اكتسحت السوريين موجة غضب عارمة، في الذكرى السادسة لرحيل "مغني الثورة" عبد الباسط الساروت، إثر اتهامه من قبل بعض الناشطين على السوشيال ميديا بـ"ضعف الموهبة" في الغناء وتواضع إمكانات الصوت.
وليست هي المرة الأولى التي يتعرض لها الساروت للانتقاد على صفحات السوشيال ميديا، فقد سبق للموسيقي اللبناني زياد سحاب أن استخدم مصطلح تواضع الموهبة، لوصف غناء الساروت، الذي كان ينشد غناء شعبياً يعبر عن مشاعر الثوار.
وردّ المحتفون بذكرى رحيل الساروت بأن تقييم الساروت كمطرب وموسيقي يشكل ظلماً لتضحياته الكبيرة خلال الثورة، فقد كان من أوائل المتظاهرين ضد النظام، وبأن النظر إليه كـ"ثائر" منطقي أكثر من اعتباره فناناً، خاصة أن أغنياته اليوم تعد جزءا من ذاكرة السوريين.
كما عُرف الساروت بلقب "حارس الثورة"، نظراً إلى شهرته الرياضية الكبيرة في كرة القدم، فقد كان حارس مرمى فريق الكرامة الحمصي، قبل أن تبدأ الثورة ويلتحق بصفوفها، ويشتهر بأغنياته الثورية التي استند فيها إلى ألحان الأغنيات الشعبية وألحانها بشكل ارتجالي.
وكتب أحد الناشطين على صفحته الشخصية أن النظر للساروت على أنه مطرب فيه تسطيح للقضية التي ناضل من أجلها، فهو لم يختر لقب "مغني الثورة"، بل منحه إياه الثوار، وأن هذا النوع من الفن ينشأ أثناء الأحداث الكبرى والثورات، ويفترض النظر إليه من هذا الجانب.
ومن أشهر أغنيات الساروت أغنية "جنة جنة"، و"سوريا جانا رمضان"، و"يا يمّا"، وقد بدأ بالغناء عام 2011، في ساحات حمص أثناء التظاهرات، ثم تطور أداؤه مع الوقت، وسجّل الأغنيات بتقنيات بسيطة.
ويعتبر محبو الساروت أن أغنياته تؤرخ للثورة السورية، بدءا من حصار المدن، إلى الصراع المسلح، ووقوع عدد كبير من الضحايا المدنيين، فقد غنى الساروت لكل تلك الحالات، ولذا فهي تكتسب قيمة توثيقية كبيرة.
وعاش الساروت الحصار في أحياء حمص لأكثر من سنتين، قبل أن يخرج في 2014 إلى ريف حمص الشمالي، ثم وصل إلى الشمال السوري وانضم إلى "جيش العزة" في عام 2018، وقاتل في صفوفه حتى قضى خلال المواجهات مع قوات النظام عام 2019.
ويحيي السوريون ذكرى الساروت في 8 مايو من كل عام، وتتجدد الأسئلة حول القيمة الفنية التي أضافها للأغنية السورية، ومقاييس الحكم النقدي الذي يجب اعتماده عند النظر إلى هذه التجربة الثورية الفريدة.
ويقول الكاتب مصطفى ديب، في مقال تناول تجربة الساروت، "أغنياته ستُستعاد كثيرا خلال السنوات القادمة، لأنها شكّلت وعياً جمعياً، عدا عن كونها ذاكرة وطنية، وتجربة فريدة من الأغنية السياسية السورية، لها خصوصية تكفل تمايزها عمّا سبقها وتلاها".
يذكر أن عبد الباسط ممدوح الساروت من مواليد كانون الثاني 1992، نشأ في حي البياضة بحمص، وهو أحد نجوم كرة القدم الشباب في سوريا، ولعب حارساً لفريق نادي الكرامة، ومنتخب سوريا، وفاز بلقب ثاني أفضل حارس مرمى في قارة آسيا، وتوفي بتاريخ 8 مايو 2019 متأثراً بجراح أصيب بها أثناء مواجهات مع النظام.