت "نيويورك تايمز"، أن "الواقع على الأرض يثبت صعوبة تحقيق القوات الأوكرانية أي انفراجة عسكرية في الأيام المقبلة، أو حتى قدرتها على الاحتفاظ بما تبقى لها من مناطق في سيفيرودونتسك"، مشيرة إلى أن "زيلينسكي، يوجه قواته إلى الاتجاه الخاطئ، لكنها اعتبرت في الوقت ذاته أن قرار الرئيس الأوكراني جاء حفاظا على معنويات قواته".
من جانبها، ذكرت صحيفة "الغارديان" البريطانية أن القوات الروسية استهدفت الثلاثاء، المواقع الأوكرانية في سيفيرودونتسك بقصف مدفعي مكثف واشتباكات متواصلة من شارع إلى شارع.
وأشارت الصحيفة إلى أن "التصعيد الروسي يأتي بعد الهجوم المضاد الأوكراني نهاية الأسبوع الماضي، حيث كان الجنود الروس يسعون لاستعادة زمام المبادرة، وكانوا يحاولون المضي قدما لطرد المقاتلين الأوكرانيين من آخر معقل لهم في المنطقة.
ونقلت "الغارديان" عن حاكم المنطقة، سيرغي غايداي، قوله إن "معارك الشوارع العنيفة مستمرة بدرجات متفاوتة.. الوضع يتغير باستمرار، لكن الأوكرانيين يصدون الهجمات".
وأضاف غايداي، أن "مدينة ليسيتشانسك المجاورة، على بعد بضعة كيلومترات جنوب سيفيرودونتسك، دمرت بالكامل، وأن الروس يستخدمون تكتيكات الأرض المحروقة".
وأكدت الصحيفة أن "الكرملين يحرص على إعلان النصر في سيفيرودونتسك؛ ما يمنحه السيطرة الكاملة على مقاطعة لوهانسك، للوفاء بتعهده حول تحرير أجزاء من ولايتي دونيتسك ولوهانسك غير الخاضعة بالفعل للانفصاليين".
وكان وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، صرح بأن "97٪ من المنطقة باتت تحت السيطرة، وأن قواته تتقدم من بوباسنا على بعد 30 كيلومترا جنوب سيفيرودونيتسك".
وقالت الصحيفة "تحرز موسكو تقدما بطيئا بشكل عام.. وبعد 7 أسابيع من بدء العملية العسكرية في دونباس، لم تتمكن من السيطرة على المدن الرئيسة، مثل: سلافيانسك، وكراماتورسك، أو تطويق الجيش الشرقي لأوكرانيا، كما كانت تأمل".
"زيجات وهمية" للهروب من الحرب
نقلت مجلة "نيوزويك" الأمريكية عن مزاعم أوكرانية، قولها، إن عناصر من القوات الروسية "ترتب زيجات وهمية" في محاولة للهروب من القتال في أوكرانيا.
ووفقا للمجلة، يأتي التقرير في الوقت الذي يعتقد فيه أن القوات الروسية تشعر بالإحباط بشكل متزايد بعد أكثر من 100 يوم من الحرب.
وقالت المجلة في تقرير لها، إن "جهاز أمن أوكرانيا زعم - بعد مكالمة اعترضتها وأصدرتها وكالة المخابرات الأوكرانية - أن جنديًّا روسيًّا قبِض عليه وهو يحاول تنظيم عرض زواج مزيف للهروب من ساحات القتال".
وأضافت أنها ترجمت منشورا لجهاز الأمن الأوكراني على "الفيسبوك"، يقول "المحتلون الروس يحاولون عقد زيجات صورية هربا من الحرب.. يتضح هذا من خلال المحادثات الهاتفية للغزاة الروس، والتي تم اعتراضها من قبل إدارة الجهاز".
وذكرت أنه في المحادثة التي تم التنصت عليها، زعم الجهاز الأمني الأوكراني أنه "يمكن سماع الجندي الروسي وهو يصف كيف طلب من صديقه الذهاب إلى مكتب التسجيل وتقديم عرض زواج لتجنب الحرب".
واتخذ الجيش الروسي إجراءات صارمة ضد المنشقين في الأسابيع الأخيرة.
وأضاف المنشور "نظرا للعدد الكبير من المنشقين في جيش العنصريين، لا يمكنهم الآن العودة لديارهم إلا في 3 حالات؛ إصابتهم أو وفاتهم أو وفاة أحد أقاربهم.. خيار الزواج الوهمي لن ينفع الجنود".
وذكرت "نيوزويك" أنه "في الشهر الماضي، قال مسؤولون أوكرانيون إن قائدًا روسيًّا ذهب إلى حد إطلاق النار على ساقه لتجنب الذهاب إلى الخطوط الأمامية".
وأضافت "ورد أن الجنود الروس توقفوا عن تلقي الأوامر وقاموا حتى بتخريب مركباتهم الحربية.. وتم سماع صوت القوات المحبطة وهي تقول إن الحرب من المحتمل أن تستمر لعدة أشهر، وإن روسيا ستستمر في مواجهة خسائر كبيرة".
واختتمت المجلة بالقول "يعاني الجيش الروسي من نقص عام في القوات وانخفاض الروح المعنوية بين أولئك الذين ما زالوا يقاتلون.. ويقدر المسؤولون الأوكرانيون أن نحو 30 ألف جندي روسي لقوا حتفهم بالفعل، بينما قتل ما لا يقل عن 10 من كبار الجنرالات العسكريين".
تحديات تواجه "الناتو"
اعتبرت مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية، أن هجوم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، على أوكرانيا في فبراير/شباط الماضي، بمثابة الخطأ الفادح، والذي أدى إلى تقوية حلف شمال الأطلسي "الناتو" من خلال حشد إجماع غير مسبوق بعد الحرب الباردة داخل الحلف لصالح الاستعداد العسكري والالتزام المشترك لردع أي عدوان ضد أي عضو.
وذكرت المجلة "أيدت الدول الأعضاء في الناتو، بقوة العقوبات الاقتصادية وغيرها من الإجراءات السياسية لعزل روسيا ورفع التكاليف المصاحبة للقتال الروسي المستمر في أوكرانيا.. ومع احتمال انضمام فنلندا والسويد، سيزداد عدم ارتياح روسيا وقدرة الحلف على الردع في أوروبا".
وقالت "في أعقاب غزو بوتين والتوسع المحتمل لحلف الناتو، ينبغي تجنب التراخي بين الدول الأعضاء.. إن ردع روسيا على المدى القصير يقلل من المطالب التي سيفرضها النظام الدولي والسياسة الأوروبية على توسيع الحلف في الأعوام المقبلة.. وسيكون التماسك السياسي للناتو، والاستعداد العسكري ومهارات إدارة التصعيد ضرورية للتعامل مع مجموعة متنوعة من التحديات، من بينها ما يجب فعله مع روسيا ما بعد بوتين."
وتحت عنوان "كيف يمكن للناتو مواجهة تحديات القرن الحالي؟"، أوضحت المجلة أن "المسألة الأولى الملحة هي العلاقة السياسية بين الناتو وروسيا بعد تقاعد بوتين، أو عزله"، مشيرة إلى أنه إذا تمت "تسوية حرب روسيا ضد أوكرانيا عن طريق المفاوضات الدبلوماسية، فإن نظام ما بعد الحرب في روسيا سيكون أمامه عدة خيارات".
وقالت "أولا، يمكن أن تحافظ موسكو على الموقف التحريفي تجاه النظام الدولي القائم على القواعد الحالية في أوروبا وأماكن أخرى.. وثانيا، يمكن أن تتبنى سياسة أكثر توجها للوضع الراهن تستقر على تسوية مؤقتة مع الناتو الموسع، وتجني مكاسب صغيرة تم الحصول عليها في الحرب ضد أوكرانيا، وتتخلى، على الأقل على المدى القصير، عن طموح تغيير النظام في دول أوروبية أخرى".
وعن التحدي الثاني للناتو، أضافت المجلة "لا بد أن يركز التحالف الغربي على تطوير أجندة الأمن الجماعي الخاصة به فيما يتعلق بالإرهاب الدولي، والتي تراجعت بشكل كبير في أعقاب الانسحاب الأمريكي الفوضوي من أفغانستان في أغسطس/ آب الماضي، وتنامي حركة طالبان، وتصاعد هجمات تنظيم داعش".
وأشارت المجلة إلى أن القضية الثالثة لـ"الناتو"، تتمثل بكيفية إعادة التفكير في علاقته مع الصين الصاعدة، إذ تتحدى القوة العسكرية والاقتصادية المتنامية للصين النظام الأوروبي القائم على القواعد الدولية وتخلق العديد من المعضلات الأمنية للولايات المتحدة وحلفائها.
وأضافت "ناشيونال إنترست": "سيتعين على الناتو تكييف سياساته مع التقنيات الناشئة للردع أو القتال الحربي في مجالات الفضاء والإنترنت، والمواجهة بين الإنسان والآلة، وحرب الطائرات دون طيار، والتطورات غير المتوقعة في الهندسة الحيوية، وتكنولوجيا النانو، والعلوم المعرفية".