تشير أبحاث علمية حديثة إلى أن غرب الولايات المتحدة يواجه أزمة بيئية صامتة تتمثل في ما يعرف بـ "عجز الحرائق" نتيجة عقود من قمع حرائق الغابات، ما أدى إلى تراكم هائل للمواد القابلة للاشتعال على ملايين الهكتارات، ويحذّر الباحثون من أن استعادة صحة الغابات تتطلب تعويض هذا النقص في إدارة الحرائق عبر توسيع نطاق الحرائق المُدارة والمُتحكّم بها.
وفي هذا السياق، كشفت دراسة جديدة من المقرر عرضها خلال الاجتماع السنوي للاتحاد الجيوفيزيائي الأمريكي لعام 2025 في نيو أورليانز، أن ما يقرب من 38 مليون هكتار من الأراضي في غرب الولايات المتحدة تعاني من نقص تاريخي في التعرض للحرائق، ويصف الباحثون هذه المناطق بأنها تعاني من "عجز في الحرائق"، ووفق الدراسة جرى تعديل هذا التقدير من 59 مليون هكتار في الملخص الأولي إلى 38 مليون هكتار في النسخة النهاية.
ولتحديد المناطق التي لا تشهد حرائق والمناطق التي تتكرر فيها بشكل مفرط، استخدم الفريق أدلة جغرافية مكانية شملت سجلات حبوب اللقاح وعينات التربة، ومن خلال هذه المعلومات، قدّروا فترات تكرار الحرائق التاريخية، والتي أعيد بناؤها، لاحقاً، من خلال برنامج Landfire.
وعند مقارنة أنماط الحرق السنوية الحديثة بالسجل التاريخي الذي كشفته البيانات، توصل الفريق إلى أن 74% من غرب الولايات المتحدة تعاني، حالياً، من نقص في مساحة الغابات المعرضة للحرائق، ولسد هذه الفجوة، تشير التقديرات إلى أن الغابات ستحتاج إلى احتراق حوالي 3.8 مليون هكتار سنوياً لمدة 10 سنوات، وهي مساحة تعادل 3 أضعاف مساحة الغابات التي احترقت في العام 2020، الذي لا يزال العام القياسي لمساحة حرائق الغابات في الولايات المتحدة.
ورغم أن حجم هذه الحرائق يبدو هائلاً، لكن الفريق قال إن هناك عدة مسارات لإحراز تقدم، مشيرين إلى مزيج من الحروق الموصوفة، والتقليم الميكانيكي، واستخدام حرائق الغابات المُدارة كوسائل لتقليص هذا العجز.
وفي المقابل، وبينما تبقى معظم مناطق الغرب الأمريكي معرضة لخطر الحرائق، يواجه الجنوب الغربي وضعاً معاكساً، إذ دفعت حرائق الغابات التي أشعلها الإنسان الأراضي الشجرية وأنظمة الشجيرات إلى حالة فائض من الحرائق، لا سيما في جنوب كاليفورنيا.
كما تشهد أجزاء من كاسكاديا فائضاً في الحرائق، وهو ما يربطه الباحثون بتغير المناخ الذي يسهم في ارتفاع درجات الحرارة وزيادة الجفاف، وهي ظروف تهيئ بيئة مواتية لحدوث الحرائق.
وفي المحصلة يؤكد الباحثون على نقص حرائق الغابات في غرب الولايات المتحدة سيتطلب حرق ما يقرب من 60 مليون هكتار من الأراضي المفيدة بيئياً على مدى العقد المقبل.