الجيش الإسرائيلي: استعدنا خلال "عربات جدعون" 10 جثامين لإسرائيليين كانوا محتجزين في غزة

logo
اقتصاد

"حذف الصفرين".. عقبات "جمة" أمام الليرة السورية بنسختها الجديدة

"حذف الصفرين".. عقبات "جمة" أمام الليرة السورية بنسختها الجديدة
الليرة السوريةالمصدر: (أ ف ب)
24 أغسطس 2025، 5:12 ص

رأى خبراء أن خطة سوريا لإطلاق عملة جديدة وحذف صفرين منها، تزامناً مع ذكرى سقوط الرئيس السابق بشار الأسد، تمثل خطوة حساسة لها انعكاسات مالية ومصرفية واسعة.

ويُتوقع أن تؤثر تلك الخطوة على أرصدة العملاء في البنوك، حيث تتطلب إعادة برمجة شاملة للأنظمة البنكية، إلى جانب احتمال حدوث ارتباك في السوق خلال فترة التداول المزدوج بين العملتين.

ويُطرح كذلك تساؤل حول تأثير هذه الخطوة على قيمة الليرة السورية المتراجعة، خاصة في ظل الحديث عن أن الشركة المسؤولة عن طباعة العملة الجديدة هي "غوزناك" الروسية، التي سبق أن طُبعت على يديها أوراق نقدية مثيرة للجدل، ما يثير مخاوف حول موثوقية الجهة المنفذة وطبيعة التعاقد.

إصلاحات نقدية

وقال الأكاديمي والخبير الاقتصادي الدكتور زياد أيوب عربش، إن حذف الصفرين من العملة إجراء لا ضرورة له حالياً، مشدداً على أن على مصرف سوريا المركزي أن يوضح هذا الأمر بشكل عاجل عبر وسائل الإعلام، بهدف تحقيق الحشد والتهيئة المجتمعية.

وبيّن في حديثه لـ"إرم نيوز"، أنه دون إصلاح هيكلي نقدي ومصرفي ومالي وحوكمة شاملة للمسار الاقتصادي، فإننا سنشهد استمراراً في المضاربات بين الدولار والليرة، واستمراراً في استبدال الليرة السورية المُهرّبة والموجودة في دول الجوار بالدولار، ما سيؤدي إلى ارتفاع إضافي في الأسعار.

وأضاف أنه بعد تاريخ 8 ديسمبر/ كانون أول المقبل، ستكون الكتلة النقدية بكاملها معروفة، إلا أن التساؤل الأهم هو: ماذا بعد؟ إذا لم يكن للمصرف المركزي اليد العليا على جميع المؤسسات المالية والمصرفية، سواء القديمة منها أو المستحدثة، وفي كامل الجغرافيا السورية، فإن السيطرة النقدية ستظل منقوصة.

وأوضح الخبير أن طبع العملة الجديدة بهدف إزالة صورة الرئيس السابق عن فئة الألفي ليرة أمر ضروري من الناحيتين الأخلاقية والفنية، مؤكداً في الوقت نفسه أهمية طبع فئات أكبر مثل العشرة آلاف والخمسة وعشرين ألف ليرة سورية.

واعتبر أن حذف الأصفار من العملة، إجراء اقتصادي اتبعته العديد من الدول لمواجهة التضخم المفرط، إذ يساهم في تبسيط العمليات المالية، وتسهيل المعاملات اليومية، وتقليل تكلفة طباعة العملة وتداولها، لكنه لا يُعد حلاً جذرياً لمشكلة التضخم.

واستشهد عربش بتجارب دولية سابقة مثل البرازيل، تركيا، وزيمبابوي، التي أقدمت على إزالة الأصفار من عملاتها، مشيراً إلى أن تلك الخطوة لم تكن كافية بمفردها، لكنها ساهمت في تعزيز الثقة بالعملة الوطنية عندما اقترنت بإصلاحات اقتصادية هيكلية شاملة.

حالة من الإرباك

وفي تصريحات إعلامية، اعتبر كرم شعار، المستشار لدى الأمم المتحدة، أن تغيير الأوراق النقدية التي تحمل صورة الأسد تحول سياسي ضروري، لكنه حذر من أن إعادة تقييم العملة قد تتسبب في إرباك المستهلكين، وخصوصاً كبار السن.

