الكرملين: مشاركة الأوروبيين في مفاوضات أوكرانيا "لا تبشّر بالخير"
في منتصف الليل، حين يسكن العالم وتغيب الضوضاء، يبدأ العقل البشري في التصرّف بطريقة مختلفة.
حيث تتسلل الأفكار السلبية، وتبدو الرغبات المذنبة أكثر إغراء، سواء كانت سيجارة، أو وجبة دسمة، أو حتى فكرة مقلقة يصعب طردها من الرأس.
وأعادت دراسة علمية حديثة تسليط الضوء على ما يُعرف بفرضية "العقل بعد منتصف الليل"، التي تشير إلى أن الدماغ يدخل في نمطٍ مغاير تماما بعد حلول الظلام، فيصبح أكثر حساسية للمشاعر السلبية وأقل قدرة على ضبط السلوك.
وأوضح الباحثون من جامعة هارفارد، وفقا لـ"ساينس أليرت"، أن الإيقاع اليومي للإنسان أو ما يُعرف بالساعة البيولوجية يؤثر في طريقة عمل الدماغ والعواطف على مدار اليوم.
ففي النهار، يكون الجسم في أعلى درجات اليقظة، بينما تتراجع كفاءة الأنظمة العصبية ليلا، خصوصًا عند فقدان النوم.
وتقول عالمة الأعصاب إليزابيث كليرمان: "هناك ملايين الأشخاص الذين يستيقظون في منتصف الليل، ولدينا أدلة واضحة على أن أدمغتهم لا تعمل بنفس الكفاءة كما في النهار. علينا دراسة هذا أكثر لأن سلامتهم وسلامة الآخرين تعتمد على ذلك".
وتفترض الدراسة أن الإنسان ليلا يصبح أكثر انجذابا للمحفزات السلبية، ربما كرد فعل تطوري قديم لمواجهة الأخطار في الظلام، لكنه في عصرنا الحالي قد يدفع نحو سلوكيات خطرة مثل الإدمان أو إيذاء النفس.
فقد أظهرت دراسات أن خطر الانتحار بين منتصف الليل والسادسة صباحا يرتفع ثلاث مرات مقارنة بساعات النهار، كما يزداد احتمال تعاطي المواد الأفيونية أو المخدرات في هذا الوقت بشكل لافت.
ورغم أن الظلام وقلة النوم قد يفسران بعض هذه التصرفات، إلا أن الباحثين يشيرون إلى أن هناك تغيّرات عصبية عميقة تحدث ليلا، تجعل الإنسان أكثر عرضة للقرارات المتهورة أو المؤذية.
ولا تزال فرضية "العقل بعد منتصف الليل" بحاجة إلى دراسات موسّعة، خصوصا لفهم كيفية تعامل العاملين بنظام المناوبات كالطيّارين والأطباء مع اضطراب النوم وتأثيره على وظائف الدماغ.
في النهاية، وبينما يغرق معظم العالم في نومه، يظل العقل البشري بعد منتصف الليل ساحة غامضة بين هدوءٍ ظاهريّ، واضطرابٍ داخليّ لا نزال نحاول فهمه.