للخوف وظائفه المحمودة، حيث إنه يحمي المرء من الأخطار، ولكنه قد يصبح مرهقا لدرجة غير محتملة.
ويعاني الأطفال والشباب من ضغوط نفسية أكبر من الأجيال السابقة، حيث يعود ذلك جزئيا إلى الأزمات التي يشهدها العالم وإلى ضغوط الأداء في المدرسة.
وفي تحقيق لوكالة الأنباء الألمانية، تناولت خبيرة علم النفس، إليزابيث رافاوف، الموضوع مشاركة ما وراء مخاوف الشباب، وكيف يمكن للآباء دعم أبنائهم والتعامل معهم، حتى إذا كانوا هم أنفسهم مترددين.
وتقول رافاوف"مخاوف الأشخاص البالغين قد وصلت إلى غرف الأطفال، إذ يشعر الأطفال بالخوف من الحرب، ومن أن يذوب قطبا الكرة الأرضية، ومن أن تختفي الدببة القطبية قريبا. كما يقول البعض أخشى أن يتم ترحيلي أنا أو صديقي".
وتوضح خبيرة علم النفس، أن هذا يأتي على رأس مخاوف لطالما كانت تراود الأطفال، وهي أكبر من أي وقت مضى، مثل: الخوف من الفشل والخوف من الوحدة ومن التهميش، بالإضافة إلى الخوف من الانجراف إلى العالم الرقمي.
وعما يحدث داخليا لدى المرء عندما يشعر بالخوف، تقول رافاوف "يمكن وصف القلق من الناحية النفسية بأنه شعور بالعجز والضعف، وبأن كل شيء يبدو أكبر من طاقة المرء، وكرد فعل، عادة ما يحاول المرء السيطرة على الأمور وجعلها مثالية لكي يشعر بأنه يسيطر على شيء ما. ونرى ذلك يحدث لدى الأطفال أيضا".
وتوضح أن "ضغط المدرسة يعد مشكلة كبيرة في هذا السياق، فقد سألت الأطفال والشباب عما إذا كانوا يدركون مشاعر مثل الذعر، وجاء رد أغلبهم بـ "نعم، عندما يتعلق الأمر بالمدرسة، وقبل أو في أثناء العمل، حيث أشعر بخفقان في القلب".
وعما إذا كان من الممكن أن يكون القلق مفيدا أيضا، تقول رافاوف "نعم، في اللحظة التي يمكن فيها للمرء أن ينظر إليه دون أن يكون مضطرا إلى تجاهله. إن القلق بمثابة نظام إنذار بالنسبة لأجسامنا، ولا يعدّ سيئا في جوهره. عندما نتأمل الأمر، يمكننا أن نسأل أنفسنا: هل هو خوف حقيقي ومنطقي، أم أنه شيء جعلته يتراكم في ذهني؟".
وتضيف أن "الخوف من أزمة المناخ هو أمر واقعي تماما، كما تثير صور الحروب الخوف بطبيعتها. ومن الجيد ألا نكون وحدنا في ذلك، حيث إن هذا يقلل من حجم الخوف. يمكن للآباء والأطفال أن يفكروا معا وأن يسألوا "ماذا يمكننا أن نفعل؟".
وتجيب قائلة "حتى مع وجود قضايا مثل الحرب، هناك أشياء يمكن القيام بها بنشاط، مثل التبرع للاجئين. فإذا أظهرنا لأطفالنا أننا كبالغين نتحمل المسؤولية، فإن هذا يعطيهم الأمل ويعزز ثقتهم في أنفسهم".
تجيب رافاوف، قائلة "أحيانا لا تتضح الأمور سريعا. فيمكن للمرء أن ينتبه إلى تغير طفله بأي شكل من الأشكال، سواء صار الطفل مختلفا عما كان عليه من قبل، أو إذا كان غائبا، أو لا يرغب في تناول الطعام، أو ينام بشكل سيئ، أو يفضل العزلة. لذلك، يجب على الآباء أن يكونوا منتبهين، وأن يلاحظوا أطفالهم".
وعما يجب أن يفعله الآباء عندما يلاحظون أمرا، توضح رافاوف: "عليك قطعا أن تتحدث مع طفلك بصراحة. حيث يمكنك قول شيء مثل: كيف حالك؟ لاحظت أنك لم تعد ترغب في مقابلة فلان. ماذا يعني ذلك؟ يمكنك التحدث معي، فأنا لن أحكم على ما تقوله، وسآخذه على محمل الجد."
أما عندما يتعلق الأمر بالحروب أو الكوارث، فيمكن للآباء أيضا أن يسألوا أبناءهم: هل تحدثت عن ذلك في الحضانة أو المدرسة؟ هل سمعت أي شيء عن هذا الأمر؟، وإن لم يحدث ذلك، فإن الآباء ليسوا مضطرين إلى إجبار أطفالهم على ذلك، ولكنها مجرد إشارة إلى وجودهم إلى جوارهم في حال أرادوا التحدث"، بحسب رافاوف.
وعما يمكن للآباء فعله لمساعدة أطفالهم على المضي قدما في حياتهم بثقة وقوة، تقول رافاوف: "تعامل مع طفلك بمحمل الجد وباحترام. فإن الأطفال لديهم أفكار واعية، وعليك أن ترى أيا منها يمكنك تطبيقه، حيث إن هذا يمنح الأطفال شعورا بأنه يمكنهم إحداث فرق؛ ما يعوضهم عن مشاعر العجز والضعف".