وأضاف أن سوريا يمكنها بدلاً من ذلك إصدار فئات أعلى من العملة الحالية، مثل أوراق نقدية من فئة 20 ألف ليرة أو 50 ألف ليرة، ما قد يحقق أهدافاً مشابهة لتسهيل التعامل النقدي وتخزينه، مع تجنب الكلفة العالية لتغيير العملة بالكامل، والتي قد تصل إلى مئات الملايين من الدولارات.

وبالنظر إلى الوضع الاقتصادي الحالي في سوريا، حيث تواصل الليرة فقدان قيمتها في ظل تدهور اقتصادي عام، أوضح عربش أن إزالة الأصفار قد تُحسّن الصورة الذهنية للعملة الوطنية وتُبسّط الحسابات الحكومية والتجارية، إلا أنها تتطلب بالضرورة دعماً بإصلاحات مالية وتشريعية لمحاربة التضخم وتعزيز الاستقرار الاقتصادي بفعالية.

وأشار الخبير إلى أن السؤال المركزي هو: "هل سيتمكن المصرف المركزي من مراقبة الكتلة النقدية الورقية بعد استبدال العملة؟".

أخبار ذات علاقة

الليرة السورية

العملة المزدوجة.. انتعاش الليرة التركية في سوريا وسط "استقرار كارثي"

وأكد على وجود ميزة مهمة في هذه الخطوة، إذ من المتوقع أن تُجبر الأموال المهربة إلى الخارج، إضافة إلى المدخرات غير المستخدمة، أصحابها على إدخالها في العملية المصرفية من أجل استبدالها، هذا سيمكن مصرف سوريا المركزي من حصر الكتلة النقدية (M1+M2+M3) ومتابعتها بعد التبديل لضمان بقائها ضمن النظام المصرفي الرسمي وعدم خروجها مجدداً إلى السوق السوداء أو التداول غير النظامي.

استعادة الثقة 

في هذا الإطار، صرّح مصرف سوريا المركزي بأنه، وفي سياق جهوده الرامية إلى تحديث البنية النقدية وتعزيز كفاءة أنظمة الدفع والتداول، يعمل على إعداد خطة متقدمة لطرح عملة جديدة صُممت وفق أعلى المعايير الفنية المعتمدة لدى المصارف المركزية حول العالم.

وأكد المصرف أن هذه الخطوة تأتي ضمن برنامج إصلاحي أوسع يهدف إلى تعزيز الثقة بالليرة السورية، وتسهيل المعاملات اليومية، ودعم الاستقرار المالي في البلاد.

وأوضح المصرف أن هذا الإصدار الجديد يُعد إجراءً فنياً وتنظيمياً ضمن السياسة النقدية، ولا يرتبط بأي تغيير في الكتلة النقدية أو توجهات تضخمية، بل يهدف إلى تعزيز فعالية أدوات إدارة النقد بما يخدم الاستقرار العام.

وأكد المصرف أنه سيتم إدخال العملة الجديدة إلى التداول بشكل قانوني وفق أحكام قانون مصرف سوريا المركزي رقم 23 لعام 2002، موضحاً أن الكميات المطبوعة ستكون مدروسة بعناية وتتناسب مع حجم الاقتصاد الوطني، وضمن الحدود المعتمدة للسياسة النقدية القائمة.

مشكلة التوقيت

بدوره، أشار المحلل الاقتصادي وأستاذ الإدارة المالية الدكتور فراس شعبو إلى أن تغيير العملة في أي دولة يُعد إجراءً بالغ الحساسية والتعقيد، وهو أمر ضروري في الحالة السورية، لكن الإشكالية الأساسية تكمن في التوقيت.

وأوضح المحلل الاقتصادي في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن الدول التي غيّرت عملاتها أو حذفت أصفاراً منها، عادة ما فعلت ذلك بعد مسار طويل من الإصلاح الاقتصادي استمر لخمس إلى 7 سنوات على الأقل، ليأتي التغيير كتتويج لذلك المسار، بينما في الحالة السورية، يبدو أن التغيير يُطرح كمدخل للإصلاح وليس نتيجة له.

