لطالما ارتبطت صحة القلب بنصيحة شائعة تدعو إلى تقليل استهلاك الدهون المشبعة، وهو ما دفع كثيرين إلى الابتعاد عن الزبدة والجبن والحليب كامل الدسم واللحوم الحمراء. غير أن أبحاثًا حديثة بدأت تُعيد النظر في هذه القاعدة الغذائية التي سادت لعقود.
وتُظهر الدراسات أن استبعاد الزبدة أو الجبن من النظام الغذائي لا يعني بالضرورة خفض خطر الإصابة بأمراض القلب لدى الأشخاص الأصحاء؛ ما يشير إلى أن جودة النظام الغذائي ككل، وليس مجرد حذف بعض الأطعمة، قد تكون العامل الأهم في حماية صحة القلب.
وبحسب تحليل شامل نُشر في حوليات الطب الباطني شمل بيانات أكثر من 60 ألف شخص، تبين أن خفض الدهون المشبعة لم يقلل بشكل كبير من معدلات أمراض القلب على مدى خمس سنوات، إلا لمن كانوا معرضين بشكل كبير لخطر الإصابة.
ويتضح الأمر أكثر عند النظر إلى نوعية الدهون المشبعة نفسها. فالجبن، رغم غناه بالدهون المشبعة، فإنه يحتوي على الكالسيوم والبروتين وبنية غذائية تقلل من تأثيره على الكوليسترول الضار مقارنة بالزبدة، التي تميل لرفع مستويات LDL عند استهلاكها بكميات كبيرة. ما يهم إذن ليس فقط كمية الدهون، بل "مصفوفة الطعام" أو كيفية دمج العناصر الغذائية في النظام الغذائي.
وعلاوة على ذلك، تظهر الدراسات الكبرى أن استهلاك منتجات الألبان المعتادة لا يرتبط بزيادة واضحة في أمراض القلب أو الوفاة المبكرة، بل قد تكون بعض منتجات الألبان مثل الجبن المخمر والزبادي مفيدة للصحة.
في النهاية، لا حاجة لحظر الزبدة أو الجبن بالكامل. فالتركيز يجب أن يكون على نظام غذائي متوازن غني بالخضراوات والفواكه والحبوب الكاملة والدهون الصحية مثل زيت الزيتون والمكسرات، مع الحد من الأطعمة المصنعة والسكريات.
