تُظهر التوقعات الأخيرة الصادرة عن مؤسسات بريتون وودز (الخاصة بالنظام المالي العالمي) أن أفريقيا جنوب الصحراء (الدول الأفريقية الواقعة جنوب الصحراء الكبرى) تستعد للحفاظ على آفاق نمو قوية في عام 2025، رغم حالة عدم الاستقرار الدولي التي تضغط على الاقتصاد العالمي.
وبحسب تقرير نشره موقع "جون أفريك"، عرض كل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، خلال اجتماعات الربيع السنوية، "رؤيتهما الحذرة" تجاه المنطقة.
ووصف صندوق النقد الدولي الوضع بأنه "تعافٍ متعثر"، بينما حذّر البنك الدولي من أن "الغموض يخيّم على الأفق".
وأكدت المؤسستان التأثير المستمر للصدمات العالمية المتعاقبة، بدءاً من جائحة كوفيد-19 وصولاً إلى الحرب في أوكرانيا، مع تفاقم الاضطرابات عقب انتخاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وأشار صندوق النقد الدولي إلى أن الأحداث الأخيرة أضعفت التعافي الاقتصادي الذي تحقق بشق الأنفس. فمنذ توليه المنصب، فرض ترامب رسوماً جمركية أعلى، وعلق المساعدات التنموية، وشكك في دور المؤسسات التنموية متعددة الأطراف.
وقالت كاثرين باتيلو، نائبة مدير إدارة أفريقيا في الصندوق، إن "مستوى عدم اليقين مرتفع للغاية، وإعداد التوقعات في هذا السياق يمثل تحدياً".
وقام كل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي بمراجعة توقعاتهما للنمو في المنطقة نحو الانخفاض.
ويتوقع الصندوق، الآن، أن ينمو اقتصاد أفريقيا جنوب الصحراء بنسبة 3.8% في عام 2025، و4.2% في عام 2026، بانخفاض قدره 0.4 و0.5 نقطة مئوية على التوالي.
أما البنك الدولي، فيتوقع نمواً أبطأ قليلاً بنسبة 3.5% في عام 2025، و4.3% للفترة 2026–2027. وشدد البنك الدولي على أن هذه المعدلات تظل غير كافية لتقليص الفقر بشكل كبير أو تلبية تطلعات المواطنين.
ورغم التباطؤ العام، من المنتظر أن تحقق عدة دول أداءً متميزاً، إذ من المتوقع أن تتصدر السنغال القائمة بمعدل نمو للناتج المحلي الإجمالي يبلغ 8.4% في 2025، رغم أن النمو سيتباطأ إلى 4.1% في 2026. كما يُتوقع أن تحقق كل من رواندا وغينيا نمواً قوياً بنسبة 7.1% العام المقبل.
في المجمل، يُتوقع أن تحقق 8 دول في أفريقيا جنوب الصحراء معدلات نمو تتجاوز 6% خلال عام 2025، وهي: بنين، وساحل العاج، والنيجر، وأوغندا، وإثيوبيا، وتنزانيا، وزامبيا، وزيمبابوي. ويعزى هذا الأداء إلى جهود التنويع الاقتصادي التي ساعدت هذه الدول على التكيف مع الصدمات العالمية.
في المقابل، تواجه الاقتصادات المعتمدة على الموارد الطبيعية آفاقاً أكثر صعوبة، إذ يتوقع صندوق النقد الدولي نمواً ضعيفاً في البلدان المعتمدة بشكل كبير على صادرات النفط، مثل أنغولا (2.4%)، والغابون (2.8%)، وغينيا الاستوائية التي يُتوقع أن يتراجع اقتصادها بنسبة 4.2%.
كما يُتوقع أن تسجل البلدان ذات الروابط التجارية القوية مع الولايات المتحدة نمواً ضعيفاً، مثل: جنوب أفريقيا (1%)، وليسوتو (1.5%)، وبوتسوانا (-0.4%)..
ومع ذلك، أوضحت باتيلو أن الأثر المباشر لزيادة الرسوم الجمركية الأمريكية على أفريقيا سيكون محدوداً، نظراً لأن معظم الصادرات الأفريقية إلى الولايات المتحدة، وأساسها النفط والمعادن، معفاة من الرسوم الجديدة.
وقد تتأثر القارة بالتداعيات غير المباشرة الناتجة عن الاضطراب العام في حركة التجارة العالمية.