logo
منوعات

السادس الإعدادي في العراق.. "موسم التفوق والانتحار"

السادس الإعدادي في العراق.. "موسم التفوق والانتحار"
الامتحانات الوزاية في العراقالمصدر: وسائل إعلام عراقية
25 يوليو 2025، 7:32 م

تحوّلت نتائج الامتحانات الوزارية في العراق إلى ملف اجتماعي ضاغط، بعد تسجيل عدد من حالات الانتحار بين طلبة المرحلة السادسة الإعدادية، في مؤشر خطير على تصاعد الضغط النفسي الذي يرافق هذا الاستحقاق التعليمي.

ففي اليوم التالي لإعلان النتائج، أقدمت الطالبة حنين الغالبي في محافظة ذي قار على الانتحار باستخدام سلاح ناري داخل منزلها، بعد أن شعرت بخيبة أمل تجاه معدلها، رغم أنها نجحت رسمياً.

وفي كركوك، أنهى طالب يبلغ من العمر 17 عاماً حياته شنقاً بعد رسوبه في الامتحانات، كما تم تسجيل محاولات انتحار في بغداد والنجف، وأخرى تم إنقاذها قبل وقوع الفاجعة.

وتداول عراقيون عبر مواقع التواصل الاجتماعي منشورات ومقاطع فيديو توثّق مشاهد الاحتفال من جهة، ومشاهد الصدمة والانهيار من جهة أخرى، فيما تحولت صفحات بعض العوائل إلى ساحات عزاء، وسط دعوات واسعة من الأهالي لمراقبة الأبناء عن قرب بعد إعلان النتائج، وتحذيرات من احتمالية تكرار هذه الحوادث المؤلمة.

أخبار ذات علاقة

حبل مشنقة

انتحار فتاة عراقية في أول أيام امتحانات المرحلة المتوسطة

 

أزمة نظام تعليمي

بدورها، قالت الناشطة الحقوقية، أنوار الخفاجي، إن "النتائج هذا العام لم تكن مجرد أرقام تُعلَن، بل أصبحت مرآة كشفت أزمة نظام تعليمي يفتقر إلى التوازن والدعم الشامل، ويحمل الطالب وحده تبعات الإخفاق دون أن يمنحه أدوات للمواجهة أو النجاة".

وأوضحت لـ"إرم نيوز"، أن "الضغوط لا تبدأ مع إعلان النتائج، بل تبنى تدريجياً داخل الأسرة والمدرسة والمجتمع، من خلال ثقافة المقارنة والتوقعات غير الواقعية، والتلويح الدائم بمستقبل الطالب بناء على رقمه في ورقة الامتحان"، مشيرة إلى أن "الكثير من العائلات تحوّل لحظة إعلان النتيجة إلى اختبار للكرامة أو الفخر أو العار، دون مراعاة لحالة الطالب النفسية أو ظروفه أو حتى حقيقة ميوله".

وأضافت الخفاجي أن "المشكلة الكبرى تكمن في أن المؤسسات التربوية لا تمتلك أدوات احتواء هذه الصدمات، فلا يوجد مرشد نفسي مؤهل، ولا برامج دعم حقيقية، بل إن بعض المدارس تسهم في ترسيخ الضغط من خلال التهديد أو التمييز أو التوبيخ".

وبحسب مختصين فإن الأزمة لا تقتصر على الجانب النفسي فقط، بل تمتد إلى مشاكل هيكلية واضحة، مثل المدارس المكتظة، والنقص في الكوادر المتخصصة، والمناهج المعقدة، مع الاعتماد المفرط على الحفظ، وظاهرة الدروس الخصوصية التي باتت بديلاً شبه رسمي للتعليم داخل الصفوف، ما أرهق العائلات مادياً وعمق الفجوة بين طبقات المجتمع.

وعلى المستوى المجتمعي، ساهمت بعض الممارسات الثقافية في تفاقم المشكلة، خصوصاً ما يُعرف بـ"هوس الطب والهندسة"، حيث تربط كرامة الطالب ومستقبله بمعدل عالٍ يُؤهله لدخول كليات معينة فقط، فيما تسخر الأحاديث الشعبية من أصحاب المعدلات المتدنية، باستخدام عبارات مؤذية تمس الكرامة الشخصية.

أخبار ذات علاقة

تعبيرية

كيف تساعد الطفل على التعامل مع قلقه أثناء الامتحانات؟

 

الخوف لا الطموح

من جانبه، قال الخبير التربوي يوسف الجبوري إن "البيئة التعليمية الراهنة تربي الطالب على الخوف، لا على الطموح، وتشعره بأن مستقبله متوقف على رقم واحد لا يُراعي الفروق الفردية ولا طبيعة التخصصات، وهذا ما يُحول نتيجة الامتحان من لحظة تقييم إلى مفترق طرق حاد قد ينتهي بالانهيار أو حتى الموت".

وأضاف الجبوري لـ"إرم نيوز" أن "الأهل، من دون قصد، يسهمون بتعميق المشكلة حين يربطون حبهم وفخرهم بنتيجة الامتحان، ويقارنون أبناءهم بأقاربهم أو جيرانهم، أو يضعونهم أمام نماذج مثالية يصعب تحقيقها".

وأشار إلى أن "أغلب الانهيارات النفسية تأتي من شعور الطالب بالخذلان والخوف من ردة فعل الأسرة والمجتمع، ولهذا فإن الحل لا يكمن فقط في إصلاح المناهج أو تقليل صعوبة الأسئلة، بل في تغيير الثقافة العامة نحو الامتحان، وبناء منظومة تعليمية تُعلم التحمل والمرونة والخيارات المتعددة".

ويشير مختصون إلى افتقار وزارة التربية إلى برامج استراتيجية لمعالجة هذه الظواهر، كغياب حملات توعية منتظمة قبل وبعد الامتحانات، أو وجود خطوط ساخنة لدعم الطلبة نفسيا، كما أن المرشد التربوي في أغلب المدارس لا يتلقى تدريباً متخصصاً، وغالباً ما يُكلف بمهام إدارية بدلاً من تقديم الاستشارات النفسية.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC