عند الحديث عن صحة الدماغ، يتجه التفكير عادةً إلى الألغاز الذهنية أو المكملات الغذائية، غير أن أبحاثًا حديثة في علم الأعصاب تشير إلى وسيلة أبسط وأسرع لتعزيز الأداء المعرفي: طريقة التنفس.
وتُظهر الدراسات أن التنفس البطيء والإيقاعي عبر الأنف، على عكس التنفس من الفم، يمكن أن يحسّن الذاكرة والانتباه والتحكم العاطفي بشكل مباشر.
ويعزو الباحثون ذلك إلى تحفيز مستقبلات في تجويف الأنف تتزامن مع نشاط مناطق دماغية أساسية، أبرزها الحُصين المسؤول عن الذاكرة، والقشرة الجبهية الأمامية المرتبطة بالتركيز واتخاذ القرار.
ووفق دراسة نُشرت عام 2016 في مجلة علم الأعصاب، أدى التنفس الأنفي إلى تنشيط التذبذبات العصبية في الحُصين واللوزة الدماغية، ما انعكس تحسنا ملحوظا في أداء الذاكرة مقارنة بالتنفّس عبر الفم. كما أشارت أبحاث لاحقة إلى أن التنفس الأنفي البطيء يقلل من الإرهاق الذهني ويعزز الانتباه وسرعة الاستجابة.
وتؤكد دراسة صدرت عام 2022 أن هذا النمط من التنفّس ينشّط العصب المُبهَم، وهو عنصر رئيس في تنظيم التوتر والوضوح الذهني؛ ما يسهم في تحسين التنظيم العاطفي والوظائف التنفيذية.
يوصي الخبراء بتطبيق هذه التقنية التنفسية مرة أو مرتين يوميا، لا سيما قبل بدء العمل أو المذاكرة؛ لما لها من دور في تهيئة الدماغ للتركيز.
وتعتمد الطريقة على أخذ شهيق بطيء عبر الأنف لمدة أربع ثوانٍ، يليه زفير أطول عبر الأنف لمدة ست ثوانٍ، مع الاستمرار على هذا الإيقاع لمدة تتراوح بين دقيقتين وثلاث دقائق لتحقيق الفائدة المرجوة.
ويرى علماء الأعصاب أن التنفس ليس مجرد وسيلة لإيصال الأكسجين، بل أداة فعّالة لتنظيم الإدراك. وفي عالم يبحث دائمًا عن مزيد من التحفيز، قد يكون التباطؤ والتنفس الصحيح هو الطريق الأسرع لذهنٍ أكثر صفاءً وتركيزًا.