انسحاب وزراء الثنائي الشيعي من جلسة الحكومة اللبنانية قبل مناقشة بند حصر السلاح
تسبب الإضراب الذي نفذه آلاف المعلمين في العراق احتجاجًا على تدهور أوضاعهم المعيشية، بشلل شبه تام في المدارس، وأعاد إلى الواجهة أسئلة عن مصير التعليم ومكانة المعلم في بلد يواجه أزمات اقتصادية واجتماعية متراكمة.
وشهدت معظم المحافظات العراقية، خصوصًا في الجنوب، استجابة واسعة للإضراب الذي دعت إليه نقابة المعلمين، احتجاجًا على تدنّي الرواتب وسوء الأوضاع المعيشية، في مشهد تسبب بشلل شبه تام في المدارس الحكومية، وسط تفاعل شعبي متباين وتساؤلات حول مستقبل التعليم في البلاد.
قالت النائبة في البرلمان العراقي، نيسان الزاير، إن "مطالب الكوادر التربوية والإدارية لا يمكن تجاهلها، باعتبارها تمثل جوهر استقرار العملية التعليمية، في ظل غياب الحقوق الأساسية التي تمكّنه من أداء دوره المهني في ظل ظروف معيشية واقتصادية صعبة".
وأضافت الزاير لـ"إرم نيوز" أن "من غير المنطقي أن يُطلب من المعلم تحقيق جودة تعليم عالية في بيئة تعاني من تهالك الأبنية، ونقص الوسائل التعليمية، ورواتب لا توازي حجم الجهد المبذول".
وتعاني المدارس العراقية من مشكلات كبيرة في البنية التحتية، إذ تشير تقديرات وزارة التربية إلى أن أكثر من 9 آلاف مدرسة بحاجة إلى إعادة إعمار أو ترميم، في وقت تشهد فيه بعض الصفوف اكتظاظًا يصل إلى 60 طالبًا داخل قاعات ضيقة تفتقر لأبسط مقومات التهوية والراحة.
أما رواتب المعلمين، فتتراوح بحسب الدرجة الوظيفية، لكن المعدل العام لا يتجاوز 700 ألف دينار (نحو 500 دولار)، وهو مبلغ لا يتناسب مع الارتفاع الكبير في تكاليف المعيشة والسكن، ولا يمنح المعلم فرصة للادخار أو تطوير نفسه.
من جهته، قال التربوي يوسف الجبوري إن "الإضراب الأخير لا يعكس فقط أزمة الرواتب، بل يُظهر الفجوة العميقة بين المعلم والمؤسسة الرسمية، إذ لم يعد صوت المعلم يُسمع إلا حين يتوقف عن التدريس، وهذا مؤشر خطير على تراجع مكانته".
وأضاف الجبوري لـ"إرم نيوز" أن "المعلم بحاجة إلى بيئة تعليمية تحترم جهده، وتمنحه أدوات النجاح، لا أن تزجّه في دوامة الأعباء دون مقابل عادل، مع مدارس متهالكة، إضافة إلى انعدام الوسائل التعليمية".
وتعاني العملية التربوية في العراق من تشوهات متراكمة، فمع انشغال الحكومات المتعاقبة بملفات الأمن والسياسة، أُهملت خطط النهوض بالتعليم، وتراجع ترتيب العراق في مؤشرات جودة التعليم عالميًا، بينما اضطر عشرات آلاف المعلمين للعمل في مهن أخرى بعد ساعات الدوام، لتأمين الحد الأدنى من متطلبات الحياة.
وفي مسعى لتطويق إضراب المعلمين واحتواء حالة الغضب في الوسط التربوي، أعلنت الحكومة العراقية عن تخصيص قطع أراضٍ سكنية للهيئات التعليمية والتدريسية كافة، مع توفير الخدمات الأساسية لها.
وذكرت وزارة التربية في بيان أن "القرار جاء دعمًا للواقع المعيشي للمعلمين، وتم اتخاذه خلال اجتماع المجلس التنسيقي الذي عُقد برئاسة السوداني، وبحضور وزير التربية إبراهيم الجبوري، وعدد من الوزارات المعنية والمحافظين".
ومنذ سنوات، يطالب الموظفون في العراق، ومنهم المعلمون، بتعديل سلم الرواتب الاتحادي الذي يُعد مرجعًا لتحديد مخصصات وأجور العاملين في القطاع العام، وسط الشكاوى من غياب العدالة بين الوزارات والفئات الوظيفية.
ويعود آخر تعديل لهذا السلم إلى العام 2008، ما جعله غير متناسب مع معدلات التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة، في وقت يتمتع فيه موظفون في وزارات أخرى بمخصصات وامتيازات تفوق بكثير ما يتقاضاه العاملون في قطاع التربية.
يواجه العراق تحديات كبيرة في قطاع التعليم، إذ يحتل مراتب متأخرة في مؤشرات جودة التعليم. ووفقًا لتصنيف منصة "إنسايدر مونكي" لعام 2024، حلّ العراق في المرتبة 85 عالميًا من أصل 218 دولة، والمرتبة 11 عربيًا من حيث جودة التعليم الجامعي.