وقعت وزارة الثقافة السورية، ومديرية الآثار والمتاحف، اتفاقاً مع مؤسسة الآغا خان؛ لترميم وتأهيل الحمام الأثري في مدينة سلمية "30 كم شرق حماة"، الذي يعود تاريخه إلى عام 64 قبل الميلاد.
ويعد الحمام القديم في مدينة سلمية من المعالم الأثرية المهمة، إذ يحتوي على نقوش وطرز معمارية، تنتمي إلى العصر الإغريقي والروماني القديم، إلى جانب العصر الإسلامي الأموي والعباسي.
تقول رئيس شعبة الآثار في المنطقة، لمى نعوس، لجريدة "الفداء"، بمناسبة توقيع الاتفاق: "في زوايا الحمام، نقوش كوفية بلا تاريخ، تدل على سوية عباسية واضحة، أما الأحجار المنقوشة بكيزان الصنوبر، فهي توقيع روماني لا تخطئه العين، يربط بين سلمية وذاكرة الإمبراطورية الرومانية القديمة".
وتظهر الآثار المنتمية إلى عصور متعددة أن هذا الحمام الأثري بني على مراحل، تركت كل منها بصمتها المعمارية المختلفة، على جدرانه وقناطره. وتضيف نعوس: "معالم العصر الأموي تظهر في الحنايا المثلثة، أما العصر الأيوبي فترك أثره على قباب الحمام المميزة، ليحمل هذا المكان أساليب مختلفة بدءا من العصر الإغريقي والروماني وصولاً إلى الإسلامي".
وكعادة أسلوب الرومان في بناء الحمامات، فإن بناء هذا الحمام الأثري ينقسم إلى "برّاني" و"وسطاني" و"جوّاني"، إضافة إلى "المستوقد"، وهو قلب الحمام حيث تسخن المياه الواصلة إليه عبر قصبات فخارية مخفية، موزعة وفق نظام هندسي مدهش.
وتؤكد رئيس شعبة آثار مدينة سلمية أن ميزة هذا الحمام الأثري تكمن في تكامل أقسامه، وإتقان بنائه، فهو يعكس السويّات الأثرية التي مرت بها المدينة، من الإغريق إلى العباسيين، ومن الرومان إلى الأيوبيين.
ومن المعروف أن الحمامات القديمة كانت تُتخذ كأماكن للثقافة واللقاءات الاجتماعية، وعزف الموسيقا ومناقشة الأفكار، انسجاماً مع أجواء التأمل التي تتيحها أبخرة المياه الساخنة، الموزعة عبر الأقنية بشكل هندسي عجيب.
ويوصل إلى الحمام درج حجري أثري، ينفتح على ردهة خارجية فيها ممرات توصل إلى أقسامه المختلفة، إذ تظهر معالم العصور التاريخية المتنوعة، كأن المكان يختزل تاريخاً كاملاً. وتقول رئيس شعبة الآثار: "رُمم الحمام عام 1920، ثم 1924، ومن المنتظر أن يؤدي ترميمه اليوم إلى جعله وجهة سياحية يقصدها الزوار من كل الأماكن".