logo
منوعات

"الظلال الرقمية".. ما الذي يربط بين "كهف أفلاطون" وإدمان الإنترنت؟

تعبيرية المصدر: istock

لا يزال مجاز "كهف أفلاطون" الفلسفي، الذي طرحه الفيلسوف اليوناني قبل أكثر من 2400 عام، يثير التساؤلات حول العلاقة بين الواقع والإدراك البشري. في هذا المجاز، يصور أفلاطون سجناء مقيدين داخل كهف مظلم يرون الظلال على جدرانه ويعتقدون أنها الحقيقة، إلى أن يكتشف أحدهم العالم الحقيقي عند خروجه من الكهف.

اليوم، يجد بعض الباحثين تشابهاً بين هذا المفهوم والفجوة التي تخلقها التكنولوجيا الحديثة، خصوصًا الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، التي قد تجعل المستخدمين يعيشون في "ظلال رقمية" بعيدًا عن الواقع الحقيقي؛ ما يطرح تساؤلات حول الوعي والمعرفة والإدراك بين العالمين: الداخلي والخارجي.

ويرى بعض المختصين في الذكاء الاصطناعي وعلم النفس الرقمي أن ثمة تشابهًا كبيرًا بين مجاز "كهف أفلاطون" الفلسفي، وما يعيشه الملايين اليوم من إدمان الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي من حول العالم.

وترتكز الرؤى العلمية ومقارنات المختصين بين "كهف أفلاطون" و "مواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعي، على وصف الأخيرة بالكهف الذي يقبع فيه المستخدمون، فيما يُنظر إلى المحتوى المقدم من قبل خوارزميات الذكاء الاصطناعي على أنها "الظلال"، التي تعكس فقط جزءًا من الحقيقة؛ ما يرسخ لدى الأفراد تصورات مغلوطة عن الواقع؛ ما يُبقي بعض مُدمني الإنترنت في فقاعة معزولة، تتعزز تصوراتها المُزيفة عن الواقع، بما يُغذيه الكهف من صور افتراضية في أشكال متنوعة.

أخبار ذات علاقة

تعبيرية

دراسة: انخفاض الذكاء قد يضعف القدرة على السمع

"خوارزميات الإثارة"

في هذا السياق، يقول المهندس زياد عبد التواب، خبير الذكاء الاصطناعي وعضو المجلس الأعلى للثقافة، في تصريحات خاصة لـ "إرم نيوز" إن هناك علاقة وثيقة بين نظرية "كهف أفلاطون" وإدمان الإنترنت، قائلًا أن مجاز أفلاطون الفلسفي، قد يكون بمثابة تحذير غير مُباشر من  الانعزال العقلي وإدمان السير في اتجاهات معينة، وهي الفكرة التي تتجسد في تأثيرات منصات التواصل الاجتماعي، التي تقيد الأفراد داخل كهف ضيق من المعرفة والإدراك، على حد قوله.

ويُفسر علميًا بالقول "تعمل خوارزميات الذكاء الاصطناعي على وسائل وتطبيقات التواصل الاجتماعي، على زيادة الإثارة لدى المستخدمين حول العالم عن طريق تحفيز هرمون الدوبامين، بمحتوى يُعزز من مُعتقدات المستخدمين الافتراضية".

واختتم حديثه قائلًا: "عندما يخرج المستخدم من كهف منصات وتطبيقات التواصل الاجتماعي إلى العالم الخارجي، قد يواجه صدمة نفسية نتيجة لاختلاف الواقع عن التصورات التي تكونت لديه من الواقع الافتراضي، هذا التفاوت بين الواقع الافتراضي والعالم الحقيقي يُحدث اضطرابات في الوعي ويزعزع إدراك الأفراد بين الواقع الحقيقي والافتراضي.

أخبار ذات علاقة

برنامج الأطفال الكرتوني "كوكوميلون"

يسبب الإدمان ويحفز الدوبامين.. تحذيرات من برنامج الأطفال "كوكوميلون"

وفي ضوء هذه الرؤى، يبدو أن مجاز "كهف أفلاطون" لم يفقد بريقه على مدار أكثر من ألفي عام، بل أصبح أكثر صلة بالعصر الرقمي. فكما كان السجناء في الكهف يظنون أن الظلال هي الحقيقة، يجد المستخدمون اليوم أنفسهم محاطين بمحتوى افتراضي يُعيد تشكيل إدراكهم للواقع. ومن هنا، يؤكد الخبراء على أهمية الوعي الرقمي ومراجعة استخدام الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، كخطوة أساسية للخروج من "الظلال الرقمية" واستعادة التوازن بين العالم الافتراضي والحياة الحقيقية.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC