تبدو المشاركة العربية في الدورة الحالية من مهرجان كان السينمائي والتي تستمر حتى 24 مايو الحالي قوية ولافتة، ليس فقط من حيث اللغة البصرية المتطورة والحساسية المحتلفة التي تميز جيلاً جديداً من السينمائيين العرب، بل أيضاً على مستوى المضمون، ونوعية الرسائل المطروحة.
وتهيمن على الأفلام المشاركة أفكار إنسانية عامة تعزف على وتر "الهم المشترك" بين جميع البشر في كل مكان وزمان، مع تركيز خاص على رفض تنميط الآخر أو التربص به، مع التشديد على روح التسامح، وقبول الاختلاف والتعدد، باعتباره سنة كونية.
وتشارك في مسابقة "نظرة ما" 3 أفلام عربية، هي:"سماء بلا أرض" للمخرجة التونسية أريج السحيري، "عائشة لا تستطيع الطيران" للمخرج المصري مراد مصطفى، "كان يا مكان في غزة" للشقيقين الفلسطينيين طرزان وعرّاب نصار.
ويشارك في "المسابقة الرسمية" للمهرجان فيلم "الأخت الصغيرة" للممثلة والمخرجة الفرنسية من أصول تونسية- جزائرية حفصية حرزي، و"صقور الجمهورية" للمخرج السويدي من أصل مصري طارق صالح.
ويرفض فيلم "سماء بلا أرض" أي مشاعر عدوانية تجاه الآخر، لا سيما إذا كان قادماً من بلاد فقيرة، ويحمل ثقافة مختلفة من حيث اللغة والعادات، فضلاً عن اختلاف لون البشرة فيما يتعلق بسود أفريقيا تحديداً.
وتركز السحيري في هذا الفيلم الذي افتتح مسابقة "نظرة ما"، في سابقة هي الأولى لفيلم تونسي، على اكتشاف الجوانب الإنسانية لدى بعض الأشخاص الذين تلقي بهم الأقدار في طريقنا، وأهمية تجاوز النظرة النمطية السلبية، سابقة التجهيز، تجاههم.
وتقوم الحبكة الدرامية على قصة ماري، قسيسة وصحفية سابقة، من كوت ديفوار تعيش في تونس وتفتح بيتها ملاذًا آمنًا لشخصيات هاجرت من الصحراء الكبرى إلى حيث تقيم.
ويتبنى فيلم "عائشة لا تستطيع الطيران" موقفاً مشابهاً من حيث رفض تنميط الآخر أو التنمر عليه لمجرد اختلاف لون بشرته، عبر تناول قصة فتاة صومالية تعمل بإحدى دور المسنين في القاهرة.
ويركز الفيلم على التفاصيل الإنسانية التي قد تخفي على كثيرين فيما يتعلق بالمعاناة الإنسانية التي يتعرض لها المهاجرون الأفارقة في بعض البلاد العربية، وكيف يناضلون لتغيير الصورة النمطية التي تحاصرهم طوال الوقت.
وتبدو الأزمة الدرامية معكوسة في فيلم "الأخت الصغيرة" الذي يركز على التحديات التي تواجهها "عائشة" باعتبارها الشقيقة الصغرى في عائلة جزائرية مقيمة بباريس لديها 3 بنات، وتسعى للتوازن بين الحداثة والهوية.
تقرر "عائشة" استكمال تعليمها الجامعي وتطوير هويتها، لكنها تعاني صراعاً شخصياً ما بين متطلبات المجتمع ومتطلبات العائلة.
ويجد "يحيى"، بطل فيلم "كان ياما كان في غزة"، نفسه في مأزق لا يُحسد عليه حيث يُقتل صديقه، في العام 2007، إبان سيطرة حركة "حماس" على القطاع وينبري على الفور للانتقام بحثاً عن العدالة، تحدث نقطة التحول الحقيقية حين يواجه "يحيى" القاتل، فيكتشف حقائق إنسانية كانت خافية عليه، ويبدأ في إعادة النظر في كثير من الأمور والتي تغير فكرته عن الآخر، وعن ذاته، وعن الحياة برمتها.
أما "صقور الجمهورية" فيتناول الخيارات الصعبة التي يجد ممثل شهير نفسه أمامها حيث يعيش صراعاً ما بين المبادئ من ناحية وبين المصلحة والإغراءات من ناحية أخرى.