logo
منوعات

جدل في إيران بسبب شرائح اتصالات "للنخبة فقط".. ما القصة؟

منصة إكس

أثار تداول قائمة جديدة تُعرف بـ"حاملي الشريحة البيضاء" الخاصة بالاتصالات والإنترنت في إيران موجة جدل واسعة خلال الساعات الماضية، بعدما تبيّن أن بعض الحسابات السياسية والإعلامية على منصة "إكس" تظهر مواقعها الجغرافية داخل إيران رغم الحجب العام المفروض على المنصة. 

أخبار ذات علاقة

 شخص يستخدم هاتفه في إيران

إيران تبدأ رفع قيود الإنترنت بعد وقف الحرب

هذه الظاهرة أعادت النقاش حول نظام "الإنترنت الطبقي" الذي يمنح وصولاً غير مقيّد لمجموعات محدودة، مقابل استمرار القيود الصارمة على ملايين المستخدمين.

ووفق تقارير إيرانية، تحوّلت "الشريحة البيضاء" في الخطاب الشعبي إلى رمز للتفرقة الرقمية، إذ تمنح لحامليها اتصال إنترنت بلا حجب، على خلاف المواطنين الذين يعتمدون على تطبيقات VPN المكلّفة وغير الآمنة.

ويقول منتقدون إن هذه الامتيازات تأتي ضمن نمط أوسع من "المزايا غير المُعلنة"، مثل ما يسمّى بـ"الدولار الأبيض" و"المشاريع البيضاء"، المخصّصة لمؤسسات وأشخاص مرتبطين بالهيئات الرسمية أو شبه الرسمية، وصولاً إلى التعيينات الموجّهة في مجالس إدارات البنوك والشركات المعروفة بـ"الخاصة".

تعبيرية

وبعد التحديث الأخير لمنصة "إكس" الذي أتاح رؤية الموقع الجغرافي لبعض الحسابات، انتشرت قائمة تضمّ أسماء سياسيين وصحفيين من التيارين الإصلاحي والأصولي، قيل إنهم يستخدمون "سيم كارد (شريحة)" ذات وصول مفتوح. بعضهم سارع للاعتذار، فيما اعتبر آخرون أن الوصول "أداة عمل" وليس "امتيازاً شخصياً".

أخبار ذات علاقة

الشرطة الإيرانية

إيران.. الكشف عن شبكات تجسس استخدمت الإنترنت لمهاجمة البلاد

ومن بين الشخصيات التي ورد اسمها حميد رسائي، النائب الأصولي المتشدد، الذي قال إنه لا يستخدم هذا النوع من الخطوط ويعتمد على برامج تجاوز الحجب المجانية VPN.

كما دافع السياسي والناشط الإصلاحي عباس عبدي، عن نفسه قائلاً: "صحيح أنّ هناك تمييزاً… لكن علينا أن نكون سعداء بأنّ البعض يمكنه الوصول على الأقل".

بدوره، أكد عماد الدين باقي، الناشط السياسي، أن ما مُنح له هو "خط رمادي يفتح صفحات محدودة فقط، وطلب إلغاءه من باب المبدأ".

منتقدون، مثل الإعلامي الإصلاحي عیسی سحر خیز، هاجموا عبدي بشدّة ووصفوه بـ"شريك اللص ورفيق القافلة"، متهمين إياه بعدم التضامن مع مستخدمين يواجهون قيوداً يومية واسعة.

وعلى منصات التواصل، تحوّلت القضية إلى مادة ساخرة، إذ استُدعي اقتباس من رواية "مزرعة الحيوان" الشهيرة لجورج أورويل يقول: "جميع الحيوانات متساوية، لكن بعض الحيوانات أكثر مساواة من غيرها". وأضيف إليه: "… ولديها إنترنت أبيض".

أخبار ذات علاقة

لقطة من العاصمة الإيرانية

لمنع استخدامها من قبل "العدو".. إيران تقيّد الوصول إلى الإنترنت

جذور تاريخية

يمتدّ تاريخ التوتر بين السلطات الإيرانية والتكنولوجيا الحديثة إلى العقود الأولى من الجمهورية. فعند دخول أجهزة الفاكس في الثمانينيات، اشترطت الحكومة إصدار ترخيص خاص، على خلفية مخاوف أمنية.

ويروي محمد غرضي، وزير الاتصالات الأسبق، أن معارضين اتهموه بأن "الفاكس سيتيح للرئيس العراقي الراحل صدام حسين إصابة أهداف داخل إيران".

وعندما دخل الهاتف المحمول السوق في التسعينيات، وصلت الأسعار إلى مستويات فلكية آنذاك، مما جعل امتلاك هاتف محمول "رمزاً طبقياً".

 كما واجهت خدمات المكالمات المصوّرة في 2012 اعتراضات دينية معتبرة أنها "تؤدي إلى الفساد"، قبل أن يُسمح بها بعد عقد من الزمن.

سوق سوداء بالمليارات

ومنذ دخول الإنترنت إيران في منتصف التسعينيات، توسّعت سياسة الحجب تدريجياً حتى أصبحت إحدى أدوات الرقابة الأساسية. ومع تشديد القيود، انتعش سوق VPN الذي يقول منتقدون إنه "مافيا" تستفيد من القيود.

وفي احتجاجات 2017 و2019، كان أول رد للحكومة هو قطع الإنترنت المحمول بالكامل، ما عمّق الشعور بانعدام الثقة. 

واليوم، تؤكد تصريحات مسؤولين وإعلاميين وجود ما يصل إلى 50 ألف خط أبيض، وفق علي قلهكي، الناشط المحسوب على التيار الأصولي، الذي قال إن "معظم مستخدمي هذه الخطوط هم من المسؤولين". 

أخبار ذات علاقة

هاتف ذكي مع رسالة "اتصال الإنترنت غير موجود" باللغة الفارسية

"نت بلوكس": الإنترنت مقطوع بشكل شبه كامل في إيران

واعتبر قلهكي أن امتلاك المسؤولين لإنترنت بلا فلاتر يجعلهم غير مهتمين بملف رفع الحجب عن المواطنين، مضيفاً أن انتشار هذه الخطوط بدأ في عهد حكومة حسن روحاني، خصوصاً بعد احتجاجات 2017 و2019.

وفي تعليق لافت، كتب الخبير الاقتصادي صادق الحسيني: "الشريحة البيضاء مثل الدولار التفضيلي… سعر الإنترنت للعامة شيء، وللخاصة شيء آخر"، معتبراً أن "فلسفة التمييز هي ذاتها التي أفرزت أزمات دعم العملات والطاقة".

وتكشف قضية "الشريحة البيضاء" مجدداً عن واقع "الإنترنت الطبقي" في إيران، حيث يصل السجال بين من يعتبرها "أداة عمل" ومن يراها رمزاً لأزمة أعمق في الشفافية والمساواة.

ومع توسّع الحجب وازدهار سوق VPN، يبدو أنّ الفجوة الرقمية بين المواطنين والنخب الرسمية تتسع، ما يجعل الإنترنت أحد أهم موارد العصر ساحة جديدة للصراع الاجتماعي والسياسي.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC