تكشف دراسة عالمية جديدة أن أسماك القرش الحوتية، وهي أكبر الأسماك في العالم ونوع مهدد بالانقراض، تواجه خطرًا متزايدًا من الاصطدامات القاتلة بالسفن، وهو تهديد تم التقليل من شأنه سابقًا بسبب نقص الأدلة المرئية. فبينما حظيت حيتان شمال الأطلسي باهتمام عالمي بسبب حوادث الاصطدام بالسفن، بدأ الباحثون مؤخرًا فقط في إدراك أن أسماك القرش الحوت تتعرض للخطر ذاته.
وقادت الدراسة فريا وومرسيلي، من مؤسسة البحوث والحفظ البحري وجامعة ساوثهامبتون، بمشاركة أكثر من 75 عالِمًا. وقاموا برسم خرائط لما يُعرف بـ"تجمعات القرش الحوتي" في 26 دولة، ومقارنتها ببيانات حركة السفن من منظمة "جلوبال فيشينغ ووتش" غير الربحية.
وبحسب "ناشونال جيوغرافيك" كشفت النتائج أن المياه المزدحمة بالقرب من الإكوادور والمكسيك وماليزيا والفلبين وسيشل وتايوان تُعد من بين أكثر المناطق خطورة. ورغم أن القرش الحوتي لا يحتاج إلى الصعود لسطح الماء للتنفس، إلا أنه يقضي نحو نصف وقته قريبًا من السطح بحثًا عن العوالق، مما يعرّضه لخطر الاصطدام بالسفن الكبيرة. كما أن هذه الأسماك تغرق عند موتها، على عكس الثدييات البحرية التي تطفو، ما يجعل اكتشاف الوفيات أكثر صعوبة، ويُرجّح أن الأضرار الحقيقية أكبر مما هو معروف.
"فرصة للطرفين"
وتشدد الدراسة على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة، خصوصًا مع توقع تضاعف حركة الشحن البحري بنسبة تتجاوز 1000% بحلول عام 2050. وأظهرت النماذج أن خفض سرعة السفن بنسبة 75% سيزيد وقت الرحلة بنسبة 5% فقط، لكنه يقلل بشكل كبير من مخاطر الاصطدام. كما أن تغيير مسارات السفن لتفادي مناطق تجمع القرش الحوتي قد يزيد وقت الرحلة بنسبة لا تتجاوز 0.5%، أي حوالي ساعتين ونصف فقط في المتوسط.
ويرى الخبراء أن هذه التغييرات الطفيفة تقدم "فرصة فوز للطرفين": الحفاظ على القرش الحوتي دون التأثير الكبير على التجارة العالمية. كما يُقترح فرض قيود مؤقتة أو موسمية على مرور السفن في بعض المناطق.
وتؤكد وومرسيلي "لدينا واجب حماية واحد من أجمل وأروع الكائنات في العالم"، مضيفة أن "هذه الكائنات عاشت على الأرض منذ ملايين السنين قبل البشر، ولا يمكن أن نكون السبب في اختفائها".
