مع تزايد موجات الحر الشديدة بفعل تغيّر المناخ المتسارع، تواجه النساء الحوامل مخاطر صحية متزايدة تتجاوز مجرد الشعور بعدم الراحة.
وبحسب تقرير نشره موقع ”OnlyMyHealth“، تشير أحدث الدراسات العلمية وآراء الخبراء إلى أن ارتفاع درجات الحرارة يمكن أن يؤثر سلبًا في الصحة الإنجابية، ويُحدث اضطرابات في التوازن الهرموني، ويزيد من احتمالية حدوث مضاعفات مثل الولادة المبكرة، وانخفاض وزن الجنين، والإجهاض أو ولادة جنين ميت.
كما أفادت دراسة نُشرت عام 2024 بارتفاع ملحوظ في معدلات الولادة المبكرة عند التعرض لموجات حر طويلة، عُرّفت بأنها فترات تستمر فيها درجات الحرارة المحلية أعلى من المعتاد لأربعة أيام متتالية أو أكثر.
وقالت استشارية في أمراض النساء والتوليد بأحد المستشفيات البارزة في بنغالور: "الاحترار العالمي يؤثر كثيرًا في الصحة الإنجابية لكل من الذكور والإناث. أما النساء الحوامل، فيؤدي إلى اضطراب الدورة الهرمونية، وقد ينعكس سلبًا على صحة الأم والجنين، بل قد يؤدي إلى فقدان الحمل في مراحله المبكرة".
قدرة الجسم الطبيعية على التنظيم الحراري
تشكل فترة الحمل تحديًا فسيولوجيًا كبيرًا لقدرة الجسم على تنظيم حرارته. فزيادة الكتلة الجسدية، وارتفاع معدلات التمثيل الغذائي للجنين، والمجهود البدني في أثناء المخاض، كلها عوامل تسهم في رفع حرارة الجسم الداخلية، ما يزيد من عبء الحرارة الخارجية الناتجة عن البيئة.
وأوضحت الاستشارية أن "ارتفاع درجة حرارة الجسم، خاصة في أواخر الحمل أو في أثناء الولادة، يجعل من الصعب الحفاظ على درجة حرارة الجسم الطبيعية، مما يزيد من مخاطر الجفاف، واضطراب توازن الأملاح، وضربة الشمس، وهي كلها مضاعفات قد تؤثر بشكل خطير في الأم والجنين".
وتشير الدراسات إلى أن تعرض الحوامل لدرجات حرارة داخلية مرتفعة، سواء بسبب الحمى أو موجات الحر الشديدة، يرتبط بزيادة احتمالات الإجهاض، والولادة المبكرة، وعيوب خلقية في الجنين.
كما أظهرت دراسة أخرى أن الحمى التي تتجاوز 38 درجة مئوية في أثناء الولادة تزيد بشكل كبير من خطر إصابة الأطفال طبيعيي الوزن بالشلل الدماغي، بنسبة تجاوزت تسعة أضعاف.
نمو الجنين والمشيمة
أظهرت الأدلة أن الإجهاد الحراري يعوق نمو وتطور المشيمة ووظائفها، ما يؤدي إلى تباطؤ نمو الجنين وزيادة احتمال الإصابة بمضاعفات مثل ارتفاع ضغط الدم في أثناء الحمل، وتمزق الأغشية قبل الأوان. وتؤدي هذه الحالات بدورها إلى زيادة احتمالات الولادة القيصرية الطارئة، والنزيف في أثناء الحمل وبعد الولادة.
ولا تقتصر المخاطر على الأم، بل تمتد لتشمل الجنين وحديثي الولادة. فخلال موجات الحر، تسجل المستشفيات زيادة في حالات إجهاد الجنين، واستنشاق العقي، واليرقان الوليدي، وزيادة الدخول إلى وحدات العناية المركزة لحديثي الولادة.
كما أن ارتفاع هرمونات التوتر لدى الأم في هذه الظروف قد يؤدي إلى مشكلات في الصحة النفسية للأم والطفل لاحقًا.
كيف تحمي المرأة الحامل نفسها؟
يوصي الخبراء بعدد من الإرشادات الوقائية التي من شأنها الحد من المخاطر المرتبطة بالتعرض للحرارة في أثناء الحمل. في مقدمتها، ضرورة شرب كميات كافية من المياه، تتراوح بين 2 إلى 3 لترات يوميًا، لتفادي الجفاف واضطراب توازن الأملاح في الجسم، وهي عوامل قد تؤدي إلى مضاعفات خطيرة.
كما يُنصح بتجنّب الخروج خلال ساعات الذروة، خاصة من منتصف النهار حتى الرابعة عصرًا، إذ تكون درجات الحرارة في ذروتها خلال هذه الفترة. وفي حال الاضطرار إلى الخروج، ينبغي اختيار ملابس فضفاضة، وقطنية، وفاتحة اللون تساعد الجسم على التهوية والتبريد الطبيعي.
وتؤدي متابعة تنبيهات الطقس دورًا أساسيًا في الوقاية، إذ تتيح للسيدات الحوامل الاستعداد السابق لموجات الحر. وفي السياق ذاته، يجب تقليل أي نشاط بدني شاق، سواء داخل المنزل أو خارجه، لتخفيف الضغط الحراري على الجسم.
الحفاظ على برودة البيئة المحيطة أمر بالغ الأهمية، ويمكن تحقيقه باستخدام المراوح أو أجهزة التكييف، بالإضافة إلى إغلاق النوافذ والستائر خلال النهار وفتحها ليلًا لتهوية المكان. ويُنصح أيضًا بأخذ حمامات باردة بشكل منتظم للمساعدة في خفض درجة حرارة الجسم.
من المهم كذلك الانتباه إلى أعراض الإنهاك الحراري، مثل التعرق الشديد، الدوار، أو الشعور بالإرهاق المفرط. وعند ملاحظة أي من هذه الأعراض، أو ظهور علامات ضربة الشمس أو الجفاف، ينبغي طلب المساعدة الطبية على الفور لتجنّب أي مضاعفات صحية تهدد سلامة الأم أو الجنين.
