وزير الإعلام اللبناني: الجيش سيباشر تنفيذ خطة بسط سيادة الدولة وفق الإمكانات المتاحة والمحدودة
تفجّرت أزمة الرواتب بين الحكومة العراقية الاتحادية وإقليم كردستان مجددًا، بعد إعلان وزارة المالية قطع التمويل عن الإقليم.
وقالت وزارة المالية العراقية إن حكومة إقليم كردستان تجاوزت حصتها المحددة في قانون الموازنة، والمقدّرة بـ12.67%، موضحة أن الصرف الفعلي وصل إلى أكثر من 13.5 تريليون دينار.
واعتبرت الوزارة أن هذا الخرق المالي يمنعها من الاستمرار في إرسال أي مبالغ إضافية، ما دفعها لإيقاف التمويل ابتداءً من رواتب شهر مايو الجاري.
وأثار القرار ضجة واسعة في الأوساط الكردية، حيث اعتبرته الأحزاب استهدافًا سياسيًا للإقليم، فيما لوّح الحزب الديمقراطي الكردستاني بالانسحاب من العملية السياسية في حال استمرار ما وصفه بـ"العقوبات الجماعية" ضد شعب كردستان.
من جهته، قال عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني، وفاء محمد، إن "الحزب يرى أن قرار وزارة المالية بإيقاف رواتب موظفي الإقليم خطوة غير إنسانية تمسّ، بشكل مباشر، شريحة واسعة من المواطنين، خاصة ذوي الدخل المحدود، الذين ينتظرون رواتبهم لتأمين احتياجاتهم الأساسية، والاستعداد لعيد الأضحى أسوة بباقي أبناء الشعب العراقي".
وأضاف محمد لـ"إرم نيوز" أن "القرار لا يُفهم إلا في سياق سياسي بحت، ويُعد انتهاكًا صارخًا للدستور، والاتفاقيات المالية الموقعة بين بغداد وأربيل، ويتناقض مع مبدأ الشراكة الذي يفترض أن يحكم العلاقة بين الطرفين داخل الدولة الاتحادية".
وما زاد من حدّة الضجة والغضب، أن قرار إيقاف الرواتب جاء بعد أيام قليلة من توقيع حكومة إقليم كردستان عقودًا إستراتيجية مع شركات أمريكية في مجال الغاز والبنى التحتية، خلال زيارة رئيس الحكومة مسرور بارزاني إلى واشنطن، وتضمنت الاتفاقات تطوير حقلي "ميران" و"توبخانه" الغازيين في السليمانية، إلى جانب مشاريع بنى تحتية تتجاوز قيمتها الإجمالية 110 مليارات دينار، دون تنسيق مسبق مع الحكومة الاتحادية.
واعتبر مراقبون أن توقيت القرار الاتحادي يعكس رسالة سياسية مبطّنة من بغداد إلى أربيل، مفادها أن التحرك الانفرادي في ملفات حساسة كقطاع الطاقة قد يترتب عليه ثمن مالي باهظ، خاصة إذا ارتبط بجهات خارجية دون علم المركز.
اجتماع عاجل
وردًا على ذلك، دعا زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود بارزاني، إلى اجتماع موسّع للأحزاب الكردية في أربيل بهدف بحث تداعيات القرار الاتحادي، وتوحيد الموقف السياسي، إلا أن بعض الأحزاب قاطعت الدعوة، من بينها: الجيل الجديد، وتيار الموقف، وجبهة الشعب، والاتحاد الإسلامي الكردستاني، بينما غاب بارزاني عن الاجتماع، الذي مثّله فيه هوشيار زيباري.
بدوره، رأى الباحث في الشأن السياسي، عماد محمد، أن "أزمة الرواتب الأخيرة كشفت هشاشة العلاقة بين بغداد وأربيل، وأظهرت أن الخلافات المالية ما زالت تُدار بمنطق رد الفعل، لا وفق رؤية دستورية واضحة".
وأوضح محمد في حديث لـ"إرم نيوز"، أن "الحكومة الاتحادية أخطأت حين اتخذت قرارًا مصيريًا بهذا الحجم في توقيت حساس اجتماعيًا وسياسيًا، دون توفير بدائل أو التدرّج في المعالجة، لكن القيادة الكردية تتحمل كذلك جزءًا من المسؤولية، بسبب إدارتها الأحادية لملف النفط والغاز، وإبرامها عقودًا خارج الأطر الاتحادية، ما يعمّق الفجوة القائمة، ويُضعف موقف الإقليم أمام المركز".
وأشار إلى أن "الرهان على التصعيد المتبادل لن يخدم أي طرف، بل سيزيد من تأزيم الوضع العام، ويهدد بثقة المواطن في مؤسسات الدولة الاتحادية والإقليمية على حد سواء".
وقالت وزارة المالية في حكومة إقليم كردستان، إن احتساب الإيرادات من قبل الحكومة الاتحادية تم بطريقة تخالف بنود قانون الموازنة وقانون الإدارة المالية، مشيرة إلى أن بغداد تجاهلت تكاليف الاستخراج والنفقات التشغيلية للنفط المنتج في الإقليم، وكذلك الالتزامات المحلية المرتبطة بتوليد الطاقة الكهربائية والاستهلاك الداخلي.
وأكدت الوزارة أن الإيرادات المتأتية من بيع النفط والإيرادات غير النفطية صُرفت لتغطية العجز في الرواتب والنفقات التشغيلية، بعد أن امتنعت الحكومة الاتحادية عن إرسال التمويل اللازم بشكل كامل ومنتظم.
ومع حلول الموسم الانتخابي، تأخذ القضية بعدًا آخر، وسط اتهامات متبادلة بين بغداد وأربيل باستخدام ملف الرواتب كورقة ضغط سياسية، ومحاولة الاستثمار في معاناة الموظفين لتعزيز المكاسب الانتخابية.