أثار تصدّر مصر قائمة أعلى دول العالم في الولادة القيصرية بنسبة 72%، حسبما أفادت الدكتورة عبلة الألفي، نائب وزير الصحة والسكان، جدلًا واسعًا في الأوساط الطبية والإعلامية، استدعى تدخلًا عاجلًا من وزارة الصحة والسكان المصرية بإعلان حزمة قرارات وضوابط تنظيمية جديدة أُعلنت قبل أيام قليلة، بهدف تخفيض المُعدلات بنسبة 50% حتى نهاية عام 2025 الجاري.
وتعكس مُعدلات الولادة القيصرية المرتفعة المُعلنة في مصر تأشيرات خطيرة، تتمثل في مخاطر عدة، من بينها، ما يرتبط بسلامة وحياة الأمهات ومواليدهن من ناحية، ومخالفة القوانين الطبية والمعايير العالمية تارة، والاستحداث في الثقافة الفطرية للسيدات تارة أخرى.
وبرغم تأكيدات مصادر طبية أن الولادة الطبيعية هي الأصل طبيًا، في المقابل تعد القيصرية عملية جراحية لابد أن تقتصر نسبتها عالميًا إلى نحو مالا يزيد على 15% من بين حالات الولادة حول العالم، إلا أن ثمة عوامل عدة، من أبرزها، غياب الوعي المجتمعي، وانتشار ثقافة الاستحداث الطبي، وغياب تطبيق القوانين، أسهم بشكل كبير في زيادة حالات الولادة القيصرية خلال السنوات الأخيرة.
ووفق تقارير إعلامية، سجلت مصر، في العام 2000، نسبًا مُنخفضة للغاية، تقل عن كثير من دول الجوار، لافتة النظر إلى أن المُعدل بدأ في الزيادة التدريجية مُنذ العام 2008، بعد أن وصل، آنذاك، إلى 28%، في وقت كانت تُسجل فيه الولايات المتحدة الأمريكية نسباً أعلى بـ 33%، في المقابل، بلغت النسب ذروتها بعد 7 أعوام فقط بـ 52%، لتحتل مصر، آنذاك، المرتبة الثالثة عالميًا في الولادة القيصرية، وصولًا إلى تصدر القائمة العالمية بنسبة 72%.
في هذا السياق، أصدرت وزارة الصحة والسكان المصرية، قبل 5 أيام، بيانًا عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك، أعلنت فيه حزمة إجراءات تنظيمية مُلزمة لجميع المنشآت الطبية الخاصة، تُطبق مُنذ نهاية أغسطس الماضي، بهدف تعزيز عمليات الولادة الطبيعية الآمنة، وخفض نسب الولادة القيصرية غير المبررة طبيًا، استنادًا إلى المعايير العالمية، والإرشادات الصادرة عن المجلس الصحي المصري.
وزارة الصحة تفرض معايير جديدة على القطاع الخاص لتعزيز الولادة الطبيعية وتقليل الولادات القيصرية غير الضرورية أصدرت...
Posted by وزارة الصحة والسكان المصرية on Thursday, August 28, 2025
كما فرضت الوزارة على المنشآت الطبية الخاصة تقديم تقارير إحصائية شهرية مفصلة تشمل، إجمالي عدد الولادات في كل منشأة، ونسبة الولادات القيصرية، وتصويرها وفقاً لنظام "روبسون"، وتحليل أسباب إجراء العمليات القيصرية بناءً علي بيانات "البارتوجرام"، والتحديات التي تواجه الفرق الطبية أثناء التنفيذ.
وأكد الدكتور حسام عبد الغفار، المتحدث الرسمي لوزارة الصحة والسكان المصرية في البيان ذاته أن الإجراءات الجديدة التي تتخذها الوزارة تمثل خطوة محورية لرفع مستوي خدمات النساء والتوليد في القطاع الخاص، بما يتناسب مع المبادرة الرئاسية "الألف يوم الذهبية لتنمية الأسرة المصرية"، موضحًا أن الوزارة تهدف إلى تعزيز سلامة الأمهات والمواليد بشأن ضمان تطبيق أفضل الممارسات الطبية، والمتابعة الدقيقة للتقارير الإحصائية الدورية.
وبحسب إفادة مصادر طبية متخصصة في تصريحات خاصة لـ "إرم نيوز"، تنحصر الأسباب الطبية التي تستدعي اللجوء إلى الولادة القيصرية، على بعض الحالات المرضية المُتعلقة بأمراض السكري، وضغط الدم، لا سيما في حالات طبية خاصة تستلزم إجراء العملية الجراحية، مثل قُصر القامة في بعض الحالات، وضيق الحوض، وذلك بهدف الحفاظ على صحة الأم وجنينها فقط، مؤكدين أنه دون ذلك يُعد مُخالفة صريحة للتعليمات والإرشادات الطبية الصحيحة.
وأشارت المصادر إلى أن ثمة مُضاعفات صحية خطيرة تنجم عن الولادة القيصرية في بعض الحالات، من بينها: الغيبوبة، والعدوى البكتيرية، ونزيف الدم، وجلطات القلب، وفشل أجهزة الجسم الحيوية، وصولًا إلى الوفاة في ذروة الخطر.
واجمعت المصادر ذاتها في تحليلها للأسباب الرئيسة في زيادة نسب ومُعدلات الولادة القيصرية على مدار السنوات الأخيرة في مصر، بالتأكيد على أن انتشار ثقافة التبسيط والتهاون بين السيدات في مصر، شكلت عاملًا جوهريًا، موجّهة انتقاداتها إلى تغيّر الأيدلوجية الفطرية للسيدات باختيار الولادة الطبيعية كقرار أول، دون اللجوء إلى ما هو أسهل بالنسبة لهن، بالنظر إلى كون العملية الجراحية لا تستغرق سوى نحو ساعة واحدة فقط، على حد تعبيرها.
وشددت المصادر بالقول إن المعايير الجديدة التي فرضتها وزارة الصحة والسكان على المنشآت الطبية الخاصة، ستسهم، بشكل كبير، في تقليص النسب على مدار السنوات المقبلة، مُعبّرة عن أملها بأن تنجح الجهود لإعادة النسب إلى وضعها الطبيعي، والحد من الممارسات غير القانونية في العيادات الخاصة.