يصادف اليوم 25 يوليو ذكرى ميلاد الطبيب المصري محمد حلمي عام 1901 والذي خلدته الذاكرة الجماعية وكرمه "غوغل"، نظرا لما بدر منه من موقف أخلاقي وإنساني حين خاطر بحياته من أجل إنقاذ عائلة يهودية من المحرقة أثناء الحرب العالمية الثانية.
ولد محمد حلمي في السودان لأبوين مصريين وانتقل عام 1922 إلى برلين لاستكمال دراسة الطب، لكن الإقامة امتدت به حتى وفاته 1982 في برلين بعد أن تزوج وأنشأ أسرة هناك.
وأظهر الطبيب الشاب كفاءة بالغة وتم تعيينه بمعهد "روبرت كوخ"، لكن مع صعود هتلر إلى سدة الحكم وتطبيق سياسات الحزب النازي في الفصل العنصري، تبنى المعهد مقولة "نقاء الجنس الآري" وتم فصل حلمي من عمله.
حين بدأ النازيون في ترحيل اليهود إلى "معسكرات الموت" و"أفران الغاز" ضمن سياسات "المحرقة"، سارع إلى إنقاذ فتاة يهودية تدعى "آنا بوروز"، غيرت اسمها بعد انتهاء الحرب إلى آنا جوتمان، وآواها في كوخ يمتلكه على حدود برلين.
وتؤكد مصادر تاريخية أن المخاطرة كانت كبيرة وتهدد بإعدامه على يد البوليس السري النازي، "الجستابو"، حيث تم التحقيق معه أكثر من مرة وسُئل مرارا عما إذا كان يأوي يهودا، لكنه كان ينكر بثبات ويقدم "آنا " باعتبارها قريبته ومسلمة وتدعى "نادية".
وامتدت جهوده إلى إخفاء بقية العائلة اليهودية ومنهم والدة "آنا" وتدعى "جولي" وزوجها "جوروير" وجدتها لأمها "سيسليا رودنيك".
وحين وقع زوج الأم في قبضة "الجستابو" وأدلى أمام المحققين باعترافات مفصلة حول الكوخ الذي يمتلكه محمد حلمي ويخفي فيه اليهود، ظل الأخير ثابتا على موقفه وأنكر بكل قوة ما واجهته به السلطات من تهم مخيفة.
وفي تلك الأثناء، بذل الطبيب المصري قصارى جهده لإيواء العائلة في أماكن أخرى بديلة للكوخ ولم يرجعهم إليه، إلا بعد أن زال الخطر تماما.
وقالت "آنا" في مذكراتها التي نشرتها بعد الحرب: "لقد نجح في التهرب من كل تحقيقات الجستابو، لقد فعل دكتور حلمي كل شيء لأجلي بكرم شديد من القلب وسأظل ممتنة له إلى الأبد".
وتعد قصة الطبيب محمد حلمي نموذجا عمليا مدهشا في التعايش والتسامح وهو ما جعل "غوغل"، يحتفي بصاحبها ويتخذ من صورته شعارا مؤقتا له في ذكرى ميلاده.