قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، إنه كلما اندلع صراع بين إسرائيل وحركة حماس، فإنه يتبعه دائما الحديث عن جرائم الحرب، حيث يؤدي سقوط ضحايا مدنيين إلى إثارة التساؤلات حول "قانونية" العمليات العسكرية، وجرائم الحرب التي يتم ارتكابها، وآليات المحاسبة، إن كانت قائمة.
وأضافت في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني: "الصاروخ الإسرائيلي الذي ضرب شقة سكنية فلسطينية أدى إلى سقوط عدد صادم من الضحايا، 8 أطفال وسيدتين، لقوا مصرعهم وهم يحتفلون بعيد الفطر المبارك، في واحدة من أكثر الحلقات دموية في الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين، الذي اشتعل منذ أكثر من أسبوع".
وكتبت الصحيفة الأمريكية: "أشارت إسرائيل إلى أن قائدا بارزا في حماس كان الهدف من تلك الغارة، التي وقعت يوم الجمعة، وقد أظهرت لقطات مصورة المسعفين الفلسطينيين وهم يحاولون رفع أنقاض المنزل، التي ضمّت ألعاب أطفال، وهم يحاولون إجلاء الجثث من المبنى المدمّر، كان الناجي الوحيد طفل رضيع".
ونقلت "نيويورك تايمز" عن محمد الحديدي، والد الطفل الرضيع الناجي من الغارة الإسرائيلية، قوله: "لم يكونوا يحملون أسلحة أو يطلقون صواريخ، لم يضرّوا أحدا".
وتابعت: "يدفع المدنيون ثمنا غاليا في أحدث موجة للعنف بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة؛ ما يثير تساؤلات عاجلة حول الأسئلة العاجلة المتعلقة بكيفية تطبيق قوانين الحرب على هذا الصراع الدائر حاليا: أي الأعمال العسكرية التي يمكن وصفها بالقانونية؟ وما هي جرائم الحرب التي تم ارتكابها؟ ومن الذي سيتم محاسبته؟".
وقالت الصحيفة: "يبدو أن كلا الطرفين ينتهك تلك القوانين، وفقا لخبراء، أطلقت حماس أكثر من 3 آلاف صاروخ نحو المدن والبلدات الإسرائيلية، في حين قامت إسرائيل بقصف مكثف على القطاع؛ ما تسبب في مقتل عائلات وتسوية منازل بالأرض، فيما يعتبر استخداما مفرطا للقوة، وهو ما يمثل جرائم حرب".
وأضافت "نيويورك تايمز": "لا يوجد حكم قضائي ممكن إصداره في ظل هذا الصراع المحتدم، ولكن هناك حقائق واضحة، تقوم إسرائيل بشنّ غارات جوية وقصف مدفعي على غزة، القطاع الفقير المكدس بالبشر، والذي يسكنه مليونا نسمة تقريبا؛ ما تسبب في مقتل 200 فلسطيني على الأقل، من بينهم 92 سيدة وطفلا، وفي المقابل، فإن صواريخ حماس التي ضربت إسرائيل أدت إلى مقتل 10 أشخاص، من بينهم طفلان، في حصيلة أعلى مما شهدته الحرب الأخيرة عام 2014، والتي امتدت 7 أسابيع".
وأشارت إلى أنه "في الوقت الذي يبدو فيه الطرفان عاجزين عن تحقيق نصر صريح، فإن الصراع سيكون عالقا في حلقة لا تنتهي من إراقة الدماء".
ونقلت الصحيفة عن دابو أكاندي، أستاذ القانون الدولي في جامعة أكسفورد قوله: "تكتسب الرواية حول الخسائر المدنية أهمية أكبر من المعتاد، وربما أكبر من الأرقام، لأنها تتعلق بالشرعية الأخلاقية للطرفين".
وأكد أكاندي، "أن الأهم من ذلك هو ضرورة التفريق بين الأهداف المدنية والعسكرية، ويجب أن يكون هناك توازن بين الفوائد العسكرية التي يمكن تحقيقها من أي هجوم محتمل، والضرر الذي ستتسبب فيه تلك الهجمات بالنسبة للمدنيين".
وأوردت "نيويورك تايمز" نقلا عن جماعات حقوق الإنسان، أن إسرائيل تنتهك بشكل روتيني حدود ما يمكن اعتباره قوة عسكرية متناسبة، وأنها كثيرا ما تخرق قوانين الحرب.
ووفقا للصحيفة الأمريكية، قال عمر شاكر، مدير "هيومن رايتس ووتش" في إسرائيل: "كان هناك تجاهل تام لحياة المدنيين، وهو أمر ينبع من عقود الإفلات من العقاب".
فيما نقلت عن عادل حق، أستاذ القانون الدولي في كلية الحقوق بجامعة "روتجرز" الأمريكية قوله: "المدنيون محاصرون في الجانبين، تريد حماس إظهار أنها تستطيع النجاة من الهجوم الإسرائيلي، وترغب إسرائيل في التأكيد على أنها الطرف الأقوى، كلاهما يستطيع التوقف، إذا أرادا، ولكن لا أحد يريد التوقف أولا".