وبيّن شعبو أن العملة هي مرآة للاقتصاد، فإذا كان الاقتصاد قوياً، ستكون العملة قوية أيضاً، مشيراً إلى تحديات كبيرة في الموعد المقترح للتغيير، من بينها صعوبات لوجستية وفنية تتعلق بعملية الطباعة، وتوزيع العملة، وتنظيمها، وتوريدها، مشيراً إلى أن الصرافات في سوريا اليوم شبه معطلة، وآليات السحب والإيداع ضعيفة للغاية.

مصرف سوريا المركزي

وأكد أن أي عملية استبدال عملة تحتاج إلى وقت بسبب جملة من التحديات، على رأسها التأثير المحاسبي على أرصدة البنوك، وكيفية إعادة تسعير القروض، وتنظيم الموازنات في نهاية العام، والتعامل مع الآثار المحاسبية المترتبة على رؤوس الأموال والمخصصات، ما قد يؤدي إلى خلق بلبلة حقيقية في السوق.

وحذّر من تحدٍّ سلوكي رقابي، إذ إن دخول العملة الجديدة إلى التداول مع بقاء العملة القديمة لفترة انتقالية سيخلق حالة من الإرباك والتلاعب في السوق، وربما يؤدي إلى فقدان الثقة بالعملية النقدية، مضيفاً أن هذا الأمر يتطلب تشريعاً واضحاً يحدد آلية التحويل، والمدة الزمنية المعتمدة، والالتزامات، وحجم أو كمية التحويل المسموح بها لكل فرد أو شركة.

سعر الصرف وتضييق الفجوة

وأشار شعبو أيضاً إلى تحدٍّ مالي مهم، وهو الفارق الكبير بين سعر الصرف الرسمي وسعر الصرف الموازي، والذي يصل إلى نحو 30%، وهو رقم مرتفع جداً، مشدداً على ضرورة العمل على تقليص هذه الفجوة قبل المضي في تغيير العملة، لما في ذلك من تأثير مباشر على جدوى العملية.

ونبّه شعبو إلى تحديات تتعلق بالجغرافيا السياسية في سوريا، لا سيما في مناطق "قسد" أو مناطق الشمال الواقعة تحت السيطرة التركية، والتي لا يتم فيها تداول الليرة السورية، بل تعتمد على الليرة التركية والدولار، ما يطرح تساؤلات جدية حول كيفية معالجة هذا الواقع.

أخبار ذات علاقة

الليرة السورية

حاكم مصرف سوريا: العملة الجديدة ذات مواصفات عالية ومضادة للتزوير

وفي سياق متصل، ذكر مصرف سوريا المركزي أن الأوراق النقدية الجديدة ستُطبع لدى مصدرين أو ثلاثة مصادر دولية موثوقة، باستخدام أحدث التقنيات المضادة للتزوير، بما يُعزز موثوقية التداول ويحمي حقوق المتعاملين. وأكد المصرف أن الكميات المطبوعة ستكون مناسبة لحجم الاقتصاد السوري ولن تتسبب في ضغوط تضخمية.

وكشف شعبو أن هناك حديثاً عن شركة "غوزناك" الروسية باعتبارها واحدة من الشركات المحتملة لطباعة العملة السورية الجديدة، لكنه أشار إلى وجود معلومات تفيد بوجود خلل في أداء هذه الشركة، ورغم ذلك، أكد حاكم مصرف سوريا المركزي أن التعاقد سيتم مع ثلاث شركات مختلفة دون تحديد جنسياتها، لتفادي احتكار الطباعة من جهة واحدة فقط.

واختتم المصدر قوله، بالإشارة إلى ما نشرته وكالة "رويترز" من أن الشركات الروسية ستكون مسؤولة عن الطباعة، معتبراً ذلك مبرراً نظراً لأن الشركات الروسية هي الوحيدة التي لا تزال مستعدة للتعامل مع الحكومة السورية، في ظل العقوبات الدولية المفروضة، وقد تكون تلك الشركات قد قبلت الطباعة رغم القيود الدولية المفروضة على دمشق.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC